انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

أزمة السير في عمان.. من زوايا أخرى

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/09 الساعة 00:35
حجم الخط

أزمة السير في عمان لم تعد مقرونة بفترة زمنية. الصبح الظهر ومساء، وكل الاوقات، وحتى أيام العطل وفي الليل، شوارع عمان غارقة بالازمة. ولربما أخطر ما في أزمة السير أنها تتحول الى محور يسقط عليه الاردنيون كل ازماتهم وعجزهم المكبوت.

وغالبا ما يضعون اللوم ويحمّلون المسؤولية في إجابات عشوائية لـ «شرطي السير»، المسكين واقف على دوار الداخلية أو دوار الكليو ما ذنبه أن عدد السيارات في عمان وصل الى مليون سيارة، وما ذنبه أن العاصمة تعاني من شبكة نقل عام، وأن تطبيقات النقل الذكي أهبطت أزود سيارات على شوارع عمان لتعمل ليلا ونهارا.

وما ذنبه أن البعض من الأردنيين لا يعرفون آداب ومهارات السواقة، وأن بعضا من سائقي التكسي يلاطش ملاطشة ليتقط راكبا من جانب الطريق، وأن بعضا من سائقي حافلات النقل العام المتوسطة والصغيرة يتبارون في حلبات الشوارع صراعا على راكب، ويقصون الطريق باسرع السبل لتوفير ديزل، والتقليل من كلف التشغيل، خذ ما تشأ من صور للفضوى المرورية العارمة.

وما ذنبه أن بعضا من السيدات يحصلن على رخص السواقة بالواسطة، ولا يعرفن قيادة المركبات بشكل قويم وسليم. وما ذنبه أن الامانة تمنح تراخيص لمولات ومطاعم ومحال تجارية ومستتشفيات ومدارس في مناطق سوداء مروريا، وتشكل عقدا مرورية تزيد من الطين بلة، وتسهم في ولادة اختلالات مرورية يصعب معالجتها بكل هندسات التخطيط والتنظيم في العالم.

أزمة السير لربما من أكثر ما يؤرق الأردنيين الى جانب منغصات أخرى تملأ المجال العام في العاصمة الحبيبة. ويقف خلف ازمة السير، كثير من اسباب أخرى، ومن البديهي أيضا أن شبكة الطرق وترديها وحالها العام تعلب دورا في تفاقم الازمة المرورية.

وأتحدث هنا عن أسباب وعوامل مرئية وظاهرة للعيان، ولكن ثمة، من يذهب الى ما هو أبعد في تشخيص الاسباب، ولاعتبار أن القضية لها عوامل أبعد خلفية وخفية. فهي عنوان أيضا لما بلغت إدارة المدينة من سوء بالتنظيم والتخطيط.

ولفهم هذه المعادلة، قد يكون ضروريا فهم قواشين الاراضي وملكياتها، وما قد بلغته أسعارها في مناطق يتجه كل الاستقطاب التنظيمي اليها. سعر متر الارض وصل في مناطق الى الف والف ونصف دينار. وسعر العقار المبني الفين وثلاثة الاف دينار، أسعار تضاهي نيويورك وباريس وطوكيو، ولربما في بعض المناطق تضاهيها وتزيد عنها.

أتحدث هنا بنية غير صافية، وتشكيك حتى يثبت عكس ذلك، وأقول أنه لابد من إجراء سياسة مسؤولة ورشيدة ومنهجية لمراجعة شكل عمان، وامتدادها الاتجاهي من الشمال الى الجنوب، وتحديدا من الشرق والغرب. والتفكير في المناطق غير المؤهلة، والتي تحتاج الى لبنى تحتية وخدماتية لتنظيمها، ولتدشين على الخرائط لتكون محجا للعمران والحياة.

ومن هنا أيضا ثمة سوسيولوجيا سياسية، وعلى الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، والاداري. فلماذا يجري حصر الأردن في عمان، وحصر عمان في مناطق معينة ؟ ولماذا لا يجري توزيع النشاط على كافة رقاع جغرافيا المدينة، لا أريد الحديث هنا عن مركزية العاصمة، ولكن تفتيت المركزية الاولى للعاصمة، وللانطلاق نحو توزيع عادل للنشاط الخدماتي والتجاري والعقاري والاقتصادي.

في عمان رأسمالية عقارية متوحشة ومتنفذة، والعاصمة خضعت لتركيب سكاني متناقض وغير طبيعي جراء ازمات وهجرات غير منقطعة. وتبدو عمان بقدر ما هي طاردة ومنفرة الا أنها الجاذب المدني الوحيد في الأردن، وذلك لغياب البديل والمنافس، وما يدفع حقيقة الى ضرورة النقاش حول مستقبل عمان في ظل ما يطرأ من أزمات مرورية وأخرى على مستوى البنى التحتية والخدمات.

من يرى على مداخل ومفاصل قلب عمان أزمة السير الخانقة، وغرق الشوارع الرئيسية والفرعية بالسيارات، يدرك بالتفصيل أن الازمة أكثر خطورة، وانها أيضا قابلة للانفجار بأي لحظة، وأن يصل تكدس السيارات لحد العطل والتوقف، وبزوغ خيارات أخرى تواجه السائقين في معظم شوارع عمان المتهالكة والردئية وشبه المنهارة. الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/09 الساعة 00:35