مدار الساعة - حاولت صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية الإجابة عن بعض الأسئلة حول تطورات الأوضاع في الجزائر بعد إعلان رئيسها، عبد العزيز بوتفليقة استقالته.
يفتح تنحي بوتفليقة من منصبه الذي شغله على مدار أكثر من 20 عاما، مرحلة مدتها 90 يوما، ينبغي أن تنظم خلالها انتخابات رئاسية في البلاد. لكن ذلك لا يعني أن سيناريو الأحداث واضح تماما..
من سيكون رئيسا انتقاليا؟
بموجب الدستور، يعود تولي صلاحيات رئيس الدولة لرئيس مجلس الشيوخ، عبد القادر بن صالح (77 عاما)، الذي وصفه مدير مرصد الدول العربية، أنطوان بصبوص، قائلا إنه "من صنيعة بوتفليقة وهناك توافق تام بينه وبين رئيس هيئة الأركان، أحمد قايد صالح، فهو شخص ليس له لون أو طعم أو رائحة".
لكن هل سيصمد الجيش الذي مارس الضغط على بوتفليقة كي يستقيل، أمام إغراء فرض شخص من صفوفه خلفا للرئيس المستقيل؟ وفي حديث لـ"لوباريزيان"، لفت حسني عبيدي، مدير مركز الدراسات والبحوث حول العالم العربي والمتوسطي بجنيف، إلى أن "الجيش هو المؤسسة الوحيدة في الجزائر التي لا يشكك فيها أحد، ويعود إليه القيام بدور الضامن وتأمين بيئة هادئة خلال هذه الفترة الانتقالية"، لكنه أشار إلى أن نوايا العسكريين غير واضحة تماما في الوقت الحالي.
ومن وجهة نظر الخبير، فإن الخيار الأسهل بالنسبة للجيش هو دعم الرئيس الانتقالي القادم من مجلس الشيوخ، علما أن أي محاولة منه لفرض شخص من صفوفه سينظر إليها كمحاولة انقلاب على مؤسسات الدولة.
متى ستجري انتخابات الرئاسة؟
يمنح الدستور مدة لا تتجاوز 90 يوما لتنظيم الانتخابات الرئاسية، ويتعين على الحكومة الجديدة تعيين يومين كموعدين لجولتي الانتخابات الأولى والثانية. لكن حسني عبيدي لم يستبعد حدوث مفاجآت، مشيرا إلى أن 90 يوما مدة قصيرة جدا، لأن الدستور الجزائري لم تتم صياغته مع أخذ أزمة سياسية من هذا الحجم بعين الاعتبار.
وتحدث الخبير عن احتمال تكرار "السيناريو التونسي" في الجزائر، أي تمرير قوانين وإصلاحات عبر البرلمان الحالي بغية ضمان إجراء الانتخابات المقبلة بصورة سلسة.
ويذكر بصبوص بهذا الصدد أن رئيس الوزراء الجديد، نور الدين بدوي، هو أيضا وزير الداخلية السابق "الذي قام بالتزوير في الانتخابات الأخيرة، ما يعني أن الرأي العام سينظر إليه هذه المرة بحذر كبير".
من هم المرشحون؟
تشير الصحيفة الفرنسية إلى أن المرشحين عن المعارضة الجزائرية، بمن فيهم رشيد نكاز، لا يتحمسون لإضفاء صفة رسمية على ترشحهم، لكن "لوباريزيان" لا تستبعد أن يعود علي بن فليس، رئيس الوزراء السابق ثم أحد معارضي بوتفليقة، إلى المسرح، بعد رفضه الترشح في الانتخابات المقررة يوم 28 أبريل. أما المحامي وناشط حقوق الإنسان، مصطفى بوشاشي، فتكمن ميزته في أنه يحظى بدعم الشارع الجزائري. ووفقا لحسني عبيدي فإن هناك "شخصيات مهمة يمكنها التقدم للانتخابات الرئاسية، ولكن الجزائريين لم يعودوا يتقبلون الرجل الذي يمثل قدرا إلهيا".
هل في الأفق وقف التعبئة الشعبية؟
وهذا ما لا تتوقعه "لوباريزيان" على الإطلاق، نظرا لأن آلاف المتظاهرين يطالبون بالقطيعة مع "النظام"، وليس فقط رحيل بوتفليقة. وإذا كانوا وجدوا في نبأ تنحي الرئيس "خبرا جيدا"، إلا أنهم لا يعتبرونه كافيا.
ويعتبر بصبوص أن الشارع لا يريد بقاء بن صالح الذي لا يبدو له شخصا موثوقا به، وأن المتظاهرين سيصرون على رحيله. وشكك الخبير في قدرة رئيس مجلس الشيوخ على الصمود أمام هذه الموجة والاحتفاظ بزمام الحكم إبان الفترة الانتقالية.
وأضاف أن بإمكان مجلس الشيوخ في هذه الحال، انتخاب رئيس جديد له ليتولى رئاسة الدولة مدعوما من الشارع. أما الانتصار الكامل لدعاة تفكيك "النظام"، فشكك الخبير في إمكانية دخول البلاد في ظل حكم ديمقراطي بين ليلة وضحاها، بعد عقود من الزمن عاشتها الجزائر في ظل حكم مطلق؟ لكن بصبوص يشير إلى أنه لم يكن للمتظاهرين أن يحلموا يوما برضوخ بوتفليقة لهم خلال ستة أشهر فقط ودون سقوط قتيل واحد".
المصدر: لوباريزيان