الكذب صفة ذميمة، وصاحبها شخص منبوذ، والذي يُمارس الكذب ويَعرف عنه الآخرون هذه الصفة يُقابل بالغبن وبالاستياء والتهميش والإقصاء، ويفقد ثقة المحيطين به والقريبين منه، هذا على المستوى العام فالثقافة السائدة في مجتمعنا الاردني، تُقصي الأشخاص الذين يمارسون هذا الفعل وتضعهم في أدنى مراتب السُّلم الاجتماعي، لكن هناك كذب آخر يرتدي لبوس المسؤولية والعطاء والإخلاص، فأصبح جزءاً من ثقافتنا اليومية وأعني الثقافة السائدة في مؤسساتنا ووزاراتنا ودوائرنا الحكومية، وهي ثقافة هجينة تحكمها الممارسات السلبية لبعض مسؤولينا..
عندما يخرج هذا المسؤول أو ذاك ويكون له تصريح سابق قبل جلوسه على مقعد المنصب يناقض كل ما يتحدث به بعد جلوسه على الكرسي تكون الجملة الوحيدة عند المواطن أنه.. كذاب رسمي..
ولكن لا يجد احد جريء يبين تناقض تصريحاته فيستمر في الكذب حتى يعفى من المنصب فيعود الى شعاراته السابقة التي تناقض كل تصريحاته وهو في المنصب..
أعود إلى السؤال المطروح في العنوان، وهو لماذا يكذب المسؤول؟ وأميل إلى الإجابة التي تقول إن المسؤول عندما يكذب ويستمرئ الكذب لأنه لا يجد في الإعلام من يقول له بأنك تستحق المحاسبة على هذا التضليل، ولا يجد من يذكّره بتصريحاته وأقواله ووعوده المتناقضة، ولا يجد من يقارن بين خططه أو خطط الجهة التي يقودها وبين النتائج التي حققها على أرض الواقع وليس على الورق وفي وسائل الإعلام، فما أحلى أن يكون المسؤول صادقا في وعده وأن يتطابق ما يقوله أو يصرح به على أرض الواقع، ليكسب ثقة الجماهير، ويكون كلامه ذا مصداقية وتأثير على المستمعين، بل إن المسؤول الصادق والمتميز والحريص على سمعته ينبغي عليه أن لا يصرح بأي وعد لاسيما إذا كان مفرغا من مقومات النجاح، لئلا تخدش مصداقيته ويصاب الجمهور تبعا لذلك باليأس من المواعيد الكاذبة التي ربما تتفاقم وتضحي وبالا على مطلقيها، وأخيرا ليعلم الكذابون والأفاكون إن حبل الكذب قصير وإن مطلقيه يتهاوون إلى الحضيض عاجلا أم آجلا ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، والعاقبة للصادقين.