أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية الموقف شهادة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

هل صحيح أن بلدنا فقير أم هو سوء تخطيط وتدبير؟!

مدار الساعة,مقالات,نسبة البطالة,البحر الميت
مدار الساعة ـ
حجم الخط

بقلم: عبد الرحمن خالد الطوره

كثيرا ما يردد المسؤولون في بلادنا بأن ما نعانيه من صعوبات اقتصادية ومن مديونية بلغت درجة الخطر سببها أن مواردنا محدودة وشحيحة، ولذلك تلجأ الحكومات دائما الى الاقتراض الخارجي والداخلي، ورفع أسعار السلع والخدمات والضرائب لتغطية العجز في الموازنة العامة. لكن الأبحاث والدراسات والمسوحات العلمية تقول عكس ذلك ، وتثبت بأن بلدنا فيه من الموارد الدفينة والمكتشفة والمستغلة فيما لو احسن ادارتها لكنا في وضع اقتصادي مريح بل في بحبوحة. فبلدنا مغطى بالفوسفات من شماله الى جنوبه ، وكذلك غني بالصخر الزيتي الذي يقدر بأكثرمن 50 مليار طن يمكن ان ينتج عنه اكثر من 10مليارات برميل من النفط الخام، فنحن الدولة الرابعة على مستوى العالم من حيث الاحتياطي في هذا المورد.

كما ان بلدنا يتوافر على كميات كبيرة من اليورانيوم والنحاس والمنغنيز والذهب والرمل الزجاجي والعديد من المعادن النادرة التي تدخل في كثير من الصناعات المهمة، والتي في حال استخراجها سترفد الخزينة بمليارات الدولارات، هذا علاوة على البوتاس واملاح البحر الميت العديدة، ناهيك عن طاقتي الشمس والرياح كمصادرللطاقة المتجددة النظيفة التي بدأنا باستغلالهما حديثا.

ان بلدنا ليس فقيرا كما يشاع، بل هو بلد غني ليس فقط بموارده الطبيعية المتنوعة وإنما بموارده البشرية المؤهلة في جميع الاختصاصات. لكن المشكلة على ما يبدو ليست في الموارد بنوعيها البشري والطبيعي، وانما في العقلية التي تدير هذه الموارد. فهناك دول لا تتوافر عندها الموارد الطبيعية كما هو عندنا مثل سنغافوره واليابان ، ولكنها تقدمت وفاقت كثيرا من الدول ذات الموارد الطبيعية الهائلة باعتمادها على راس المال البشري المدرب والمؤهل ، وبحسن ادارة هذه الموارد حققت المعجزات الاقتصادية التي جعلتها في طليعة الدول المتقدمة التي يشار الى منجزاتها بالبنان . ان مشكلتنا ليست في نقص الموارد الطبيعية والبشرية، وأنما في سؤ ادارتهما على المستويين الرسمي والشعبي . فالبلد الذي يشكو من فقر الموارد وشحها ، ومن أرتفاع نسبة البطالة ، يشغّل في نفس الوقت أكثر من مليون ونصف وافد ، أي ان فيه فرص عمل اكثر بكثير من حاجات أبنائه الباحثين عن العمل . كما ان البلد الذي بلغ مجموع الأموال المودعة في بنوكه حوالي الأربعين مليارا من الدنانير ليس بلدا فقيرا ، ولو تم توظيف هذه الأموال الطائلة في مشاريع انتاجية اوخدمية لخلقت فرص عمل كفيلة بحل جذري لمشكلة البطالة المستفحلة منذ عقود.

ان البلد الذي أنفق مواطنوه فقط على السياحة الخارجية خلال 11شهرا الأولى من العام الماضي 2018م مبلغ 917.1مليون دينار(جريدة الغد عدد 8شباط 2019م ) ليس بلدا فقيرا فكيف اذا أضيف اليها حوالي800مليون دينار صرفت على (صك الحكي) الانترنيت والبطاقات الخلوية وحوالي 700 مليون دينارعلى التدخين ؟! كما لاننسى في هذا المقام ظاهرة البذخ والتبذير، وبخاصة في مناسبات الأفراح والأتراح ، حيث تهدر الأموال الطائلة في غير أماكنها الصحيحة تمسكا بعادات واعراف اجتماعية بالية يفترض أننا تخلصنا منها منذ عقود ، ولكنها للأسف تزداد تجذرا رغم مانزعمه من تقدم علمي وثقافي، وهذا معناه عدم حدوث تغيير ايجابي وملموس على سلوك وثقافة مئآت الألاف من مخرجات مؤسسات التعليم العالي والمتوسط حيث هناك أكثر من 30جامعة رسمية وخاصة وعشرات الكليات الجامعية المتوسطة وأكثر من 6000 مدرسة ؟!

وبعد؛ هذا البلد ليس فقيرا رغم تكرار المسؤولين لهذه الأسطوانة التي تخالفها حقائق الواقع وإنما هو بلد غني بموارده البشرية والطبيعية، لكنه يعاني من سوء التخطيط وسؤ الادارة وغياب الإرادة الجادة للتغييرعلى المستويين الرسمي والشعبي على حد سواء. فمهما امتلك من مصادر غنية فلا فائدة ترجى من ورائها في إحداث نهضة حقيقية مالم تتوفر لهذه الموارد ادارة وأرادة علمية وطنية مخلصة . فبالادارة الكفؤة والرشيدة المستندة الى ارادة سياسية وطنية يمكننا تعويض أي نقص اذاما وجد في الموارد الطبيعية.

مدار الساعة ـ