مدار الساعة - يحيي أبناء وبنات الأسرة الأردنية الواحدة، غداً الموافق للسابع من شباط، الذكرى العشرين ليوم الوفاء والبيعة، ذكرى الوفاء للمغفور له بإذن الله، جلالة الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، والبيعة لجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، الذي تسلم سلطاته الدستورية في السابع من شباط عام 1999 ملكاً للمملكة الأردنية الهاشمية.
ويستذكر الأردنيون يوم رحيل الملك الباني، الحسين بن طلال، بعد مسيرة حياة حافلة بالعطاء والإنجاز على مدى سبعة وأربعين عاماً، عاشها الحسين إلى جانب أبناء شعبه الوفي لبناء الأردن الحديث، وخدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية، فيما يقف الأردنيون صفاً واحداً بكل همة وعزيمة وإصرار، خلف قيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، وهو يواصل مسيرة البناء والتحديث والتنمية والتطوير، على نهج آبائه وأجداده من بني هاشم.
وفي عصر ذلك اليوم، وتحت قبة مجلس الأمة، بيت الشعب، أقسم جلالة الملك عبد الله الثاني، اليمين الدستورية ليحمل أمانة المسؤولية الأولى، مستعيناً باسم الله وبركته، على المضي قدماً بالمسيرة الأردنية، لتعزيز ما بناه الآباء والأجداد، وليعلن بقَسَمه أمام المجلس، العهد الرابع للمملكة، حاملاً أمانة المسؤولية من أجل رفعة الوطن وتقدمه.
واليوم، إذ تتزامن هذه المناسبة مع الذكرى العشرين لتولي جلالة الملك سلطاته الدستورية، يمضي أبناء وبنات الوطن قدماً في مسيرة الإصلاح الشامل والبناء والإنجاز التي انتهجها قائدهم، ويتطلعون بعزم وإرادة إلى المزيد من العمل والعطاء في مجتمع تسوده الديمقراطية والعدالة واحترام حقوق الإنسان، وتحقيق الاعتماد على الذات للوقوف أمام مختلف التحديات وتجاوزها وصولاً لمستقبل أفضل.
وقال الراحل الكبير في الرسالة التي بعثها لنجله جلالة الملك عبد الله الثاني "عرفت فيك، وأنت ابني الذي نشأ وترعرع بين يدي، حب الوطن والانتماء إليه، والتفاني في العمل الجاد المخلص، ونكران الذات، والعزيمة وقوة الإرادة وتوخي الموضوعية والاتزان والاسترشاد بالخلق الهاشمي السمح الكريم، المستند إلى تقوى الله أولاً، ومحبة الناس والتواضع لهم، والحرص على خدمتهم والعدل والمساواة بينهم".
وفي يوم الوفاء، يستذكر الأردنيون زعيماً عظيماً، وقائداً فذاً، وبانياً متفانياً، كرس حياته وجهده لأمته العربية والإسلامية وقضاياها العادلة، وخدمة بلده وشعبه الوفي، الذي بادله حباً بحب، وولاءً بولاء، على درب بناء الدولة ومؤسساتها وتعزيز مكانتها، وسط أمتها العربية والإسلامية، والعالم أجمع، فهذه الذكرى الخالدة في نفس كل أردني وأردنية، الممتدة منذ تاريخ تسلم الملك الراحل الحسين سلطاته الدستورية، وحتى السابع من شباط من العام 1999، حينما لاقى قدره راضياً مرضياً، تبقى إحدى المحطات الراسخة في تاريخ الأردن.
وفي ذكرى رحيل الحسين، نستذكر سجلاً تاريخياً لمسيرة الدولة الأردنية منذ العام 1952، حين نودي بالحسين طيب الله ثراه ملكاً للمملكة الأردنية الهاشمية، وفي الثاني من أيار 1953 أتمّ الحسين الثامنة عشرة من عمره، فأقسم اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة، ثم قال "أبناء وطني ألا وان العرش الذي انتهى إلينا، ليستمد قوته بعد الله من محبة الشعب وثقته".
وأقدم الملك الراحل، منذ بدايات توليه سلطاته الدستورية، على خطوات شجاعة ومؤثرة لخدمة الأردن، كان في مقدمتها تعريب قيادة الجيش العربي في عام 1956، وإلغاء المعاهدة البريطانية عام 1957 لإكمال السيادة الوطنية والسير على طريق المستقبل، والتأسيس المدني والدستوري السياسي لمواكبة التطوّر والتحديث بمختلف أركانه.
حقق جلالة الملك الراحل، أعلى مستويات النهوض والتقدم في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ليكون الباني لوطن الاعتدال والوسطية، كما واصلت المملكة في ظل قيادته أداء دورها العربي والإقليمي والدولي باقتدار وتكامل وفاعلية وتأثير، ورؤية ثاقبة للمستقبل.
وكانت القوات المسلحة الأردنية/ الجيش العربي، والأجهزة الأمنية، محط رعاية واعتزاز جلالة الملك الحسين، لتكون درعاً منيعاً في حماية حدود الوطن وصون منجزاته، حيث شهدت في عهده تطوراً في مختلف مجالات التدريب والتأهيل والتسليح، وكان لها إسهاماتها العديدة في مسيرة البناء والتنمية وحفظ الأمن والسلام.
واضطلعت المملكة في عهد الملك الراحل، بدور محوري في دعم جامعة الدول العربية، والالتزام بقراراتها، وتأييد كل ما من شأنه تعزيز التعاون والعمل العربي المشترك، ودعم القضايا العربية، خاصة القضية الفلسطينية للوصول إلى حل عادل وشامل، يحفظ كرامة الأمة ويعيد الأرض لشعبها مقابل سلام يعم المنطقة بأكملها، حيث كان الأردن دوماً في طليعة الجيوش العربية أثناء مواجهاتها العسكرية التي خاضتها للدفاع عن فلسطين وحقوقها التاريخية الثابتة، وحقق الأردن بقيادة جلالة الملك الراحل، انتصاراً كبيراً في معركة الكرامة الخالدة عام 1968، التي تم فيها كسر أسطورة الجيش الذي لا يهزم.
وبما امتلكه من شجاعة ورؤية استشرافية، كان الملك الحسين رجلَ حرب وسلام، فمثلما كانت معركة الحرب التي خاضها الأردن بكل شرف وشجاعة وبسالة، كانت معركة السلام التي توجت بتوقيع معاهدة السلام في السادس والعشرين من تشرين الأول من عام 1994، وفي عهد الملك الراحل، تبوأت المملكة مكانة متميزة على خارطة العالم، كدولة تتسم بسياسة الاعتدال والاتزان والواقعية، وتؤمن بالسلام والعيش المشترك، كما صدر لجلالة الملك الحسين كتابان هما؛ "حربنا مع إسرائيل" و"مهنتي كملك".
واليوم، بعد عشرين عاماً من أداء جلالة الملك عبد الله الثاني اليمين الدستورية، ملكاً للمملكة الأردنية الهاشمية، في السابع من شباط عام 1999، يواصل الأردنيون مسيرة البناء والتحديث والتقدم والإنجاز، خلف قيادتهم الهاشمية الحكيمة، والمضي قدماً بالمسيرة الوطنية الأردنية، وتعزيز ما بناه الآباء والأجداد، الذين قدموا التضحيات الجسام لرفعة الوطن ومكانته.
وتولى جلالته في هذا التاريخ مسؤولياته تجاه شعبه، الذي اعتبره عائلته، موائماً بين حماسة وحيوية الشباب المتكئ على العلم والثقافة والحداثة، وبين الحكمة والأصالة التي صقلتها الخبرات العلمية والعملية بصفة عامة، إلى جانب تركيز جلالته على ضرورة العمل بترسيخ سيادة القانون وإدارة شؤون الوطن في مناخ من العدالة والنزاهة والشفافية، ومواكبة مختلف متطلبات العصر التي تفرض إطلاق طاقات الأردنيين وتمكينهم من أدوات العلم والمعرفة والتأهيل والتدريب.
وشكلّ رفع مستوى معيشة المواطن، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة له، أبرز اهتمامات جلالة الملك وأولوياته منذ تسلمه سلطاته الدستورية، فقد انطلقت مسيرة الإصلاح بخطوات متسارعة عبر توسيع قاعدة المشاركة الشعبية وإشراك المواطنين في صنع القرار.
ويؤمن جلالة الملك، كما آمن والده جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، بأن ثروة الأردن الحقيقية هي المواطن، وأنه العامل الرئيسي في عملية التنمية والتقدم، وهو هدفها ومحورها، كما يؤكد جلالته ضرورة الاستثمار في المواطن من خلال تطوير التعليم في مختلف مراحله ومستوياته، ووضع البرامج والاستراتيجيات الهادفة، لتزويده بالمعرفة والمهارة والخبرة للدخول إلى سوق العمل.