مدار الساعة - حاوره: عبدالحافظ الهروط
ان تحاور الوزير الاسبق محمد خير مامسر، يعني انك تمشي في حقل ألغام، وقد اعتدت شخصياً على هذا معه في لقاءات سابقة، اما في اللقاء هذا، فإنني لم اكن فيه على قدر الشجاعة المهنية التي يريدها "ضيفنا".
مامسر الرجل العصامي لا يقبل التطويع، ولكنه يعشق التطوع للوطن والعمل الى درجة التصوّف، وقد عبّر عن شعوره عندما تسلم الحقائب الوزارية، بمقولة " كنت اشعر بوجع القلب وراحة الرأس عند النوم وانا احمل حقيبة وزارة التنمية الاجتماعية"، ولكنني "كنت اشعر بوجع القلب ووجع الرأس معاً عند النوم وانا احمل حقيبة وزارة الشباب والرياضة، لأن هناك من كان يوقظني آخر الليل".
وقال: كل شيء قابل للنشر، إلاّ هذه المسالة، وتالياً نص حوار مامسر و"مدار الساعة":
- أي تنشئة بدأت بها خطواتك الأولى؟
- حفلت مرحلة الخمسينيات بالعمل الحزبي، أين كنت من هذا العمل؟
- تسلمت مسؤوليات عديدة وكنت دائماً في خلافات مع اصحاب القرار؟!
اختلفت مع بعض المسؤولين لاتخاذهم قرارات خاطئة او ظالمة، حدث هذا في اثناء عملي في عدد من الجامعات ووزارتي التنمية والشباب، وفي مواقع اخرى.
مثل تلك الاخطاء، والظلم الذي يلحق بالناس الابرياء كان وراء تقديم استقالاتي، ‘فإما ان تكون مسؤولاً لك قرارك العادل وتكون قادراً على النهوض بوزارتك او جامعتك او مؤسستك، والا قدّم استقالتك.
- كيف جئت وزيراً؟
ذهبت ذات يوم الى مزرعتي في مادبا، وأثناء عودتي لإعطاء محاضرة في كلية التربية الرياضية بالجامعة الاردنية مرتدياً "الفوتيك" جاء مراسل يخبرني باتصال هاتفي، فقلت اخبره "عندي محاضرة" الا ان المراسل رد بهمس: "الدكتور عبدالسلام المجالي يطلبك ضروري" واذ به يقول "خلال ساعة تكون في الديوان الملكي" .
قلت للطلاب "يا شباب صرت وزير" وذهبت الى البيت لتغيير ملابسي وطلبت من اسرتي عدم التحدث في هذا الموضوع الى ان تشاهدوني على التلفزيون اًؤدي القسم".
وما ان وصلت الديوان حتى بادرني رئيس الحكومة المجالي " لا تفكر انك جاي وزير شباب.. انت وزير تنمية اجتماعية".
- وزارة التنمية كيف وجدتها؟
كانت تمر الوزارة في مرحلة حرجة، دفعت بالراحل الحسين رحمه الله ان يفتح منزله للأطفال الذين لا أُسر لهم، وحتى ننهض بالوزارة كنت والموظفون في زيارات ميدانية للتعرف على الشرائح الفقيرة واماكنها واسبابها، وعملت تقريراً اسبوعياً عن العمل وكيفية حل المشكلات.
المجتمع الاردني طيّب وفيه الخير، فهناك من كان يقدم الخير والدعم بإسم "فاعل خير " واستطيع القول اننا نجحنا في معالجة مشاكل اسر كثيرة، سواء، بالدعم الشهري او الدعم للتشغيل.
- ووزارة الشباب ؟
جيء بي للتحضير للدورة العربية التاسعة "دورة الحسين" 1999 في وقت ضيق جداً من بدئها، ومع ذلك كانت انجح دولة عربية نظمت فقد شاركت فيها جميع الدول الشقيقة ولأول مرة، رغم الظرف السياسي والانشقاق العربي، كما حقق الاردن اكبر عدد من الميداليات في تاريخ مشاركاته، مع انني قدمت استقالتي قبل انطلاق الدورة اذ لم امكت في الوزارة اكثر من 120 يوما، ولست نادماً.
- عُرفت بالوضوح وشجاعة الكلمة، أي موقف كنت فيه أكثر جرأة؟
طلبني الراحل الحسين، وكان يشعر بالمرض الذي داهمه، وقال : يا مامسر كيف ترى الوضع في الأردن؟
قلت : "يا سيّدي ارجو الا تزعل"؟ قال : لن ازعل، انا طلبتك لأسمع منك.
قلت: هذا النظام لا يختلف عليه الاردنيون، وللحفاظ عليه، يجب ان لا يكون هناك اقصاء او تخوين لأحد.
فقال: اكمل ؟
قلت : ان من يطعن بوطنيتهم من رجال المعارضة، ومن قبل جهات رسمية، هم اصدق واخلص للنظام وللوطن من "بعض البطانة"
قال : ماذا افعل؟ أأضع وراء كل مسؤول مسؤولاً و و و!!
- أي رؤساء الوزارات لهم قدرة على اتخاذ القرار ؟
كل رئيس وزراء له قدرة على اتخاذ قرار، ولكن هناك قرارات صعبة وتُتخذ بالحكمة والفكر، المرحوم وصفي التل، والمرحوم هزاع المجالي، واحمد عبيدات ومضر بدران وعبدالرؤوف الروابدة.
وصفي التل اطلق طاقات الشباب في مختلف المجالات وكان لي شرف ولآخرين الاشراف على معسكرات الحسين للعمل والبناء، مثلما كان رحمه الله يتميز بالعمل الميداني والفكر والقرب من الشعب.
- كيف ترى تشكيل الحكومات؟
تُشكل على اساس المعارف والعلاقات الشخصية وليس لاعتبارات الكفاءة والخبرة في التخصص، والدليل على فشل التشكيل، التعديلات الكثيرة.
- ماذا تقول عن الحركة الشبابية والرياضية؟
العمل النظري لا يصنع حركة شبابية، لأن اصل هذه الحركة، هي تلبية الحاجات واشباع الغرائز، اضافة الى ان الحركة عادة ما تكون في الميدان، هذا لا يعني ان لا يكون للشاب او الشابة فكر ثقافي، فهو جانب اساسي في التنمية الشبابية، ولكن ليس بالتلقين والمعلومات الضحلة.
العمل الشبابي يجب ان يكون شاملاً لقطاع الشباب وليس مقصوراً على فئة او شريحة، ومبادرة هنا ومبادرة هناك، مع تقديري لبعض المبادرات المجتمعية والقائمة على التشغيل.
اما الحركة الرياضية، فإنني ارى ان اصلاحها صعب لأمور كثيرة تتعلق بالادارات والكوادر والاكلاف المالية، مع ان المرافق متوافرة مقارنة بالعقود الماضية.
- ماذا عن الاردن؟
المشاركة في الدورات المدرسية والدورات العربية ومواصلة دراستي الجامعية والدراسات العليا شكلت لدي مخزوناً فكرياً قبل ان تتعزز بالحياة الاكاديمية كمدرس وعميد كلية ونائب لرؤساء جامعات وعضو مؤسس في جامعات اخرى ثم الانتقال الى الحياة الوظيفية كأمين عام في وزارة الشباب ووزيراً ورئيساً للجنة الاولمبية، كلها أثْرت حياتي وأثّرت فيها.
- من لهم فضل بعد الله عليك؟
خليل السالم وذوقان الهنداوي وراضي عبدالهادي وممدوح خورما وابراهيم نسيبة ومنير عمر، وسليمان الطوبل واسحاق الفرحان وعدنان بدران وكامل العجلوني، هؤلاء وآخرون، وقفوا الى جانبي وتأثرت بهم خلال مراحل مسؤولياتهم في وزارة التربية او الجامعات.
ملاحظة : السؤال الذي تحّفظ عليه وطلب عدم نشره، كيف تعرّفت على شريكة حياتك "ام نارت" ؟ فاكتفى باجابة " تزوجتها عن حب".