مدار الساعة - تقدمت جمعية جماعة الاخوان المسلمين برسالة الى رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز، أوضحت فيها رؤيتها وتصوراتها للخروج من عنق الزجاجة.
وقالت الجمعية في رسالتها إن الاوضاع الحالية تستدعي منكم وقفة جادة وتغييرا في نهج التعامل (...)، وذلك "لإنقاذ الوطن قبل أن تنفلت الأمور من عقالها، ونصل – لا سمح الله - إلى نقطة اللاعودة".
وجاء في الرسالة:
قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}.
دولة الدكتور عمر الرزاز رئيس الوزراء المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد؛
نكتب إليكم هذا الخطاب بعد مضي ما يقارب ستة أشهر على اجتماع قيادة جمعية جماعة الإخوان المسلمين بدولتكم، وتقديم النصيحة الصادقة المخلصة عن أحوال وطننا الأردن،وأحوال إخواننا المواطنين، ورؤيتنا للمخارج والحلول، وإننا يا دولة الرئيس نعلم علم اليقين عظيم العبء الذي تحملونه على أكتافكم، وحجم الأمانة التي طوقتم بها أعناقكم، راجين لكم من كل قلوبنا التوفيق في قيادة هذه المرحلة الخطيرة من عمر الدولة الأردنية، وأن يسدد الله تعالى خطواتكم وقراراتكم، فالوطن عزيز، والانتماء له واجب، والذود عنه فرض عين، وحل مشكلاته وتنميته مسؤولية الجميع، وتتعاظم المسؤولية كلما ازدادت الصلاحيات، وما خطابنا اليوم إلا تجسيدًا لهذه المعاني، وتطبيقا لقوله صلى الله عليه وسلم (الدين النصيحة) فنحن جماعة ترى أن ريحا صرصرا تهب على وطننا، وواجبنا جميعا أن نحميه، كل على حسب استطاعته وموقعه.
دولة الرئيس:
عامان فقط تفصلنا عن المئوية الأولى من تأسيس الدولة الأردنية، كنا نأمل فيها أن تكون دولتنا أكثر تقدما اجتماعيا وثقافيا وتربويا وسياسيا واقتصاديا وفي كافة المجالات، وأن تكون أكثر عدالة، وأن يصل أثر ذلك إلى كل بيت وكل أردني على امتداد رقعة وطننا الحبيب، غير أن الرياح تجري بغير ما يشتهي المخلصون من أبناء وطننا، بل لعلها تجري وفقاً لما يخطط له أهل الفساد والمصالح الخاصة، وليس خافيا على أحد مدى التردي الذي نعيشه، وإلى أي مستوى من الانحدار وصلنا:
على المستوى السياسي:
لم تتوج كل الجهود والمبادرات لإخراج قانون انتخابي يلبي طموح الشعب الأردني في مجلس نواب كفؤ يمارس دورًا تشريعيًا يخدم الشعب، ودورا رقابيا يجتث الفساد، ويفرز حكومة برلمانية منتخبة تعيد السلطة للشعب، وتنقذ الوطن من تغول قوى الشد العكسي التي لا تعرف إلا مصالحها الضيقة، على حساب هذا الشعب الذي نفد صبره؛ فما زال توريث المناصب هو سيد المشهد، وغياب المؤسسية عند الحكومات هي السمة البارزة، فكل حكومة تتبرأ من وزر ما قبلها، وتبدأ من جديد، وهكذا يبقى الوطن والمواطن في دوامة لا تنتهي.
على المستوى الخدماتي والاقتصادي:
فحدث ولا حرج، فمؤسسات الوطن بيعت بأبخس الأثمان، والضرائب بأنواعها المختلفة تلتهم قوت المواطنين، والكساد التجاري يضرب الأردن من شماله إلى جنوبه، والديون تتراكم على الناس، وإغلاق كثير من الشركات، بل وفرار أعداد من التجار، وهجرة الآلاف من الأردنيين تُعد ظاهرة غريبة لم يسبق لها مثيل، ومسيرات المتعطلين عن العمل الذين لا يجدون لقمة العيش من كل محافظات ومدن الأردن غدت ككرة الثلج تكبر مع الأيام، مالم ينالوا حقهم في التوظيف أو التشغيل في المشاريع، ومديونية هائلة تجاوزت كل المعايير، ولا يعلم الأردنيون كيف أُنفقت، ومن المسؤول عنها، وبُنية تحتية مهترئة تتسبب سنويا بفيضانات مدمرة، وتقرير لديوان المحاسبة مليء بالفساد وخالٍ من الفاسدين.
وفوق هذا كله، مازالت التعيينات في المناصب العليا، تتم عبر التنفيع والمحاصصة والواسطة، متجاوزة أسس الشفافية والعدالة في التعيين، وأصبح ديوان الخدمة المدنية مؤسسة لتوظيف الفقراء في وظائف الحد الأدنى من العيش، أما أبناء المتنفذين فالمناصب العليا لهم محجوزة، والرواتب الكبيرة مصروفة.
على المستوى الاجتماعي:
لا يخفى عليكم يا دولة الرئيس الحالة الاجتماعية المتردية التي وصلت اليها حالة الناس، فآثار البطالة في ازدياد، ومعدلات الجريمة كالغش والرشوة والنصب والاحتيال والسرقة بل والسطو المسلح تتصاعد، ونسبة العنوسة بين الشبان والشابات مرعبة، والبيوت المهددة بالطلاق تتزايد،
وكل هذا يشكل عبئا أمنيا واقتصاديا على المدى القريب والبعيد.
على المستوى الأخلاقي والقيمي:
لقد شهد أردن الطهر أنشطة وفعاليات بعيدة كل البعد عن ديننا، وتضرب منظومة الأخلاق الفاضلة التي تربينا عليها، تمثلت في حفلات المجون العلنية، أو تلك التي اتخذت من طقوس عبدة الشياطين طريقا للهو والمجون، وكان من الواجب أن يتم اتخاذ الإجراءات والتدابير المختلفة، وأن تشرع القوانين التي تجتث الظاهرة من جذورها، وتحمي المجتمع من الانزلاق في مستنقعات الرذيلة، وفي مشهد آخر تنتشر المخدرات في المدارس، وتتهاوى الأخلاق في الجامعات والشوارع دون أي تحرك جاد لإنقاذ سفينة المجتمع من الغرق.
دولة الرئيس:
إن ما تقدم هو غيض من فيض، يستدعي منكم وقفة جادة وتغييرا في نهج التعامل مع كل ما ذكرنا، وذلك لإنقاذ الوطن قبل أن تنفلت الأمور من عقالها، ونصل – لا سمح الله - إلى نقطة اللاعودة، وإننا إذ تقدمنا بنصيحة سابقة لدولتكم فإننا نكرر النصيحة مؤكدين على رؤيتنا في جمعية جماعة الإخوان المسلمين وهي كما يلي: