مدار الساعة- يعمل مصنع فلسطيني للخياطة وسط مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة في صناعة القلنسوة (كيباه) التي يرتديها اليهود المتطرفون ويقوم بتصديرها الى اسرائيل التي تفرض حصارا على قطاع غزة منذ أكثر من عشر سنوات.
ويشرف محمد ابو شنب صاحب مصنع الخياطة على عماله في المصنع الصغير الواقع في شمال مخيم الشاطئ الذي يسكنه نائب رئيس حركة حماس اسماعيل هنية، وهم يحيكون القلنسوات لليهود المتدينين استعدادا لتصديرها الى اسرائيل.
يروي الرجل من داخل مصنعه "نقوم بحياكة كل شئ في غزة لاسرائيل، مثل الكيباه (قبعة مستديرة صغيرة) وبنطلونات وقمصان وفساتين".
لكنه يشكو من ان "قطاع الملابس مازال مترديا بسبب الحصار الاسرائيلي برغم قرار اسرائيل ادخال بعض التسهيلات" لتصدير ألبسة من غزة لاسواقها.
واستأنف هذا المصنع انتاج الملابس وتصديرها الى اسرائيل العالم الماضي بعد سنوات من التوقف التام عن التصدير بسبب فرض اسرائيل حصارا مشددا على القطاع.
وتفرض اسرائيل حصارا بريا وجويا وبحريا على قطاع غزة منذ حزيران(يونيو) 2006 اثر خطف جندي اسرائيلي، وتم تشديده في حزيران(يونيو) 2007 اثر سيطرة حركة حماس على القطاع.
كما شهد هذه القطاع الساحلي الذي يسكنه اكثر من مليوني نسمة، ثلاثة حروب اسرائيلية منذ نهاية عام 2008 خلفت آلاف القتلى والجرحى ودمارا كبيرا تضررت أثره جميع مناحي الحياة.
ولم يكن قطاع النسيج والملابس بعيدا عن هذه الاضرار حيث أسفرت الحروب الاسرائيلية هذه عن تدمير خمسين مصنعا كليا او جزئيا بحسب ابو شنب الرئيس السابق لاتحاد صناعة الملابس والنسيج الفلسطيني.
وتقول الدولة العبرية ان الحصار ضروري لمنع دخول مواد قد تستخدم لاهداف عسكرية في القطاع الفقير.
أدخلت اسرائيل العام الماضي تسهيلات "محدودة" كما يقول مسؤولون في وزارة الاقتصاد التي تديرها حركة حماس، لكن هذه التسهيلات لم تعد لهذا القطاع عصره الذهبي الذي ازدهر في اوائل التسعينيات حيث ضم حينها 35 الف عامل في اكثر من 900 مصنع للحياكة في القطاع الذي كان يصدر نحو 4 ملايين قطعة ملابس شهريا الى اسرائيل بحسب ابو شنب.
ورغم ان هذه التسهيلات فتحت الباب امام 25 مصنعا فقط للتصدير الى اسرائيل والضفة الغربية لكن الكميات ما زالت قليلة حيث لا تتجاوز نحو 30 الى 40 الف قطعة شهريا وفق لابو شنب الذي كان مصنعه يضم قبل الحصار 50 ماكينة خياطة واضطر حاليا الى تقليصها لعشرة ماكينات.
ويعمل حاليا أربعة الاف عامل فقط موزعين على 150 مصنعا للخياطة ما زالت تمارس العمل وتبيع غالبيتها انتاجها للسوق المحلي في القطاع.
ويؤكد ابو شنب ان "الجميع متلهفون للعمل كالسابق، الاسرائيليون معنيون بالعمل بسبب جودة ما ننتجه وقربنا من سوقهم، لكنهم متخوفون من الحروب والاغلاق الدائم للمعابر والا تصلهم البضائع في موعدها".
وحول نظرة مجتمع غزة لصناعة القلنسوة في القطاع، يشدد ابو شنب على ان "العداء السياسي شيء والعمل شيء آخر".
ويقول "لدينا أصدقاء اسرائيليون ويسألون عنا نتيجة علاقة العمل، تربطنا مصالح غير الموضوع السياسي ونحن لسنا جنودا، العمل هو الواسطة الاساسية في رسالة السلام التي نرسلها مع بعض".
ويضيف "اذا كانت اسرائيل معنية بالسلام وانعاش الاقتصاد فعليها ان تفتح المعابر امام المنتجات الاسرائيلية التي تصنع في غزة".
ويتفق مع ذلك عبد الناصر عواد مدير عام الادارة العامة للصناعة في وزارة الاقتصاد الوطني التي تديرها حركة حماس في غزة والذي يؤكد ان التصدير الى اسرائيل "مسألة بحت تجارية، كل ما يهمنا ان ينتعش الاقتصاد والحد من البطالة".
وتزيد البطالة في القطاع عن 40% وفق احصائيات رسمية.
ويؤكد عواد على ان "الاجراءات الاسرائيلية على المعابر معقدة وما زالت تقف أمام عملية تصدير اي شيء من غزة واستيراد المواد الخام اللازمة لمصانع الملابس".
من جانبه يقول حسن شحادة وهو صاحب مصنع حياكة آخر يضم خمسين عاملا، ان "الوضع قبل الحصار كان ممتازا بالنسبة لنا وللتجار الاسرائيليين، لكن الوضع تحسن بنسبة 20 بالمائة فقط منذ العام الماضي بعد ان استأنفنا العمل".
ويتقاسم العمال المهام في مصنع شحادة في منطقة الشيخ رضوان شمال مدينة غزة. ففي حين يقوم احدهم بتفصيل سراويل الجينز الاسرائيلية ينشغل آخرون في حياكتها في وقت يعلو فيه صوت مولد كهربائي يعتمد عليه المصنع في ظل ازمة الكهرباء المتفاقمة في القطاع منذ نحو عشر سنوات.
ويضيف شحادة "اقوم بتصدير ما بين خمسة الاف الى عشرة الاف بنطلون الى اسرائيل شهريا، لدينا المقدرة لمضاعفة الكمية لعدة مرات لكن اغلاق المعابر يعيق العمل ويخيف التجار الاسرائيليين".
ويضيف "السوق المحلي ضعيف، بينما الانتاج للسوق الاسرائيلية جيد" ويتابع "لدينا كفاءات في هذا المجال ونحن قادرون على التصدير للخارج ايضا".
وبحسب البنك الدولي والامم المتحدة فان الحصار الاسرائيلي قضى تقريبا على عملية التصدير من غزة ودفع اقتصاد القطاع الى الانهيار. (أ ف ب)