مدار الساعة - نشرت وكالة الأناضول للأنباء التركية، تحليلا مفصلا عن موقف الأردن من ما يسمى بصفقة القرن التي تنوي إدارة الرئيس الامريكي دونالد ترمب طرحها خلال الأسابيع القادمة بعنوان، "الأردن ومواجهة "صفقة القرن".. صمود أم استجابة للضغوط؟"، والتسريبات الإعلامية التي تتحدث عن دور أردني "مفروض" عليه للمشاركة في إنفاذ ما يسمى بـ "صفقة القرن"، وهو ما ترفضه عمان بشكل كاملا جملة وتفصيلا.
وجاء في التقرير، أن المؤشرات المتاحة حول ما يسمى في "صفقة القرن"، تؤكد أن الأردن ماض في الثبات على موقفه، وأنه سيقاوم الضغوط التي تمارس عليه.
وبين التقرير ان الصفقة لا تخلو من تداعيات سلبية على التركيبة السكانية للأردن إذا تضمنت تجنيس الفلسطينيين أو "فرض" اتحاد كونفدرالي أو اتخاذ الأردن وطنا بديلا.
وأضاف التقرير، أن الأوساط السياسية متخوفة من أن يؤدي الاقتصاد الأردني المتراجع وتخفيض المساعدات الأمريكية والخليجية، إلى قبول عمان مساعدات "مشروطة" لتمرير "صفقة القرن".
ويقول التقرير، بدا واضحًا أن أزمات الشرق الأوسط صرفت "إلى حد ما" الانتباه عن القضية الفلسطينية، خاصة بعد ثورات "الربيع العربي" وارتفاع حدة الأزمات الاجتماعية والسياسية، وانشغال الدول العربية المعنية عن فلسطين التي ظلت لعقود "القضية المركزية".
وتحاول حكومة الاحتلال استثمار الأوضاع السائدة في المنطقة وتراجع الدعم العربي السياسي والمالي للفلسطينيين، للضغط على السلطة لقبول "صفقة القرن" بعد بوادر تطبيع بين بعض دول الإقليم وتل آبيب ونوع من "الشراكة" في مواجهة "التهديدات الإيرانية".
ومنذ العام 1924، كانت السلالة "الهاشمية" هي الوصي "الوحيد" على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، وحافظت على هذا الدور حتى بعد احتلال الضفة الشرقية من نهر الأردن عام 1967، واستمرت بوصايتها حتى بعد إعلان فك الارتباط مع الضفة، وصولا إلى العام 1994 عندما أبرم الأردن معاهدة سلام مع تل آبيب اعترفت بموجبها الأخيرة بالوصاية "الهاشمية" على الأماكن المقدسة.
وتتوحد مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية مع رأي الشارع الأردني الداعم لاستمرار "الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس"، ولمواقف الملك عبد الله الثاني، الرافض لتصفية القضية الفلسطينية وتمرير "صفقة القرن"، التي قد تلغي حق عودة اللاجئين الفلسطينيين وتقوض مبادرة السلام العربية التي تقوم على أساس "حل الدولتين".
وفي ظل الظروف الأخيرة، يحاول الأردن دفع "الشكوك" التي تدور حول قبوله بمبادرة السلام الشامل المعروفة باسم "صفقة القرن"، من منطلق موقفه الثابت تجاه القدس وفلسطين والمقدسات وهو ما عبّر عنه الملك عبد الله الثاني بأنه "واجب تاريخي".
وقال التقرير إن جلالة الملك عبدالله الثاني لم يتحدث لم يتحدث عن ماهية الجهات الخارجية التي تمارس ضغوطا عليه شخصيا أو على المملكة؛ إلا أن آراء الخبراء والمحللين وما تسربه وسائل الإعلام، تميل إلى القبول بفرضية الحديث عن دول خليجية، استنادا إلى طبيعة علاقاتها مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، ومستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر، المكلف بملف الصفقة والحرص المشترك على إنجاحها.
وذكر التقرير أن الأردن يتعرض لضغوط أمريكية في مجال المساعدات العسكرية والمالية، لحمله على القبول بتمرير "صفقة القرن" وتوطين الفلسطينيين على أراضيه، والتخلي عن "الوصاية الهاشمية" على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
ويبدو أن أي مبادرة سلام أمريكية بين تل آبيب والفلسطينيين، سيكون لها تداعيات مباشرة على الأردن، حيث يعيش مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في الأمم المتحدة مع نسبة "مهمة" من السكان الأردنيين من أصول فلسطينية، إلى جانب الوضع الخاص بالأماكن المقدسة وفقا لمعاهدة السلام عام 1994.
وبين التقرير، "أن الأردن قلق من التسريبات المنشورة في الإعلام العبري والأمريكي والعربي، التي تشير إلى دور أردني "مفروض" عليها للمشاركة في إنفاذ خطة السلام الأمريكية التي لا تخلو من تداعيات سلبية على التركيبة السكانية للأردن إذا تضمنت تجنيس الفلسطينيين أو "فرض" اتحاد كونفدرالي مع السلطة أو حتى اتخاذ الأردن وطنا بديلا لسكان الضفة".
وبحسب ما نشر في التقرير، فان بعض وسائل الإعلام العبرية تحدثت ان "صفقة القرن" يمكن أن تمس بالوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة، وهو ما ينظر إليه الأردنيون على أنه "تهديد وجودي" للمملكة ومحاولة لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن، رغم تأكيدات الملك عبد الله الثاني، بأنه "لن يستسلم بأي حال من الأحوال للضغوط التي تمارس عليه".
وكانت صحيفة "هآرتس" العبرية، قد نشرت ما قالت أنها تسريبات حول بعض بنود "صفقة القرن"، تتضمن نقل "الوصاية الهاشمية على المقدسات" من الأردن إلى دول أخرى مثل، السعودية والمغرب، وهو ما قال عنها مسؤولون أردنيون بأنها "خط أحمر" وأن جلالة الملك عبد الثاني "لن يتنازل عن الوصاية على المقدسات".
ويؤكد جلالة الملك على موقف الأردن الثابت من تحقيق السلام الذي يجب أن يكون مبنيا على القرارات الدولية، وعلى أساس قيام دولتين جنبا إلى جنب، تل آبيب وفلسطين على حدود الرابع من يونيو 1967، مع حل عادل للاجئين الفلسطينيين في العالم.
ويرى الأردنيون في "صفقة القرن" تهديدا "وجوديا" للقضية الفلسطينية ومحاولة الاحتلال بتواطؤ أمريكي للاستيلاء على القدس ووادي "نهر الأردن" والأراضي الفلسطينية المحتلة خارج حدود 4 حزيران 1967، التي يقيم عليها الاحتلال مستوطنات ترفض التخلي عنها.
وقال التقرير إن الأوساط الأردنية متخوفة من أن تؤدي الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد مع تراجع المساعدات الأمريكية والخليجية، إلى تدهور الاقتصاد الأردني ما يستدعي قبول الحكومة مساعدات "مشروطة" لتمرير "صفقة القرن"، وهو السيناريو الأسوأ الذي يمكن أن يواجهه الأردن إذا ظلت متمسكة بثوابتها المعلنة رسميا.
وعلى الصعيد الفلسطيني، تتخوف ذات الأوساط من حرمان الفلسطينيين حقهم في إقامة دولتهم المستقلة وفق مبادرة السلام العربية، أي أن القبول بـ"صفقة القرن" سيعني في نهاية المطاف القضاء رسميا من قبل واشنطن وتل آبيب على الحق الفلسطيني بدولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وترفض السلطة الفلسطينية الحوار مع الولايات المتحدة لمناقشة أي مما يتعلق بالسلام مع الاحتلال، بسبب اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، نهاية 2017، بالقدس عاصمة للاحتلال.
وقال التقرير: "لا توجد مؤشرات إلى احتمالات إقدام الأردن على تقديم تنازلات عن موقفه الثابت أو القبول بتمرير "صفقة القرن"".
وعلى ما يبدو فإن المؤشرات المتاحة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الأردن ماض في الثبات على موقفه، وأنه سيقاوم كل الضغوط التي تمارس عليه أو على الملك، مع احتمالات زيادتها مع اقتراب موعد الإعلان عن مبادرة السلام "صفقة القرن"، والذي قد يكون عقب شهر رمضان المبارك.
وختم التقرير، من غير المرجح أن تمارس دول بعينها، سواء الولايات المتحدة أو دول خليجية "معادية" لإيران، مزيدا من الضغوط على الأردن، إذ تخشى تلك الدول من تكرار تجربة المقاطعة مع دولة قطر التي أدت إلى انضمامها إلى الخندق الإيراني أو على الأقل رفضها البقاء في الخندق العربي "المعادي" لإيران.
الاناضول