مدار الساعة - يكاد لا يخلو مجمع تجاري وتعليمي ووظيفي وعسكري ومجلس ضيافة من أصوات لعبة «بوبجي»، التي انتشرت هذه الأيام ولاقت رواجاً كبيراً في وسط الشباب والأطفال، رغم التحذيرات منها وكذلك تحريمها شرعاً.
اللعبة تعرف باسم «PUBG» وبالإنجليزية ( PlayerUnknowns Battlegrounds) أو ساحات معارك اللاعبين المجهولين، وهي لعبة كثيفة اللاعبين على الإنترنت صدرت بتاريخ 23 مارس 2017، وتتوافر على أجهزة «ويندوز، وإكس بوكس ون» وصدرت نسختان في أوائل سنة 2018 لمنصتي «آي أو إس، وأندرويد» من تطوير شركة «تينسنت»، والتي قامت بالتعاون مع شركة «بلوهول» لإصدار اللعبة على الهواتف المحمولة، وتعمل بنفس المحرك الذي تعمل به النسخة الأصلية، حيث تم تطوير النسخة الأصلية من قبل شركة «بلوهول» على محرك «أنريل إنجن 4»، لتحتوي على اللغة العربية، بحسب صحيفة عاجل السعودية.
تأثير اللعبة وخطورتها
تعتبر مخاطر ألعاب الفيديو من هذا النمط أكثر تأثيراً على الأطفال والمراهقين وحتى الكبار ليسوا بمعزل عن الإدمان على ألعاب الفيديو العنيفة مثل لعبة «بوبجي» بل والتأثر بها.
وأدت لعبة «بوبجي» إلى حالات عنف وخلافات زوجية في بعض الدول بسبب ما تحتويه من العنف واستخدام الأسلحة النارية والأسلحة البيضاء، وتشترك بأنها تنمي الجانب الشرير لدى اللاعب، خاصة ألعاب البقاء التي تجعل اللاعب يرى في القتل والعنف وسيلة وحيدة للنجاة والفوز، فهي تضاعف تنمية العنف عند اللاعبين بشكل كبير من خلال تعاطيهم مع مختلف أنواع الأسلحة النارية والبيضاء، ووضع هدف قتل 99 لاعباً، وعادة ما تخلق مثل هذه الألعاب هوساً عند اللاعب تجعله يقضي ساعات طويلة خلف جهازه.
إهمال المسؤوليات الاجتماعية
وأفاد الكثير من الأهل، أن أبناءهم يتذمرون من أبسط الطلبات أو حتى من أداء أقل واجباتهم لأنهم يرغبون بإطلاق النار وقتل اللاعبين الآخرين حتى النهاية دون مقاطعة!، كالتخلي التام أو شبه التام عن المسؤوليات، حيث يتخلى مدمن اللعبة عن مسؤولياته تجاه عائلته، وكذلك تؤدي للتراجع الدراسي عند الأطفال والمراهقين نتيجة تعلقهم باللعبة، وتضيف لهم تطور السلوك العدواني والعنيف في شخصية الأطفال والمراهقين نتيجة ما يتعرضون له من محتوى عنفي عبر لعبة بوبجي، بالإضافة لحدوث خلافات زوجية نتيجة إدمان الأزواج على لعبة «بوبجي» وما شابه، تحول بعض اللاعبين إلى مجرمين ارتكبوا جرائم قتل وشروع بالقتل.
معاناة دائمة
تحدثت تقارير صحفية عن تأثير لعبة (PUBG) التي سبّبت الطلاق في بعض الدول، كما سبّبت العراك والقتل بين بعض اللاعبين، وصدرت فتاوى تحرم اللعبة لأنها برأيهم تسبب الإدمان والعداوة، حيث أصدرت السلطات الهندية قراراً رسمياً بالسجن لكل من يلعب لعبة «بوبجي» داخل الأراضي الهندية وقد اعتقلت عشرة مراهقين.
كما تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لشيخ عراقي يحذر من اللعبة التي يعتبر أنها تسببت في حالات طلاق وقتل، حيث تساءل إمام وخطيب جامع أبي حنيفة النعمان، الشيخ العراقي عبدالوهاب السامرائي -خلال خطبة الجمعة- عن دور الرقابة الإلكترونية تجاه هذه النوعية من الألعاب، كما استغرب من سيطرة لعبة خلال أشهر فقط على عقول الناس، مضيفاً: أنها تعلم الناس كيف يسطون على مدينة، وكيف يقتلون، خلال نصف ساعة، مبيناً بأنها تعليم للجريمة المنظمة بشكل مجاني، تعليم للقتل بشكل مجاني.
فيما حذرت مديرية الأمن العام بالأردن من انتشار اللعبة على الهواتف الذكية، وقالت المديرية في تعميمها: إن اللعبة تساعد على تنمية العنف، وتسيطر على نفسية اللاعب وإدخاله في حالة من التشويق والإدمان واستفزاز الخصم أكثر للقيام بأعمال القتل والتدمير، كما أنها تركز في جوهرها على تشكيل جماعات وعصابات والتواصل بين اللاعبين صوتاً وصورةً من كافة أنحاء العالم، ومن كلا الجنسين ذكور وإناث.
وأشارت بتعميمها على كافة مرتباتها، بعدم تحميل أو ممارسة هذه اللعبة؛ وكل من يخالف ذلك يتحمل المسؤولية القانونية، وسيتم اتخاذ أشد العقوبات بحقه.
كما حذّرت هيئة تنظيم قطاع الاتصالات بالأردن المواطنين ومستخدمي الهواتف الذكية من تحميل لعبة بوبجي، كونها تنمي فكرة العنف والعدوانية خصوصاً بين شريحة المراهقين، في وقت تقول فيه التقديرات إن نسبة انتشار الهواتف الذكية في الأردن تتجاوز اليوم الـ85%.
وقالت الهيئة، في تحذيرها الذي نشرته على صفحتها الرسمية على شبكة التواصل الاجتماعي: تحذر الهيئة كل المواطنين وأولياء الأمور من انتشار لعبة بوبجي، التي تحمل عبر أجهزة الهواتف الذكية.
وأشارت الهيئة في تحذيرها أن هذه اللعبة الإلكترونية تساعد في تنمية العنف والسيطرة على تفكير اللاعبين، لا سيما الأطفال والمراهقين منهم، مما يؤدي إلى إدمانهم اللعبة والتأثير سلباً على سلوكهم وبشكل عدواني.
انتهاك للخصوصيات
أكدت شرطة دبي احتواء بعض الألعاب الإلكترونية على برامج تجسس واختراق، يمكنها سحب المعلومات والصور؛ حيث سجلت 685 بلاغاً لجرائم تقنية المعلومات منذ بداية 2017 حتى سبتمبر الماضي، وقالت إن بعض الألعاب الإلكترونية مفيدة، ويمكن الاستعاضة بها للأطفال عن الألعاب الخطرة، عبر اهتمام أولياء الأمور بأبنائهم، والاطلاع على المحتوى الذي يتعرضون له، خاصة أن تلك الألعاب قد تدعو إلى تعاطي المخدرات أو الانتحار أو العنف، وأن بعضها تجسسي ويتضمن برامج اختراق للجهاز، منها سحب المعلومات والصور وأرقام الهواتف المسجلة، وفي بعض الأحيان يتعرض اللاعب إلى الابتزاز لاستكمال اللعبة، منوهة بأن بعض الألعاب الخطرة تروج في صيغة ألعاب أخرى، وأن غياب رقابة الأهل يتسبب في إلحاق الأذى النفسي والجسدي بالأبناء.
وأضافت أن الألعاب الإلكترونية تحمل العديد من الأضرار، منها الأضرار الاجتماعية والدينية والصحية والسلوكية، إضافة إلى تدهور التحصيل العلمي للطلبة المدمنين على تلك الألعاب، وهو الأمر الذي يؤدي إلى إلحاق العديد من المخاطر بهم.
وشددت على دور الأهل في رقابة الأبناء وعدم تركهم فريسة سهلة لتلك الألعاب التي وصفت بالمميتة، والتي تحرض على العنف والقتل والإرهاب والانتحار، موضحة أن مستخدمي هذه الألعاب يتعرضون لمخاطر صحية، منها: التأثير على النظر، والجلوس لفترة طويلة أمام الجهاز، التي قد تصل إلى 20 ساعة، مما يؤثر على التركيز والمخ والعمود الفقري وغيرها.
عنف واضح
ذكرت الصحف المصرية خبراً عن مقتل معلمة مادة الكيمياء «هانم.م»، 59 سنة، طعناً بسكين، على يد طالب في الصف الأول الثانوي، أثناء تلقيه درساً خصوصياً داخل منزلها في منطقة ميامي بالإسكندرية، بعدما تولدت لديه فكرة القتل من لعبة (PUBG)، وفي كوردستان العراق أيضاً قتل شاب أثناء محاكاة معارك لعبة بوبجي مع أصدقائه.
تحريم اللعبة
أصدر مركز الأزهر للفتوى بياناً حذر فيه من خطورة ممارسة اللعبة، وذلك بعد أن كانت الدافع وراء جريمة قتل ارتكبها مؤخراً طالب في الإسكندرية.
وأشار المركز في بيانه إلى أنه تابع ما نشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي من ألعاب تخطف عقول الشباب خاصة وكثير من أفراد المجتمع، وتجعلهم يعيشون عالماً افتراضياً يعزلهم عن الواقع، وتدفعهم بعد ذلك إلى ما لا تحمد عاقبته، ومن ذلك ما انتشر مؤخراً من لعبة (PUBG) وما يماثلها، وتستهدف هذه اللعبة جميع الفئات العمرية، وخاصة الشباب وتعتبر الوجه الآخر للعبة الحوت الأزرق.
وتابع البيان أنه هذه اللعبة تبدو في ظاهرها بسيطة، لكنها للأسف تستخدِم أساليب نفسية معقدة تحرض على إزهاق الروح من خلال القتل، وتجتذب اللعبة محبي المغامرة وعاشقي الألعاب الإلكترونية لأنها تستغل لديهم عامل المنافسة تحت مظلة البقاء للأقوى، وقد رصد قسم متابعة وسائل الإعلام بالمركز أخباراً عن حالات قتل من مستخدمي هذه اللعبة، وقد نهانا الله سبحانه عن ارتكاب أي شيء يهدد حياتنا وسلامة أجسامنا وأجسام الآخرين فقال تعالى: «ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً)، وقال (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق».
وأضاف البيان، «لخطورة الموقف، وانطلاقاً من دور مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية الرائد في إرشاد الناس إلى ما فيه خيرهم، وتحذيرهم مما فيه ضررهم، يحذر من خطورة هذه الألعاب ويهيب بالسادة العلماء والدعاة والمعلمين بضرورة نشر الوعي العام بخطورة هذه الألعاب على الفرد والمجتمع، وتأكيداً على حرمة هذا النوع من الألعاب، لخطورته على الفرد والمجتمع، يحرم مركز الأزهر للفتوى هذا النوع من الألعاب ويهيب بأولياء الأمور وكل الفاعلين في المجتمع والجهات المختصة إلى منع هذا النوع من الألعاب».