انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

مدفع رمضان في إربد.. منبهٌ صَمَدَ أمام التكنولوجيا

مدار الساعة,أخبار الأردن,اخبار الاردن
مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/17 الساعة 10:25
حجم الخط

مدار الساعة - لاتخلو ذاكرة «ربداوي» من جيل الثلاثينيات وحتى السبعينيات من مشهد وصوت مدفع رمضان الذي كان قابعا على قمة تل اربد موجها فوهته الى الجنوب لان عروس الشمال كانت هناك قبل ان ترخي جدائلها وتتمدد بالاتجاهات الاربعة.

وعلى التل كانت دار السرايا التي تحولت فيما بعد الى سجن، وأصبحت قبل سنوات متحفا اسمه متحف دار السرايا واتخذت دائرة الاثار من غرفة ذات الطابقين مكاتب لها.

ويذهب الروائي هاشم غرايبة بذاكرته الى نهاية الخمسينيات متذكرا دفء حياة الاربديين بكل فسيفسائيتها العتيقة الجميلة ومنها مدفع رمضان.

ويقول انه كان طفلا في نهاية الخمسينيات وكان وأقرانه يصعدون الى أسطح منازلهم لرؤية مدفع رمضان على تل اربد كل يوم من أيام رمضان، كان المشهد نفسه يتكرر.

الشيخ سليمان إمام مسجد إربد الكبير، رحمه الله، يعتلي المئذنة، وما أن يفعل ذلك حتى نصرخ «هيّو طلّ هيّو طلّ» ثم يدور الشيخ في شرفة المئذنة دورة كاملة ويمد يده إلى جيبه ليخرج ساعة، ينظر فيها، ثم يضع يده على أذنه استعدادا للأذان، فتكون تلك إشارة للمدفعجي كي يضرب.

ويضيف غرايبة إن أولاد الحارة اعتادوا أن يحملوا معهم الحجارة الصغيرة أو حبات القضامة حتى يلقوها على الأرض من على أسطح المنازل مقلدين مدفع الإفطار.

ومدفع رمضان حول الصورة في الاذهان من المدفع كأداة حرب ودم الى مدفع كأداة فرح في نفوس الكبار ومرح في نفوس الاطفال ويبث عبر ترددات صوته فرحا عارما في نفوس الناس الذين كانوا يعتبرونه رفيق درب لرمضان وصديقه الصدوق.

وبالرغم من اختلاف الروايات حول أصله وبداياته فان ثمة مصادر تاريخية تشير إلى أن السلطان المملوكي خوشقدم أراد في أول يوم من رمضان عام 1454م أن يجرب مدفعا جديدا أُهدي إليه، فأطلق القذيفة وقت الإفطار، فظن الناس أن السلطان تعمد ذلك لتنبيه الصائمين إلى أن موعد الإفطار حان، وعندها قرر السلطان المضي في إطلاق قذيفة مدفع كل يوم في الموعد نفسه إيذانا بالإفطار، ثم أضاف بعد ذلك مدفعي السحور والإمساك.

رواية ثانية تقول إن ذلك حدث في عهد الخديوي إسماعيل، الذي حكم ما بين 1863 و1869 حيث كان جنود يقومون بتنظيف أحد المدافع، فانطلقت منه قذيفة في وقت أذان المغرب في أحد أيام رمضان، فظن الناس أن الحكومة اتبعت تقليدا جديدا للإعلان عن موعد الإفطار، الحاجة فاطمة ابنة الخديوي سمعت بما حدث فأعجبتها الفكرة وأصدرت فرمانا بإطلاق المدفع عند الإفطار والإمساك وفي الأعياد الرسمية، ومنذ ذلك الوقت والمصريون يعرفون مدفع الإفطار باسم مدفع فاطمة.

لكن الرواية الأكثر تداولا هي تلك التي تعزو الأمر إلى عهد محمد علي باشا الكبير الذي حكم مصر ما بين 1805 و1848، فقد حدث أن أحد قادة الجيش كان يختبر مدفعا فوق قلعة القاهرة، وحين أطلق المدفع كان ذلك بالتزامن مع أذان المغرب في رمضان.

وفي العاصمة عمّان، ظل المدفع جزءا من التقليد العثماني رابضا على جبل القلعة من 1903 حتى عام 1916، عندما تعطل العمل به.. في الثلاثينيات، أعاد الملك عبد الله الأول المدفع إلى جبل القلعة.

المدفع القديم، الذي كان ينقل على عجلات خشبية، نقل إلى المتحف العسكري في صرح الشهيد قرب دوار المدينة الرياضية.

ويذكر أبو الامين كيف انه وأولاد الحارة والحارات المجاورة كانوا يعتلون الأماكن العالية لمشاهدة مئذنة الجامع الحسيني التي كانت تضاء تزامنا مع أذان المغرب وانطلاق مدفع الإفطار من فوق جبل القلعة. وهو ما زال يذكر كيف كان يرى الجنود يتراكضون قبيل الإفطار تحضيرا لإطلاق المدفع؛ فقد كان الجيش وما يزال مسؤولا عن المدفع بالتنسيق مع الجهات المشرفة على مدينة عمان.

لكن هذا لم يمنع أن قام مدنيون أحيانا بإطلاق المدفع لا سيما أنه لا يشكل خطرا، فقد توقف استخدام الذخيرة الحية في الإطلاق منذ العام 1859، واستعيض عنها بذخيرة صوت.

والحال ذاته في اربد التي اعادت بلديتها في شهر رمضان من العام 2006 المدفع الذي صمد أمام التكنولوجيا مرة اخرى، واعدت حفل اطار على تل اربد حيث كانت احضرت المدفع الذي نقشت عليه صرخات الاطفال الفرحين بسماع صوته والمدفعجي الذي اوكلت اليه مهمة حشو فوهته.

الراي

مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/17 الساعة 10:25