انتخابات نواب الأردن 2024 اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للاردنيين احزاب رياضة أسرار و مجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مقالات جاهات واعراس مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة كاريكاتير طقس اليوم رفوف المكتبات

أيها الولدُ العاقّ

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/28 الساعة 01:28
مدار الساعة,

كتب لي أحد الشباب رسالة عبر (الفيس بوك) وأنا أنقلها بنصها: (كنت جالسا مع أبي نشاهد مباراة في كرة القدم، ومع انتهاء الشوط الأول، طلب أبي أن أحضر له فنجانا من القهوة، وطبقا من الفاكهة، وضعت فنجان القهوة بجانبه، فطلب مني أن أضعها بيده، فانفجرت في وجهه كالبركان؛ لأن طلباته كثيرة، ما هذا الضغط الذي أعيش فيه، هل هكذا يُعامل الآباء أبناءهم؟ إن هذا الأسلوب في المعاملة خطأ فادح؛ لأنه يخلو من الحبّ والحنان، والتربية مبنية على الحبّ والعطف والترغيب، لا على الشدة والتنفير. لكن للأمانة أقول: أعلم أنّ أبي يريد أن يربيني على المساعدة والتعاون، كما أعلم أنني لا أشعر بالبرد أبدا بسبب قلب أبي الدافئ، فهل أنا على حق في انزعاجي؟ والسلام).

أكثر ما أعجبني في رسالة هذا الشاب أسلوبه في الكتابة، أظنّ أن له مستقبلا مشرقا إن اعتنى بنفسه أكثر، لكن نرجع إلى مضمون الرسالة، ربما هي قصة يمرّ بها الآباء والأمهات مع أولادهم في عمر المراهقة، حيث يحاول الولد أن يصنع لنفسه كيانا مستقلا عن أهله، فيلجأ في بعض الأحيان أو كثيرها إلى شيء من العنف للتعبير عن استقلاليته.

لو بدأنا من آخر القصة، الوالد (قلبه دافئ)، ويعتني بتربية ولده، كما نص الولد على ذلك، لكن هل ما حصل بينهما يصحّ أن نصفه (بالضغط)، وأنه (خطأ فادح)، وتصرف (يخلو من الحبّ والحنان)، ويتّصف (بالشدة والتنفير)؟ أعتقد أن الذي حصل بينهما لا يرقى إلى شيء من هذه الأوصاف، ماذا لو طلب الولد من أبيه قلمَ رصاص؟ سيلبَسُ الوالد ثيابه، ويركب سيارته، ويتوجه للمكتبة، ويدفع ثمن القلم، وهكذا يفعل في كل طلب لأولاده ذكورا وإناثا. لكن ماذا خسر الولد من طلبات أبيه؟ إنها لم تكلفه لُبْسَ حذائه، ولم ترقَ لمقاطعته عن متابعة المباراة، حيث انتظر الوالد استراحة ما بين الشوطين، ليطلب من ولده أن يتوجه (للمطبخ) فقط، ثم ينفجر الولد (كالبركان)!

كأحد الآباء أقول: لا يذكرُ هذا الشاب كم مرة ترك الوالد نومه ليأخذه بعد منتصف الليل إلى المستشفى، وكم مرة ترك الوالد فراشه الدافئ، مواجِها برد الشتاء القاسي؛ ليشتري له الحليب، ولا يذكرُ كم مرة حرم الوالد نفسه من متع الدنيا لينعم هو بها، ولا يذكر كم ليلية سهرها الوالد في عمله ليحصل على دنانير زائدة ينفقها عليه؟ كما لا يذكر الولد أنه أصبح شابا يافعا قويا على حساب شيبٍ اشتعل في رأس أبيه، ووَهَنٍ أصاب عظامه، وأمراضٍ غزت جسده، ثم يكون جزاؤه أنْ ينفجر فيه ولده (كالبركان).
الدستور

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/28 الساعة 01:28