مدار الساعة - كتب: محرر الشؤون السياسية - لم يكن السؤال حول فشل مشروع تنظيم "داعش" الإرهابي في المنطقة جوهرياً أو مهماً، لانه كان معروفا مسبقاً. أما السؤال الجوهري فقد كان على الدوام هو "متى؟".
مراقبة قريبة بل وبعيدة عن الادوات والآليات التي اتبعها التنظيم الارهابي تحكي: كيف تفشل في تحقيق مشروع سياسي معين.
ربما من المبالغ فيه القول ان لدى تنظيم داعش مشروعاً سياسياً. كل ما كان لديهم بحسب وثائقهم هو ارهاب الناس بالدم والخوف. ولم يكن هذا يوماً مشروعاً لأي كيان سياسي إسلامي قام في التاريخ.
ما قام به تنظيم داعش في المنطقة انه زاد من تعقيد الخلافات العرقية لدى اهل المنطقة. في الحقيقة، صار يطارد المسلمين قبل غيرهم، وعندما يعجز عن مطاردة من قال: "لا اله الا الله محمد رسول الله" صار يطارد ابناء التنظيم نفسه. هكذا صار تنظيماً يتآكل داخليّاً وخارجيّاً.
لا تبنى الدول في الفراغ، وهذا ما ظن داعش انه بامكانه ان يفعله.
اكثر من ذلك، كان تنظيماً مقامراً. وكما فشل داعش في الابقاء على الاراضي التي سيطر عليها فشل أيضاً في الإبقاء على القيادات التي ضمت صفوفه.
اليوم يعاني التنظيم من انحطاط وتفكيك وعدم قدرة على دعم اعضائه ماليّاً وعسكريّاً.
وهو ما جعل أعداداً كبيرة من مقاتلي داعش ينسحبون من التنظيم بعد انتهاء او توقف الدعم المالي.
كانت جمعة مشمشية مقامرة، تحول فيها التنظيم إلى الخاسر الأخير. أما الأول فهم المسلمون الذين كانوا ضحاياه بالدم وضحاياها بالثقافة. اليوم يلعق التنظيم جراحه ويتمنى مقاتلوه العودة الى بلادهم وكأن دماً لم يسفك.