أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الأحزاب.. مشیخات أم أدوات تغییر؟

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ
حجم الخط

المجتمعات العربیة أبویة السلطة متعددة التنظیمات تتجاذبها نزعة المحافظة ورغبات الاجیال في التغییر. باستثناء حالات معدودة ما تزال البنى الاجتماعیة التقلیدیة مسیطرة على تفكیر ووجدان الفرد وموجها رئیسیا لسلوكه الاقتصادي والاجتماعي والسیاسي. فالقبیلة والدین والانتماءات الجهویة عوامل مهمة في تحدید میول وانتماءات وخیارات الافراد الاستهلاكیة والتفاعلیة والانتخابیة.

على امتداد الأرض العربیة وبالرغم من تجدد المحاولات للثورة والتغییر بقي الانسان العربي الأبعد عن المشاركة السیاسیة والاقل قدرة على بناء انظمة سیاسیة ذات صبغة تعددیة تمكن الافراد من المشاركة والتعبیر في احزاب وتیارات تمثل افكارهم وتوجهاتهم ومواقفهم السیاسیة.

العشرات من المحاولات والثورات التي قام بها المصلحون والمفكرون والرواد والجماعات المؤمنة بالتغییر تم اجهاضها قبل ان تكمل برامج البناء والتنظیم والتحدیث التي انطلقت من اجلها. الدین والقبیلة والسلطة عوامل مهمة في اضعاف المبادرات والمحاولات التي انطلقت منذ اكثر من قرن من الزمان.

بالرغم من التوافق الظاهر على اهمیة الاحزاب وضرورة الدور الذي تنهض به كمنابر للتعبیر عن الارادة العامة ووسائل للمشاركة في احداث التغییر الواعي وفرض الرقابة الضروریة لتجوید اداء من یقومون بالادارة والحكم باسم الشعب إلا أن الایمان بأهمیتها والانضمام لصفوفها والتأثیر الذي تحظى به على الحیاة السیاسیة للافراد والمجتمع ومسیرة البلاد ما یزال محدودا ان لم یكن معدوما.

الضعف الذي تعاني منه الاحزاب والتشكیك الذي تتعرض له عائد لأسباب بعضها موضوعي والآخر ذاتي. من الناحیة الموضوعیة لا یحمل مصطلح الاحزاب في الثقافة العربیة دلالات ایجابیة فقد ارتبط المفهوم بالجیوش التي شكلتها القبائل العربیة لغزو المدینة المنورة ومهاجمة المسلمین في إحدى أهم الغزوات التي تغلب فیها المسلمون على الكفار ومعهم الیهود، لذا ظل هذا المفهوم مشبعا بالرمزیة التي تم استغلالها لاحقا من قبل القوى المحافظة للتحریض على الاحزاب في الخطاب الدیني والمناسبات المختلفة باعتبارها قوى شریرة تقف في وجه الخیر والفضیلة والاستقرار.

البیانات الاخیرة تتحدث عن اكثر من خمسین حزبا مرخصا واكثر من ربع هذا العدد في طور الترخیص. في النظام السیاسي الأردني لا توجد مساحة حقیقیة للاحزاب فلا ذكر للاحزاب في الدستور ولا حضور واضح لها في اقرار ما یجري او التعبیر عما یحدث محلیا واقلیمیا.

المطالبات التي تتقدم بها الاحزاب للدعم وافساح المجال لها للمشاركة في الانتخابات والحكومات تصطدم بالرفض على ارضیة ضعف الانتساب والاقبال وتكلس برامج وخطاب العدید منها اضافة الى افتقار هیاكلها وكوادرها وقیاداتها للتنوع والتداول فقد استحوذ بعض المؤسسین والورثة على مواقع رئاسة الحزب وامانته العامة لعقود دون التفكیر في استقطاب قیادات وكوادر جدیدة او تحدیث في الافكار والطروحات بما ینسجم مع التحولات والتحدیات التي تشهدها البلاد.

مع الاعتراف بسعي البعض الى التغییر والتحدیث والمشاركة الهادفة الا ان غالبیة الاحزاب الأردنیة الجدیدة وقیاداتها لا تعدو مشیخات صغیرة یؤسسها اصحاب رؤوس اموال ومصالح لتعزیز فرصهم بالحضور في المشهد السیاسي وحمایة مصالحهم الاقتصادیة.

المشكلة التي تعاني منها الاحزاب ستستمر ما لم یوجد لها دور في الحكم یحدده الدستور وما لم تتغیر اتجاهات وتصورات الناس حول الأحزاب وأهمیتها وقدرتها على التأثیر. التجربة الحالیة للأحزاب لا تشجع على الاقبال ولا تبعث على الامل في تغییر علاقة المواطن بها.

الدستور

مدار الساعة ـ