يبدو ان البعض بات يستهوي متابعة وتصديق ، لا بل واعادة نشر اي معلومة تصله من هنا او هناك عبر منصات التواصل الاجتماعي تحديدا ، خاصة اذا ما كانت لها علاقة بشخصيات او احداث وقضايا اردنية .. رغم اننا في كثير من الحالات لا نحتاج الى كثير عناء لنكتشف انها مجرد إشاعة ، ومع ذلك تجد هناك من يتبرع بنقلها ونشرها ومن موقع الواثق .. وتراه وقد تحصن خلف وسيلته الاعلامية المفضلة ، واخذ يطلق الاشاعات في كافة الاتجاهات التي يمكنه استهدافها او الوصول لها ، طالما انه يمتلك مثل هذه الوسيلة التي باتت متاحة امام الجميع . كذلك فانه وبغض النظر عن مستوى رواد وسائل التواصل التعليمي والثقافي . الا ان أكثر ما يلفت الانتباه في هذا الموضوع ، ان معظمهم من مستويات متقدمة تعليميا وثقافيا ، ومن اصحاب التجارب والخبرات الحياتية والعملية المختلفة . الامر الذي يجعلنا امام احتمال تمرير اي رسائل او اجندات خاصة اذا ما كانت خارجية ، طالما هناك من هو مستعد لتبنيها ونشرها لاعتبارت مختلفة ، منها ما هو مرتبط بنوعية الشخص المتلقي ربما ، الذي لا يتردد في نشر كل ما يصله من مقاطع ومعلومات يرى انها ملفتة ومثيرة ، ومن باب الشعور انه بذلك انما يشارك ويتفاعل مع الاحداث . او قد تكون ترجمة لمواقف معينة حصلت معه خلال مروره بمحطات الحياة العملية المختلفة ليجد في نشر كل ما يصله من معلومات او اخبار فرصة لتفريغ ما بداخله من شحنات في الغالب سلبية ، قد تتخذ شكل رد الفعل التي تنم عن حالة غضب او عدم رضا عن مواقف معينة واجهته او حصلت معه ، ولم يقوى على التعاطي معها في حينه ، فكان عامل الزمن - كما يرى - كفيل بمنحه مثل هذه الفرصة ، ليعبر من خلالها عما في داخله . او لاعتبارات مرتبطة بفقدانه الثقة بمؤسسات الدولة ، بطريقة تجعله يستغل اي موقف او معلومة تستهدف هذه المؤسسات ، وتعزز من حجته في فقدان ثقته بها ، وذلك بغض النظر عن حقيقتها وصدقيتها ومصدرها . وربما ايضا لانه يجد فيها الدليل على صحة ما ذهب اليه في تحميل مسؤولية ما يحدث من تراجع في الاداء العام ، وصولا الى هذه الاوضاع الصعبة والمتردية الى سوء الادارة ، بدليل انه لم يتعاطى مع نفي هذه الاشاعات وعدم صحتها بنفس الاهمية التي تعاطى فيها عند وصولها له وتطوعه بنشرها حتى قبل ان يتحقق من مصدرها او صدقيتها . اي انه اهتم بنشرها وهي اشاعة ، ولم يهتم بنشرها عند نفيها وكشف حقيقتها .
من جهة اخرى فان الاشخاص او المواقع التي تصدر مثل هذه الاشاعات ، انما تراهن على وجود من لديه الاستعداد والقابلية في تصديقها وتبنيها ونشرها لدى الجهات التي تستهدفها ، واحيانا بنسب تفوق توقعاتها ، كما هو الحال مع صفحة jordan law على موقع الفيس بوك التي اطلقت قبل ايام تغريدات من الخارج حول قضية الدخان ، تناولت شخصيات اردنية شغلت مواقع وظيفية متقدمة ، اكدت وحدة الجرائم الالكترونية في جهاز الامن العام ، انها معلومات مفبركة ومضللة ، ومع ذلك فقد انتشرت كالنار في الهشيم ، واستحوذت على اهتمامات الشارع الاردني بشكل لافت ، حتى قبل السؤال عن هذه الصفحة ومصدرها ، والتي لم يسبق ان سمعنا عنها ، الا بعد ان احتدمت النقاشات المحلية بعد اعلان مدعي عام محكمة امن الدولة عن لائحة الاتهام في قضية الدخان . وباتت الغالبية على استعداد للتعاطي مع اي تغطية اعلامية حول هذا الموضوع الهام والحساس ، خاصة اذا ما كانت هذه التغطية تميل الى تهويل الامور وتضخيمها على حساب الحقيقة ، كما جاء على هذه الصفحة ، التي امكنها تأجيج الامور بطريقة شحنت الاجواء بالافتراءات والاشاعات التي تم التعاطي معها كحقائق ، وذلك قبل ان يتم تكذيبها .
ان التحدي الابرز الذي يواجه الاردن في هذه المرحلة الحرجة ، التي تشهد انعطافات سياسية واقتصادية حادة ، يتمثل في وسائل التواصل الاجتماعي ، التي لا تخضع لضوابط ومعايير اعلامية مهنية ، تضبط حركتها المعلوماتية والاخبارية . الامر الذي يجعلها ويحولها الى نقاط ضعف ، كفيلة باحداث اختراقات وثغرات داخلية ، قد تتخذ شكل الاشاعات او التأويلات التي تنخر في جسم الوطن ، وتجعله عرضه لتمرير الاجندات المغرضة ، التي تستهدف الداخل الاردني بالفتن والفوضى . بحيث يتحول بعض المواطنين الى اداة بيد مروجي هذه الاجندات المسمومة عبر هذا الفضاء الاعلامي الواسع والمفتوح على كل الاحتمالات الممكنة والمتوقعة من نشر المعلومات والاخبار المتدفقة من خلاله.