انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة شهادة جاهات واعراس الموقف مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

يوم هاجمت جمانة غنيمات تعيين سلامة حماد وزيراً للداخلية: المصنع معطل وتكاد تكون مهترئة مكائنه

مدار الساعة,أخبار الأردن,اخبار الاردن
مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/13 الساعة 00:31
حجم الخط

مدار الساعة - رصد - استذكر أردنيون مقالاً سابقاً لوزيرة الإعلام الحالية جمانة غنيمات انتقدت فيه "اتكاء الدولة على الجیل القدیم من المسؤولین لأداء الأدوار الصعبة"، واعتبرت أنه "إقرار طوعي واضح بأنها (الدولة) عجزت عن خلق كفاءات جدیدة، وقیادات قادرة على إدارة أمرنا وتدبره. وآخر الأمثلة الكثیرة على ذلك، وزیر الداخلیة الجدید سلامة حماد، الذي أعید إلى الخدمة العامة وهو في عقده السابع؛ أطال الله عمره، ومتعه بالصحة والعافیة".

مقال غنيمات، التي جاءت بتاريخ 20 مايو 2015 حملت عنوان "نخب لأجل المستقبل"، وجاء فيها.

لیس لدي اعتراض على المسؤولین كبار السن؛ فـ“الدهن بالعتاقي“ كما یقول المثل الشعبي. ْ

لكن ّ ثمة سؤال ملح هنا: لماذا كلما تأزم موقف، واحتاجت الدولة إلى مسؤول ”جدید“ ذي اسم ّ ثقیل، عادت إلى شخصیات تخرجت من مصنع النخب الأردني قبل عقود طویلة؟

ّ سؤال آخر، ملح أیضاً، وهو: ماذا حل لذاك المصنع؛ ولماذا تعطلت ماكینة ویرتبط بهذا حكماً إنتاج النخب في الأردن، بحیث یكون المسؤول ”الجدید“ لیس إلا مسؤولاً عتیقاً معتقاً، ولا نقول قدیماً؟

لا أدري من یملك جوابا حقیقیا شافیاً عن السؤال الذي یطرحه الشباب خصوصاً، وهم الذین یشكلون 60 % من المجتمع، بشأن دورهم وحجم مشاركتهم، طالما أن البحث دائم مستمر في القوائم القدیمة التي تضم أسماء نخب وشخصیات أیام زمان.

اتكاء الدولة على الجیل القدیم من المسؤولین لأداء الأدوار الصعبة، هو إقرار طوعي واضح بأنها (الدولة) عجزت عن خلق كفاءات جدیدة، وقیادات قادرة على إدارة أمرنا وتدبره. وآخر الأمثلة الكثیرة على ذلك، وزیر الداخلیة الجدید سلامة حماد، الذي أعید إلى الخدمة العامة وهو في عقده السابع؛ أطال الله عمره، ومتعه بالصحة والعافیة.

ومن نافلة القول التأكید على أن الحدیث هنا لیس تعبیراً عن موقف من شخص الوزیر حماد وأقرانه، بل یبقى ضروریا حتما الاستفادة من مسؤولي الحقب السابقة، واللجوء إلیهم للاستعانة بخبراتهم في الأزمات، أو في أي موقف یحتاج فیه البلد إلیهم. أما الأهم، وجوهر المسألة هنا، فیتمثل في تأمین مستقبل الأردن، عبر صیانة وتفعیل مصنع إعداد النخب المحترفة، بحیث يخرج لنا كفاءات أردنیة قادرة على إدارة البلد وحمایته مستقبلاً ودوماً.

إذ للأسف، یبدو هذا المصنع معطلاً، وتكاد تكون مهترئة مكائنه التي یُفترض أنها تتوزع على أكثر من مستوى ومؤسسة. أما الانقلاب على هذا الواقع وإعادة بث الحیاة في المصنع المهمل، ربما منذ منتصف تسعینیات العقد الماضي، فیحتاجان إلى قرار وإرادة، لأن العطب الحالي هو نتیجة عودة الدولة خطوات عن طریق الدیمقراطیة، وأخذها البلد باتجاه قانون ”الصوت الواحد“ الانتخابي، والذي لم یقیّد النخب فحسب، بل وحّد من إمكانیة اكتشافها.
مصلحة البلد من ناحیة، وطموحات الشباب الذین یشكلون غالبیة الأردنیین، من ناحیة أخرى، تستوجبان إعادة تفكیر في ماهیة المؤسسات التي صنعت رجالات الماضي الذین لا غنى عنهم.

ولیس المطلوب استنساخ هذه المؤسسات بالضرورة، بل وضع نموذج متطور یواكب التغیرات الكبیرة والمتواصلة التي لحقت بالبلد خلال العقود الماضیة.

الیوم، صارت محاولة تشكیل حكومة في الأردن، أو إشغال موقع رفیع، مسألة شاقة مرهقة للذهن، بحكم محدودیة النخب التي تخلقها المؤسسات الرسمیة؛ المدنیة والعسكریة. وتصبح القضیة أكثر تعقیداً بإضافة مؤسسات المجتمع المدني، ومنها النقابات والأحزاب.

الاعتراف بهذه الإشكالیة ضرورة، حتى نحمي مستقبل الأردن بعد عقدین من الزمان. فهذا الوطن شیّده ورعاه أبناؤه الأقویاء، ولمثلهم تحتاج حمایته وصون مسیرته؛ شخصیات ثقیلة، یُستثمر فیها الیوم لتكون قیادات المستقبل. وضمن هؤلاء، الشباب المهمشون فكریا، الذین یصعب علیهم الانخراط بشكل حقیقي وفاعل في العمل الوطني العام، طالما أن الأطر والأوعیة الفكریة المنشودة غائبة بشكل تام.

وبناء المستقبل بحاجة لأحزاب من نوع مختلف، تقودها شخصیات برؤیة إصلاحیة وطنیة أیضاً، فتكون بذلك حقاً حاضنة للشباب لیبنوا قدراتهم وقناعاتهم، بدلا من تركهم صیدا سهلا للفكر المتطرف غیر السوي.

یمكن للدولة أن تلجأ إلى نخب العقود الماضیة. لكن هذا الأمر غیر ممكن إلى ما لانهایة. فلا بد من التحضر للمستقبل، ولیدرك شباب الیوم أنهم قادة الغد.

مصلحة الأردن تقتضي من بعض من یمسهم الكلام، التخلي عن بعض أنانیتهم، لإفساح المجال للشباب. فتمكین الشباب یتجاوز العبارات الرنانة بأنهم مركز الكون، فیما هم فعلیاً على الهوامش في أغلب الأحیان.

مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/13 الساعة 00:31