انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات برلمانيات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

قد يكون فشل المسؤول فساد بطانته

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/21 الساعة 14:51
حجم الخط

الكاتب : اسماعيل الخوالدة

الحقيقة أنه لكل مسؤول بطانة . وما بين المسؤول والبطانة علاقة جدلية حيث ينتقل الصلاح والفساد بينهما جدليا.فكم من مسؤول صالح النية والطوية ولكنه ابتلي ببطانة فاسدة مفسدة تشير عليه بالفساد وتبهرجه له فيراه حسنا ويمضي في تدبير فاسد وهو لا يدري شيئا عن فساده لأن البطانة الفاسدة قد لبست عليه الفساد. ولا يتنبه المسؤول الذي تغشه البطانة الفاسدة إلا بعد وقوع المحذور ، وحلول الويل والثبور وعواقب الأمور ، فتسارع بطانة السوء إلى التنكر من المسؤول كما تتبرأ الشياطين من ضحاياها بعد التغرير.
ولقد ذكرت المصادر التاريخية أن فرعون موسى أوشك على الإيمان حينما قال له موسى عليه السلام : » يا فرعون آمن بالله ولك ملك مصر في الدنيا والجنة في الآخرة » فالتفت الفرعون إلى هامان رأس بطانته الفاسدة فقال : » ما رأيك يا هامان فيما يقول موسى ، وأظن أنه ناصح أمين ، وأنه محق فيما يقول ؟ » فما كان من رأس البطانة الفرعونية الفاسدة هامان إلا أن قال » يا فرعون أتريد أن تصير عبدا عابدا بعد أن كنت إلها معبودا » فلبس على الفرعون الكفر وكان سبب هلاكه في الدنيا وعذابه في الآخرة ، وقد تنكر له حين أدركه الغرق .
ولكل مسؤول مهما كانت درجة مسؤوليته في هذه الدنيا هامانه الذي يشير عليه بالسوء والفساد عن طريق التلفيق إلا إذا تداركه الله تعالى ببطانة الخير التي تشير عليه بالخير ، وتدله على الخير ، وتعينه على الخير. ورحم الله من ادخر الدعاء الصالح للراعي قبل الرعية لأن في صلاح الراعي صلاح الرعية، ورحم الله من بدأ بالدعاء لبطانة الراعي لأن في سداد بطانة الراعي سداد الراعي.
وقد يكون المسؤول فاضلا خيرا كثير الخير في مجال لا يرجى منه إلا الخير بل هو مجال الدعوة إلى كل خير بالنسبة لكل المجالات ولكن تحيط به بطانة سوء مقنعة بقناع الخيرية وخلف الأقنعة الشرور التي لا تخطر على بال ، فتسد هذه البطانة السيئة مسد الشياطين فتلفق وتكذب وتزور، وتركب كل مركب لتضليل المسؤول الفاضل الخير الذي تحظى بثقته ، وعمدة ثقته فيها أقنعتها لأنه بشر يحكم على الظواهر ولا يعلم ما يعلم الله عز وجل من سرائرها فيقع في المحظور غير متعمد ولا متنبه إلى ما تدبره بطانته من سوء، فيحتار الناس من أمر هذا الإنسان الفاضل الخير الذي دأبه فعل وقول الخير، ونصح الغير بذلك ولكنه يثق الثقة العمياء في بطانة سوء لا تعدو ثعابين وثعالب خبيثة ماكرة بأقنعة مضللة . وقد يصل الأمر إلى حد اعتقاد الغباء في المسؤول وهو قمة الذكاء لأنه لم يتنبه إلى مكر بطانته الفاسدة التي تكيد له شر كيد لتوقعه في سوء التدبير، وقد يصل الأمر إلى حد ظن الخوف في المسؤول من بطانته الفاسدة مما يضطره لغض الطرف عن مكرها درءا لفساد أكبر. وقد يظن البعض أن هذا المسؤول ربما كان من طينة بطانته وأن صلاحه لا يعدو قناعا من سنخ أقنعة بطانته ، وهذه هي الطامة الكبرى إن صحت هذه الفرضية لا قدر الله في غيب أو شهادة.
وعليه فإن المسؤول المسدد بتوفيق الله عز وجل يصطفى من حوارييه بطانة الخير الدالة على الخير المشيرة به عليه ، والمعينة له عليه ، ولا ينخدع لتزلف مغرض ، أوتودد مغشوش. ولا يجعل من نصح الناصحين الصادقين موضوع عداوة كما تريد بطانته الفاسدة لأن النصح الصادق يكشف أقنعة البطانة السيئة لهذا تعاديه ولا تدخر جهدا في الوشاية به للمسؤول . وكل مسؤول لا يضع بطانته موضع الشك هو مسؤول غر. وكل مسؤول لا يعرف رأي الناس في بطانته هو مسؤول غافل أو مغفل.
فإذا ما تحدثت الألسنة عن فساد تدبير في مجال من المجالات فلا بد من البدء ببطانة المسؤول قبل المسؤول فإن ثبت فسادها كشف النقاب عنه قبل الخوض في أمر المسؤول الذي قد يكون على درجة براءة ذئب يوسف من دمه لأن بطانته حذت حذو إخوة يوسف ، وما الله عز وجل بغافر لكل بطانة كما غفر لإخوة يوسف إكراما لنبيه عليه السلام . وكل من غفل عن بطانته السيئة حاز الندامة ووجع الضمير في وقت لا ينفع فيه شيء .

مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/21 الساعة 14:51