مدار الساعة - بركات الزيود- برادار جوي متطور، و66 محطة رصد موزعة على مختلف مناطق المملكة، ومتنبئين جويين خضعوا لست سنوات من التدريب، اصدرت دائرة الأرصاد الجوية الأردنية أكثر من ألف نشرة جوية خلال الأشهر الستة الماضية، بدقة بلغت 85 بالمائة.
وكالة الأنباء الأردنية "بترا" رصدت نشرات الاحوال الجوية الصادرة عن دائرة الأرصاد الجوية على مدار 6 أشهر، بدءا من 25 تشرين الأول العام الماضي وحتى 10 نيسان الحالي، بواقع ثلاث نشرات يوميا، يرتفع عددها كلما كانت حالة الطقس تنبئ برياح أو أمطار أو ثلوج، حيث كانت التنبؤات مطابقة لحالة لطقس بنسبة مساوية للأرقام التي تعتمدها منظمة الأرصاد العالمية.
النشرات التي رصدتها "بترا" بينت أن الدائرة كانت مُقلة جدا في استخدام جملة "تساقط الثلوج"، حيث وافق ذلك التنبؤات التي تؤكد تساقط ثلوج في بعض المناطق وبكميات لا تؤدي إلى مشاكل أو إعاقات بالحياة العامة.
هنا يعلق المدير العام للدائرة المهندس حسين المومني على ذلك بقوله، إن الحديث عن الثلوج لا يكون اعتباطا، ويكون فعلا إذا كانت الفعالية الجوية ستؤدي الى ذلك؛ لأن تساقطه وتراكمه يرتبط بالأمن الوطني والاقتصادي والاجتماعي، والحديث عن ذلك يتطلب دقة وتأنيا بعيدا عن التضليل، ويحتاج إلى درجة عالية من الوعي بمصالح البلاد.
خلال العام 2018 وتحديدا في 25 تشرين الاول أصدرت الدائرة نشرة جوية مبنية على نماذج عددية معتمدة على أحدث الأنظمة العالمية، وصورا لرادار تم تركيبه في منطقة أبو علندا خلال العام نفسه، وبتكلفة مالية عالية، تبين وجود حالة من عدم الاستقرار الجوي سينجم عنها أمطار غزيرة وسيول، وأن هذه الامطار قد تهطل في منطقة معينة لكن سيولها قد تشق طريقها الى عدة مناطق، وهذه الحالة نجم عنها ما سمي بحادثة البحر الميت وأدت الى استشهاد العشرات.
ويعلق المومني على هذه النشرة، بأن هناك عدة تعاميم من عدة حكومات متعاقبة تطلب اعتماد النشرة الجوية الصادرة عن الدائرة والأخذ بما تحتويه من تحذيرات، وبناء على ذلك تقوم الدائرة، بتزويد المعنيين كافة بنسخة يومية عن الاحوال الجوية، ويتم ارسالها متضمنة صورة بيانية لتسهيل قراءتها على صاحب القرار بحيث يمثل الرقم 1 عدم وجود ظواهر جوية مهمة، و2 يشير إلى أنه يجب الاستعداد، و3 اتخاذ الحيطة، و4 يجب اتخاذ الاحتياطات والإجراءات اللازمة.
وحسب نشرة جوية أشارت الى وجود سيول وامطار غزيرة ناجمة عن حالة عدم استقرار جوي ونتج عنها خسائر بشرية ومادية، يقول المومني إن "منظمة الأرصاد العالمية والتي يمثل الأردن أحد أعضائها، حددت نقاطا حمراء في كل العالم ستتعرض لمخاطر السيول من بينها الأردن، وقامت دائرة الأرصاد بمتابعة تطور الحالة الجوية وأعلنت عدة تحذيرات وفصلت النقطة العالمية الحمراء وحددتها في الأردن".
وتتبعت "بترا" آلية إعداد المتنبئ الجوي والتي تسمح له بإصدار نشرة جوية عالية الدقة، ليتبين لها عدم وجود تخصص أرصاد جوية في الأردن وأن التعيينات تتم عبر تخصصات العلوم والهندسة أو الرصد الجوي، وهذا التعيين لا يعني السماح له بالتنبؤ إلا بعد ان يخضع لدورة رصد جوي مدتها 6 أشهر، وتدريب لمدة سنة، ودورة في التنبؤ الجوي لمدة 9 أشهر، ثم يطبق عمليا لمدة 6 أشهر، بعدها يعمل مع ذوي الخبرة والكفاءة لمدة 3 سنوات، وبعد ذلك يسمح له بالتنبؤ والذي يتم على شكل فريق متكامل حتى إصدار النشرة الجوية.
المومني علّق على موظف التنبؤات الجوية بأنه يخضع لبرنامج طويل، ولا يتم التهاون في ذلك، وتمتلك الدائرة مركزا للتدريب، وقد رفدت الحكومة الدائرة برادار جوي متطور وكلما توفرت الامكانات وأصبحت أكثر تطورا زادت دقة التنبؤات الجوية.
واطلعت "بترا" على صور صادرة عن الرادار الجوي والذي تم تركيبه في منطقة أبو علندا شرق العاصمة عمّان ومن خلال هذه الصورة يستطيع المختصون معرفة نوعية الغيوم القادمة الى المملكة او التي تتشكل فوقها وحركتها وكمية الأمطار المتوقعة، ويغطي مناطق المملكة كافة، باستثناء بعض المناطق الجنوبية، وهنا يؤكد المومني أن تركيب رادار آخر في هذه المناطق سيعطي دقة عالية وكبيرة وهو ما سيتم السعي اليه في ضوء الامكانات المالية المتاحة للدولة.
ولدى دائرة الأرصاد الجوية 26 محطة رصد كلاسيكية موزعة على مناطق المملكة وتضم كل واحدة 4 موظفين، اضافة إلى 40 محطة أتوماتيكية ترسل كل خمس دقائق قراءة للحالة الجوية لمديرية الرصد الجوي وهو ما يزيد دقة المتابعة اليومية للحالة العامة للطقس، واعتمدت منظمة الأرصاد العالمية 5 محطات كلاسيكية أردنية.
المومني قال عن المتنبئ الجوي إنه ملتزم بنماذج عددية عالمية تصدر مرتين كل 24 ساعة وهي نماذج تحتاج الى امكانات تكنولوجية كبيرة، وبسبب عضوية الأردن في المنظمة العالمية يحصل عليها، ويقوم بمحاكاتها، اضافة إلى الخبرة والتخصص اللذين يجب أن يكونا متوفرين في الدائرة والعمل فيها.
"اعلان العطلة بسبب الأحوال الجوية ليس من اختصاص الدائرة" يقول المومني، ومسؤولية الدائرة "تنحصر في تقديم الحالة الجوية وقوتها وتأثيرها، ويترك اتخاذ قرار العطلة لأصحاب القرار".
ومن خلال سجلات الأرصاد الجوية، تبين أن الموسم المطري الحالي لم يكن استثنائيا، بل إن هناك مواسم وصلت بها المعدلات المطرية الى هذه النسبة، وان تحديد الموسم استثنائيا من غيره تتم وفق قاعدة المقارنة مع نصف القرن الاخير او القرن الأخير.
وأشار التقرير الإحصائي الصادر عن دائرة الأرصاد الجوية للموسم المطري 2018 / 2019 إلى ان منطقة الجفر في جنوب المملكة هطل عليها ما نسبته 371 بالمئة من الموسم المطري الذي تصل نسبته في هذه المنطقة الى 411 بالمئة حتى تاريخ 7 نيسان الحالي، بينما حققت معان 122 بالمئة من 130 بالمئة ومطار الملك حسين في محافظة العقبة 94 بالمئة من 98 بالمئة، ووصل معدل الهطول المطري لهذه المناطق 150 بالمئة من 159 بالمئة.
المناطق الشمالية بحسب التقرير حققت في مدينة اربد 120 بالمئة من الموسم حتى 7 نيسان البالغ 126 بالمئة، ورأس منيف 129 بالمئة من 134 بالمئة، والرمثا 105 بالمئة من 109 بالمئة، وصمّا 113 بالمئة من 120 بالمئة، وبلغ معدل ما تحقق من الموسم في هذه المناطق 119 بالمئة من 125 بالمئة. وتبين أرقام الهطولات المطرية في المناطق الوسطى الغربية أن السلط سجلت 141 بالمئة من موسمها المطري البالغ حتى تاريخ صدور التقرير 146 بالمئة، صويلح 133 بالمئة من 136 بالمئة، والجامعة الأردنية 125 بالمئة من 129 بالمئة، ومطار عمان المدني 138 بالمئة من 141 بالمئة ومأدبا 108 بالمئة من 110 بالمئة، ليصل المعدل العام في هذه المناطق الى 130 بالمئة من 133 بالمئة.
أما ما تحقق في المناطق الوسطى الشرقية فذكرت أرقام المناطق الوسطى الشرقية أن وادي الضليل حقق 112 بالمئة من 116 بالمئة، والزرقاء 123 بالمئة من 128 بالمئة والغباوي 108 بالمئة من 114 بالمئة، ومطار الملكة علياء الدولي 105 بالمئة من 108 بالمئة، وبلغ معدل ما تحقق من أمطار هذا الموسم 112 بالمئة من 116 بالمئة، وسجلت المفرق 94 بالمئة من معدلها البالغ 97 بالمئة، الصفاوي 73 بالمئة من 78 بالمئة، والرويشد 50 بالمئة من 58 بالمئة، والأزرق الجنوبي73 بالمئة من 78 بالمئة، ووصل معدل ما تحقق من موسم هذه المناطق 77 بالمئة من 82 بالمئة.
وبينت الأرقام أن وادي الريان في الأغوار الشمالية سجل حتى السابع من نيسان الحالي 128 بالمئة من 133 بالمئة، الباقورة 133 بالمئة من 139 بالمئة وكان معدل هذه المناطق 131 بالمئة من 137 بالمئة، مناطق الأغوار الوسطى – دير علا 146 بالمئة من 152 بالمئة، الأغوار الجنوبية – غور الصافي 77 بالمئة من 82 بالمئة، المناطق الجنوبية الغربية: الربة 70 بالمئة من 72 بالمئة، الطفيلة 82 بالمئة من 88 بالمئة، الشوبك 74 بالمئة من 78 بالمئة، وادي موسى 66 بالمئة من 70 بالمئة ووصل معدل الهطول المتحقق في هذه المناطق لهذا الموسم الى 73 بالمئة من 77 بالمئة.
وفيما يتعلق بالمعدل الموسمي والذي يرصد لآخر 30 موسما مطريا بلغ في مناطق الشمال، وبحسب أرقام الدائرة، 425 مليمترا، مناطق الوسط الغربي 416 ميليمترا، مناطق الوسط الشرقية 1ر124 مليمتر، الشرقية 1ر89، الأغوار الشمالية 349، الأغوار الوسطى 8ر278، الأغوار الجنوبية 2ر73، المناطق الجنوبية الغربية 9ر234، والمناطق الجنوبية 5ر47 ميليمتر، واحتلت رأس منيف بمحافظة عجلون احتلت المرتبة الأولى بكميات الامطار المتراكمة بـ 755 ميليمترا، وفي المرتبة الثانية جاءت مدينة السلط بمحافظة البلقاء بـ 728 مليمترا، واحتل لواء الرويشد أدنى كمية هطول تراكمي في المملكة لتصل الى 39 ميليمترا يليه مطار الملك حسين بمحافظة العقبة بـ 22 مليمترا.
وتتضمن النشرة الجوية اليومية الصادرة عن الدائرة وصفا عاما للحالة الجوية لأربعة أيام قادمة، ودرجات الحرارة العظمى والصغرى، ومدى الرؤية الأفقية، وحالة خليج العقبة، وسرعة الرياح واتجاهها، ورسما بيانيا يتضمن ارقاما من 1 الى 4 يمثل كل رقم حالة الاستعداد التي يجب اتخاذها من السكان والأجهزة المعنية، والمسار اليومي لدرجات الحرارة وانحرافها عن المعدل العام لثلاثة أيام قادمة.
ورصدت "بترا" عدة أخبار خلال الأشهر الستة التي عمل عليها التحقيق تتحدث عن عواصف قوية ستضرب الأردن، وعن قرب نهاية العالم، علق المومني عليها بأن "العمل وفق أسس علمية صحيحة لم يثبت كل هذه الأخبار المضللة التي تبحث عن كسب المتابعين وخديعتهم، والعمل هنا تحكمه ضوابط أخلاقية وقانونية مشددة، وان نطاق عمل الدائرة ينحصر من سطح الأرض وحتى 18 كيلو مترا في الفضاء، والى عمق متر واحد تحت سطح لأغراض زراعية.
وأصدر مرصد أكيد التابع لمعهد الإعلام الأردني تقريرا بعنوان "ثلوج متراكمة ومنخفض قطبي الأسبوع المقبل خبر غير صحيح" بعد انتشار هذه المادة على صفحات المواقع الإخبارية ووسائل إعلامية في وصفها لمنخفضات جوية يتوقع أن تتعرض لها البلاد خلال الأيام المقبلة، حيث جانبت هذه العناوين الصواب وقدمت معلومات غير صحيحة.
وبين المرصد أن وسائل إعلامية وقعت في خطأ نقل تنبؤات جوية غير صحيحة عن فلكيين أردنيين أو مراكز أرصاد إقليمية، فيما "نفت المراكز المختصة بالطقس محليا هطول أية ثلوج حتى الرابع من كانون الثاني المقبل باستثناء تجدد هطول الأمطار".
وتمتلك دائرة الأرصاد الجوية تطبيقا على الهواتف الذكية يحمل اسم (JMD) من أجل الوصول الى كل مواطن، وموقعا الكترونيا دائم التحديث، اضافة الى صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" يتابعها أكثر من مائة ألف شخص.
ومنظمة الأرصاد العالمية هي منظمة دولية متخصصة تابعة للأمم المتحدة، وتتكون عضويتها من 185 دولة و6 أقاليم، انبثقت عن المنظمة الدولية للأرصاد الجوية والمنظمة البحرية الدولية، والتي أسست عام 1873.(بترا)