انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات برلمانيات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

طارق مصاروة رحل قابضاً على الجمر!

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/27 الساعة 01:20
حجم الخط

الاسبوع الماضي خسر الاعلام الأردني وجها مضيئا ومشرقا ومشرفا. طارق مصاورة فارس القلم. وجه وطني أردني بهي. هذا الوجه الذي تمسك به الاردنيون كأيقونة حية نابضة في روح الأردن في زمن الازمات والتحولات والانقلابات الكبرى.
قلمه ضمير أردني، زرع في وجد الأردنيين الأمل والثقة والحب، وعرّف الآخرين ما هو الأردن التاريخي والوطني. وفي زمن الانحطاط الكبير الذي تحول به كثير من الاعلام الى ليبرالي ومدني وإعلامي اسلاموي، واعلام للتهريج والمرح، واعلام شركات ومقاولات، واعلام للفرجة بمعناها المنحط والرديء والمبتذل، واعلام للمدائح ومعلقات التكسب والابتذال الرخيص.
وهناك إعلام يزور الصراع الحضاري للامة العربية، ويستبدل الاعداء التاريخيين للامة العربية، ويروج لانحطاط بخيس، ويزور الحقائق وليملأ الفراع بأي كلام، يجرف الرأي العام في مسالك التضليل، وتحير القلوب والعقول، وشطب العقيدة الوطنية، وسلب الوعي. وفي زمن» باروميتير « الوطنية والعروبة جرّاء تحريفها وجرفها وتخريبها وتغيير بوصلتها، وصار ناشطون وسياسيون مربوطين على معالف السفارات الاجنبية، واصطبلات مؤسسات التمويل الاجنبي.
رحل طارق مصاورة منتصب القامة، وبطهارة قلمه، وصلابة مواقفه من قضايا الوطن. يقف الان وحيدا باناقته هاربا وشاردا من الصعاليك والاتباع والاذناب، وبالمنديل الاحمر يتدلى من فوق سترات القلب، وليقول للملائكة إني أردني. وليستل قلمه هناك، ويقول بصلابة الموقف إني أردني، ومعركتي ضد الجهل والاستبداد والتخلف، والتبعية.
الاعلام والثقافة والسياسة في العالم العربي مجيرة لانقسامات واستقطابات وثنائيات، فمن لا يدخل الى شق أي أحد الطرفين فلا تسمع يوما خبرا عنه ولا يشار اليه بالاصابع من قريب أو بعيد، فهو غير مصنف في عالم الثنائيات في زمن التيه والانحدار العربي. ولربما هذه من تشخيصات أزمة السياسي والمثقف الاردني الوطني والمتلزم.
و هي مجموعة من أهل الرأي بقوا ماسكين على جمر الوطن. ولم ينجروا وراء موجات الدعاية وحملات الترويض والترويج ليكونوا ابواقا في معارك وصراعات الاخرين، ولا رضوا على أنفسهم أن يكونوا حلفاء وأتباع وأحباب لفرقاء ومتخاصمين قضاياهم وخلافاتهم الاردني الوفي لوطنه غير معني بتاتا بها.
الراحل المصاورة ظل وفيا لتجربة ومشروع وصفي التل. وذلك الزمن الجميل والعظيم. إنه وجه الأردن المضيء، وعنوان التحدي والصمود الممكن في القضية الأردنية، وهو الزمن الذي يحاول البعض طمسه وتحويله الى فراغ من العدم. أردن وصفي التل بمشروعه الوطني الاجتماعي والتنويري.
جنازة أبو علي كانت بحجم الوطن وعظمته، والاوفياء من مَن شاركوا، وقد مشى معهم ملايين الاردنيين في القرى والارياف والبوادي يستحضرون سيرة لمونولوجات سياسي ومثقف أردني عاش مقاوما وممانعا ورافضا بالصبر والامل والحب والعزيمة، وغير منصاع للتبعيات على وجوهها. ومدوا أيديهم ليلامسوا نعش الراحل.
المسيرة ضد التبعية والانهزامية والهيمنة واستهداف الهوية الوطنية وتصفيتها ومحوها متواصلة، وقد بدأت من وصفي التل، ولن تنتهي الا بحماية روح الأردن، ولكي لا تباع مواقفنا وكلماتنا في سوق النخاسة والمباخر الكذابة. فمثل طارق مصاورة، علينا أن نكتب سيرته بحبر لم يخالطه أي الالوان اجنبية وتابعية، وعلينا أن نناضل لكي نستحق الموت!
الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/27 الساعة 01:20