انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

العالم العربي بعد الجزائر!

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/04 الساعة 03:18
حجم الخط

الجزائريون قتلوا «الوحش» دون أن تسال ولو قطرة دم واحدة. رحيل بتوفليقة صورة جديدة لنهايات الزعماء في العالم العربي، سيناريو لنهايات من خارج صناديق الربيع العربي، لا على الطريقة المصرية والتونسية ولا الليببية واليمنية. ما يجري في الجزائر يلخص لحظة جزائرية بحتة ومحضة، ودون أن رتوش أجنبية. النظام لم يستطيع حمايه نفسه، خيبة نظام، عندما تخلى عنه حلفاؤه من العسكر ورجال الاعمال «البزنس» في مواجهة احتجاج الشارع والشعب المطالب بإصلاح سياسي وتغيير الوجوه السياسية اللاعبة .
وهذا ما تقوله أحداث الجزائر..
أولا : أن الجزائر غير الدول العربية الأخرى، وأن كل بلد في العالم يحمل بذورا للتغيير والاصلاح على طريقته، ووفقا لخصوصية وطنية ومحلية سياسية واجتماعية.
و ثانيا : أن أي نظام سياسي لا يتسلح بالديمقراطية الاجتماعية والشعبية فهو خاسر وطنيا وتاريخيا لشرعيته، ولن يصمد أمام ارادة الاصلاح والتغيير، ومهما كانت كلفة التغيير والاستبدالات.
ثالثا : أظهرت الازمة الجزائرية طبقة تتسلح بالسلطة، وتتمترس وراء أسيجة وجدران سميكة لحماية نفوذها ومصالحها في الحكم. والا كيف تفسرون التمسك برئيس دولة لم ينطق حرفا من شهور، ويعاني من أمراض مزمنة وعصية وحتمية الموت تطارد سريره.
رابعا : المحتجون في الجزائر ليسوا شبابا ومتعطلين عن العمل وفقراء، الاحتجاج الجزائري سياسي واجتماعي عامودي وافقي. فلم يغب عن المسيرات الا المستفيدون واصحاب المصالح من السلطة القائمة.
خامسا : مطالب الاحتجاج، فوق ما هي اجتماعية ومعيشية، سياسية أيضا. الناس نفروا من قبضة الرجل الواحد، ونفروا من حكم الاقلية، ونفروا من طغمة الفاسدين، وتزاوج السلطة والبزنس، مطالب لربما تلبيتها لم يكن بالطبطبة والتحايل على الاحتجاج والاصلاحات القشرية والسطحية.
سادسا : على مرمى أبعد من الجزائر، فان التغيير الذي وقع في الجزائر عاد ليكون للقضية السياسية والاصلاح والحريات الصدارة في عالم عربي مائج وهائج في غفوة التاريخ بلا رجعة وصحوة.
صور سريعة عن أنظمة حكم عاشت على ترويض الشعب بالقهر والقمع. وباسم شعارات كبرى وقيم خالدة فاسدة تاريخيا ووطنيا ولا تحقق الا مصالح لاقلية وفئة عليا محدودة، ظلت تضيق الخناق الى حدود الموت لتدافع عن شبكات مصالح عميقة لا مرئية.
السؤال عن بناء الدولة ما زال يتجدد في العالم العربي، دخلنا الالفية الثانية، وقد مر ما يقارب القرن على الاستقلال عن الاستعمار الاجنبي، ولا زال بعض من الانظمة الحاكمة تنظر الى السلطة ترويضا للنار والحديد، والخروج عنها خيانة وكفر ولا بد أن يواجه، والشعب لا يحتاج لاكثر من القاء كسرات خبز للجوعى، وتلويح باوراق مالية صفراء، لكي تعاد الوحوش الى الاقفاص.
الجزائر درس وتجربة تاريخية. العالم العربي اقفل الحديث عن الثورة والتغيير بعد موجة ثورات الربيع العربي، وما أصاب العالم العربي من حروب وفوضى واٌقتتال أهلي. ودول ما زالت غير قادرة على الخروج من اللعنة التي أصابتها، وأقفاص الارهاب والقتل والفوضى والتدمير والرعب والخوف الذي سرق الثورات.
وكما كانت تونس نقطة تحول في التاريخ العربي المعاصر بما اخرجت من مكبوتات وطاقات مركونة ومقهورة، فما يجري في الجزائر يستدعي السؤال عن نقطة تحول تاريخية في تاريخ البلاد، وليس بمجرد تغيير رئيس او ازمة نظام، ولكن ثمة ما هو ابعد.
العالم العربي بعد الجزائر ليس قبلها، وكانت قد قيلت هده العبارة بعد الثورة التونسية. الشعوب تبحث عن دول حديثة، وتبحث عن بناء للاوطان. وعكس ما تقوم بعض السلطات من تقزيم لمطالب الشعوب الهائجة والثائرة بانها تريد خبزا لا حرية وديمقراطية وعدالة.

الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/04 الساعة 03:18