مدار الساعة - في عام 2010 اتصلت أمّ أمريكية في الثانية والعشرين من عمرها، تدعى أليكسندرا توبياس، بالرقم 911 لتبلغ خدمة الإسعاف أنّ طفلها "ديلان" الذي في الشهر الثالث من عمره توقف عن التنفس ويحتاج إلى إنعاش فوري، وأخبرت المحققين أن الطفل سقط من على الأريكة بعد أن دفعه الكلب وارتطم رأسه بالأرض، وهو ما لم يحدث فعلياً.
ففي وقت لاحق اعترفت، وهي منهارة ومنكسرة، أنّها كانت منشغلة بلعبة "المزرعة" على فيسبوك، وقد فقدت أعصابها عندما بدأ ابنها يبكي، ولا يسمح لها بالتركيز، فأخذت تهزه بقوة، فارتطم رأسه بالحاسب، وفي المشفى أعلن أنّه توفي بسبب جروح في الرأس وساق مكسورة!
في كتابها المعنون باسم "التأثير السيبراني" للمؤلفة الأمريكية "ماري آيكن"، تتحدث بشكل مُسهب عن موضوع "إدمان الإنترنت"، وما يسببه من مخاطر، والذي سنتناول في هذه المادة الجزء الثاني من الفصل الأول للكتاب بعد أن تحدثنا في الجزء الأول عن: كيف يحوّل "الإنترنت" الأفعال الشاذة إلى حالة اعتيادية؟
وفي الأعوام الماضية دخلت كلمة "إدمان الإنترنت" لأول مرّة في القواميس اللغوية الغربية، وأصبح لها تصنيف في أغلب الدراسات النفسية التي تعالج مشكلة الإدمان عموماً.
وتوضح مؤلفة كتاب "التأثير السيبراني"، ماري آكين، أنّ ما يدفع المستخدم للإدمان على الإنترنت أشياء كثيرة؛ أبرزها ما سمّته "الإغراء المتقطع"، أو "متعة الفشل"، وشبهته بالطريقة التي يتعامل بها الفرد عند شرائه بطاقة يانصيب، وهو يعلم أن نسبة فوزه في البطاقة تعادل 1 على 300 مليون! ومع ذلك يشتري البطاقة على أمل الفوز مرّة في العمر، بناء على الحظ لا المنطق.
إنّ الجرعات الصغيرة التي تمنحها مواقع التواصل الاجتماعي من الدوبامين للدماغ، تجعله مرابطاً أمام الأجهزة على أمل أن يأتي شيء جديد يسرّه، وخاصية الإشعارات تُلبي هذه الحاجة للإنجاز.
واجترحت المؤلفة عبارة: "أنا أبحث إذاً أنا موجود"، وكيف أنّ الفضول وحده هو ما يجعل الشخص يجلس ساعات طويلة دون فائدة حقيقية وهو يشعر أنّه يمضي وقته فيما يفيده.
أوضحت المؤلفة أنّ 12% من البالغين في أمريكا مصابون بما يعرف بإدمان الإنترنت، و90% من الشعب الأمريكي يستخدم الفضاء السيبراني بشكل فوق الحاجة، ليس الأمر مقتصراً على الألعاب فقط في موضوع الإدمان بل يشمل أيضاً التسوّق، والذي في بعض صوره يكون "تسوقاً قهرياً" لا يقدر فيه المرء على ضبط سلوكياته في الشراء، ويتحول التسوق من رغبة إلى حاجة ملحة لايقدر على مقاومته له.
وفي بريطانيا افتتحت لأول مرة عيادات تعالج الإدمان من الألعاب الإلكترونية، خصوصاً بعد تصنيف منظمة الصحة العالمية هذا الإدمان رسمياً بأنه "اضطراب عقلي ناجم عن الإفراط باستخدام الألعاب على الإنترنت"، وأن "اضطراب ألعاب الإنترنت" يصيب فئة كبيرة من الشريحة العمرية بين 12-20 عالمياً.
ونبّهت إلى أنّ مواقع الإنترنت، وتطبيقات التواصل الاجتماعي، والألعاب، مصممة بشكل خاص كي يُدمن عليها الشخص.