مدار الساعة - أكد رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون على أن "أرض المشرق لا يجب أن تفرغ من أهلها، ومهد المسيح ودرب الجلجلة والقبر المقدس لا يمكن أن تكون من دون مسيحيين، كما لا يمكن للقدس وللمسجد الأقصى أن يكونا من دون المسلمين، فلا مياه تنساب إذا جفت ينابيعها"، مشددًا على دور كل مواطن في المنطقة في نشر ثقافة السلام وثقافة قبول الآخر واحترام الحقوق، من خلال التثقيف والممارسة السياسية وإيجاد مساحة للتلاقي والنقاش والحوار.
وخلال رعايته افتتاح أعمال المؤتمر الذي تنظمه رابطة كاريتاس في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، تحت عنوان: "خدمة الخير العام في إطار التعددية"، في دير سيدة الجبل، بمنطقة كسروان اللبنانية، لفت الرئيس عون إلى أنّ أهمية كاريتاس تكمن في نشاطها العابر للطوائف والأعراق والدول والانتماءات، فهي تنتشر في 15 دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتقدم المساعدة والخدمة حيث هناك حاجة، بمعزل عن الدين والهوية والعرق، وبالتالي فإن الجمعية الخيرية تساهم بكسر حواجز التطرف والتقوقع والانغلاق ورفض الآخر المختلف.
وشدد الرئيس اللبناني على أن منطقة الشرق الأوسط هي مزيج من الثقافات والحضارات ومهد للديانات السماوية، وهي نموذج فريد للغنى الروحي والثقافي والمعرفي، وبأن ضرب أي مكون من مكوناتها هو ضرب لها ولفرادتها، مؤكدًا على أن النزف البشري الحاصل في المشرق والهجرة القسرية لبعض المكونات، مضافًا إليه تهجيرات الحقبة الماضية وتقسيم فلسطين وتشريد أهلها، واستكمال الضغوط لتوطينهم في البلدان التي هجروا إليها، تؤسس كلها لمشرق جديد، غريب عن هويته الجامعة، وبعيد كل البعد عما يمتاز به من تنوع ديني ومجتمعي وثقافي.
أما الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك الموارنة ، فأشار في كلمته إلى أن الخير العام في تعليم الكنيسة الاجتماعي هو توفير مجموع الشروط الحياتية التي تتيح للجميع، أفرادًا وجماعات، تحقيق ذواتهم على أكمل وجه وبأوفر سهولة. وبالتالي ينبع مبدأ الخير العام من طبيعة الإنسان الاجتماعية وكرامته. ولذلك هو مجموعة الشروط الاجتماعية الضرورية لتأمين حياة كريمة له ومكتفية وضامنة لحقوقه الحياتية.
ولفت البطريرك الماروني إلى أن الكنيسة تعتبر أن الخير العام يتضمن ثلاثة عناصر أساسية، هي: احترام الشخص البشري من قبل المجتمع والدولة، بتأمين الشروط لممارسة حرياته الطبيعية، وثانيًا تأمين الرفاهية الاجتماعية والتنمية التي توجب على الدولة تأمين الحقوق الاساسية للمواطنين، وثالثًا توطيد السلام بإقامة نظام عادل ومستقر، وهذا واجب على السلطة السياسية.
من جهته، عبّر مدير جمعية الكاريتاس الأردنية وائل سليمان عن سعادته بالمشاركة في أعمال المؤتمر، وقال بأن الأردن يقدّم خدماته للجميع بدون استثناء، سواء للأردنيين كعائلات وأفراد، أو للاجئين والمهجرّين من العراق وسوريا. وأعرب عن تقديره بإشادة قداسة البابا فرنسيس الدائمة بما يقوم به الأردن من استقبال وإيواء للاجئين والمهجّرين، وكذلك أشاد بالتعاون القائم بين المؤسسات الرسمية ومؤسسة كاريتاس الأردن، لأن الهدف واحد، وهو في النهاية خدمة الإنسان الموجود على الأرض الأردنية، سواء كان مواطنًا أصليًا أو وافدًا أو لاجئًا.
وبدوره قال الأب رفعت بدر مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والاعلام في بيروت، إن الكنيسة في الأردن، كما في الشرق الأوسط، تقدّم الخدمات الجليّة والواضحة للجميع عبر مؤسساتها الخيرية، وأهمها في الفترة الأخيرة جمعية الكاريتاس. وأشاد أيضًا بالتعاون القائم في الأردن وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لأن من شأن هذه الأعمال الخيرية أن تخفف آلام الناس، وتبني أملاً في نفوس الأجيال، مذكّرًا بشكل خاص بالخدمات التعليمية التي تُقدم ، بفتح مدارس خاصة ، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ، سواء للعراقيين أو السوريين لأن ذلك من شأنه أن يحيي روح التفاؤل لدى هؤلاء الأطفال بأن المستقبل سيكون أفضل بإذن الله.
ويشارك في أعمال المؤتمر رئيس كاريتاس الدولية الكاردينال لويس أنطونيو تاغلي، وعميد الدائرة الفاتيكانية المعنّية بخدمة التنمية البشرية المتكاملة الكاردينال بيتر توركسون، والأب قرياقوس شيروبوزاتوتاتيل ممثل عميد مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري، ورئيس كاريتاس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السيد كبريال حتّي، إلى جانب حشد من البطاركة والأساقفة والكهنة، ووفود من جمعيات كاريتاس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفاعليات سياسية وروحية وناشطة في الحقل الاجتماعي. ومن الاردن يشارك مطران الروم الكاثوليك المطران جوزيف جبارة ومدير الهيئة الادارية الشماس جبران سلامة واعضاء الادارة المرافقين للسيد سليمان يزن مجج وعمر عبوي ومجدي بقاعين. ويستمر المؤتمر حتى مساء السبت المقبل .