أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

عندما انفعل الروابدة

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ
حجم الخط

لم يكن دولة الدكتور عبد الرؤوف الروابده بحاجة إلى هذه النوبة من الانفعال للتعبير عن مشاعرة نحو الشهيد وصفي التل, وغضبه من اللذين يستحضرونه في كل مناسبة, فقد غيّب الغضب عنه عدد من الحقائق, منها أن استحضار الرموز من قبل شعوبها هو أمر طبيعي خاصة في لحظات أزماتها أو عندما تهتز منظومة القيم لديها, والأردنيين في هذه لا يشذّون عن سائر الشعوب.

غير الحقائق التي غيبّها الغضب عن دولته, فقد أوقعه الغضب في خطأ القياس في التناقض وفي خطأ الاستشهاد, فعندما عاب على الأردنيين استحضار رمزاً من تاريخهم القريب استحضر في الرد عليهم رمزاً من التاريخ البعيد, مؤكداً من حيث لا يدري أن الناس عندما يحتاجون إلى مقارنات فإنهم يستحضرون رموزهم, والتي ربما تكون حجة عليهم لا لهم, وهو ماحدث مع الروابدة, فقد أقام الحجة على نفسه عندما استحضر رمزاً في معرض الاحتجاج على الأردنيين, لأنهم يستحضرون رمزاً في مواجهة واقعهم, الذي يحتاج إلى رجال قادة أصحاب رؤية تحملها عزيمة, لتحولها إلى برامج لتغير الواقع الذي يشكون منه, وهذا النمط من الرجال لا يستسلم للواقع ولايجامل أحدا, مهما ارتفع شأنه, مثلما أنه لا يساير تياراً من الناس طلبا للشعبوية, وهو مافعله الإمام علي الذي لم يستسلم لجمهور الناس, ولم يجامل السائل فرد على سؤاله واصفاً التغير الذي وقع للمجتمع منذ عصر الصدّيق والفاروق حتى عصره بقوله " أنهما كانا أمراء على مثلي وأنا أمير على مثلك" هذا الاستشهاد من الروابده يؤكد عظمة الإمام علي, لأنه لم يستسلم للتغيرات السلبية التي أصابت الناس, بل ظل يقاوم الانحرافات حتى استشهد, فمهمة القادة في مجتمعاتهم أن لا ينقادون لها بل يقودنها, كما فعل وصفي, لذلك لم يكن هذا الاستشهاد من قبل دولته موفقا لأنها حجة للذين يستحضرون وصفي لاعليهم, فوصفي لم يستسلم هو الآخر للظروف التي كان يعيشها مجتمعه, بل سعى إلى تغيرها, وظل على نهجه هذا حتى لحظة استشهاده, التي جعلت منه رمزاً خالداً عند الأردنيين, يستحضرونه عند كل مقارنة, لأن القيم التي يستحضر الأردنيين وصفي من أجلها لاتتغير بتغير الأحوال والأزمان, بل تشتد الحاجة إليها عندما تتغير أوضاع المجتمع إلى الأسوء, كما هو حال مجتمعنا, فسيتذكر الناس رموزهم الذين كانوا يجسدون هذه القيم.

مدار الساعة ـ