مدار الساعة- صدر في نهاية شهر شباط 2017 تقرير اللجنة الملكية لتطوير الجهاز القضائي وتعزيز سيادة القانون، متضمناً السياسات والأهداف الإستراتيجية، والبرامج التنفيذية، والتشريعات المقترحة. وشملت بنوداً خاصة بتطوير السياسة الجزائية وتحديثها.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" بأن التقرير وتحت بند تطوير سياسة التجريم وتحديثها وفي البند الرابع تحديداً، أوصى ": بتعزيز الحماية الجزائية المقررة لبعض الفئات من النساء والأطفال وذوي الإحتياجات الخاصة، من خلال مراجعة النصوص التي توفر الحماية لهم، للحد من الممارسات التي تنال من تلك الفئات أو تسهل الإعتداء عليها".
وأكد التقرير على أن في مقدمة ذلك ": أ- عدم إستفادة مرتكبي الجرائم الواقعة على النساء بداعي المحافظة على الشرف من العذر المخفف المنصوص عليه في المادة 98 من قانون العقوبات. ب- تشديد العقوبة على بعض الجرائم المرتكبة ضد القاصرين والنساء وذوي الضعف الجسدي أو العقلي، وإضافة الحرمان من الولاية على إرتكاب بعض تلك الجرائم. ج- إلغاء المادة 308 من قانون العقوبات".
وإقترحت اللجنة الملكية في هذا الخصوص أن يتم تعديل قانون العقوبات الأردني خلال الربع الثالث من عام 2017، وحددت الجهات المكلفة بالتنفيذ وهي مجلس الوزراء ومجلس الأمة والمجلس القضائي.
كما قدمت اللجنة النصوص التشريعية المقترحة للمواد 98، و 308من قانون العقوبات. حيث أضافت للمادة 98 فقرة ثانية تنص على أنه ": ولا يستفيد فاعل الجريمة من العذر المخفف إذا وقع الفعل على أنثى بداعي المحافظة على الشرف".
كما إقترحت اللجنة إلغاء المادة 308 من قانون العقوبات إلغاءاً تاماً.
وترحب "تضامن" والتحالف المدني الأردني لإلغاء المادة 308، بتوصيات اللجنة الملكية ومقترحاتها المتعلقة بالجرائم المرتكبة بذريعة "الشرف"، كما يرحبان بشدة بتوصية اللجنة الملكية إلغاء المادة 308 من قانون العقوبات إلغاءاً تاماً.
هذا وكانت "تضامن" قد وضعت مقترحاتها أمام اللجنة الملكية في بداية شهر شباط 2017 ضمن 15 بنداً لضمان حق النساء والفتيات في الوصول الى العدالة، حيث جاء في البند الخامس من المقترحات ": تنقية التشريعات جميعها من أي نص تمييزي ضد النساء وتوفير حماية صريحة وفعالة للحقوق المعترف بها في مواجهة إنتهاك هذه الحقوق أو الحرمان منها في المجالين العام والخاص بما فيه النص الصريح في الدستور على المساواة بين الجنسين وحظر التمييز وكذلك في القوانين الأخرى كالتقاعد المدني والعسكري والعمل والأحوال الشخصية والجنسية وكذلك في التشريعات الجزائية التي يتوجب تنقيتها من أي نص ينطوي على تمييز ضد المرأة، بما فيه تعديل تعريف الإغتصاب، وإضافة نصوص تتعلق بالتحرش الجنسي تعريفا وإثباتاً وعقاباً وتأهيلاً للطرفين كذلك إلغاء نص المادة 308 و340 وعدم الإكتفاء بتعديلها وتعديل المواد المتعلقة بتطبيق الأعذار المخففة، وتعديل الأحكام المتعلقة بالإجهاض لإباحته ضمن مدة محددة من حدوثه (لا تزيد على شهرين) وإباحة إستخدام العقار المانع من الحمل عند وقوع الإغتصاب أو السفاح، وكذلك إلغاء التناقض المتعلق بعقوبة جريمة القتل المقترن بالإغتصاب والذي يجوز فيه تخفيف العقوبة مع جريمة الخطف المقترن بالإغتصاب والذي لا تطبق فيه الأحكام المخففة مما ينتج عنه مصلحة للجاني في قتل ضحيته".
وكانت الحكومة الأردنية قد أعلنت خلال شهر نيسان من هذا العام (2016) عدد من التعديلات المقترحة على قانون العقوبات الأردني شملت المادة 308 منه والتي تجيز وقف المحاكمة إذا كانت جارية أو وقف تنفيذ العقوبة إذا كان قد صدر حكم مما يمكن الجاني من الإفلات من العقاب في الجرائم الجنسية إذا تزوج الضحية.
وتشير "تضامن" الى أن التعديلات (المنشورة على موقع ديوان الرأي والتشريع) أخرجت مجموعة من الجرائم من نطاق تطبيق المادة 308 وهي: الخطف، والإغتصاب، وهتك العرض، وتحريض إمرأة على ترك بيتها لتلتحق برجل غريب، والمداعبة بصورة منافية للحياء، وتنكر رجل بزي إمرأة لدخول أماكن خاصة بالنساء. وهي في هذا الجانب تستجيب لمطالب كل من "تضامن" والتحالف المدني الأردني لإلغاء المادة 308.
وفي المقابل فقد أصبحت الجرائم المشمولة بنطاق تطبيق المادة 308 وفقاً للتعديل هي جرائم الزنا، ومواقعة أنثى عمرها بين 15-18 عاماً، وهتك عرض أنثى أو ذكر أقل من 15 عاماً، والخداع بوعد الزواج للبكر التي عمرها أكثر من 15 عاماً.
إن "تضامن" والتحالف المدني لإلغاء المادة 308 يستغربان التعديل الحكومي الأخير من حيث شمول جريمتي مواقعة أنثى عمرها بين 15-18 عاماً، وهتك عرض أنثى أو ذكر أقل من 15 عاماً ضمن نطاق تطبيق المادة 308، حيث أن هذه الفئة من القاصرات والقاصرين هم الأشد حاجة للحماية من قبل المشرع، فلا عبرة لعنصر الرضا لمن هم دون 18 عاماً من عمرهم كما أنهم أكثر عرضة للمخاطر الصحية الناتجة عن التزويج والحمل المبكرين، وإستغلالهم من قبل الجناة "الأزواج"، إضافة الى أن إستغلالهم من قبل المجرمين أكثر سهولة وأبعد أثراً من إستغلال البالغين والبالغات.
فقد أثبتت الدراسة البحثية التي نفذتها "تضامن" حول الموضوع بأن عدد من ضحايا المادة 308 كن من القاصرات وتم إستغلالهن جنسياً وتعنيفهن جسدياً ومعنوياً ومادياً عند وقوع الجريمة وبعد التزويج اللاحق لهن. وأن "تضامن" والتحالف المدني الأردني لإلغاء المادة 308 يعارضان من حيث المبدأ وفي كل الأحوال تزويج القاصرات حتى في حالة رضاهن ورضا العائلة، فكيف يمكن قبول تزويجهن في ظروف يفتقدن معها لكل متطلبات السلامة والأمان.
دراسة وطنية تظهر بأن حوالي 71% من الأردنيين مع الإلغاء التام للمادة 308
في ظل الغياب الكامل لأصوات ضحايا الجرائم الجنسية واللواتي طبقت عليهن أحكام المادة 308، ولعدم وجود معلومات وأرقام دقيقة لإتجاهات الأردنيين والأردنيات والمختصين والمختصات حول المادة 308 ، فقد قامت "تضامن" بإجراء دراسة بحثية. الدراسة الأولى من نوعها في الأردن - حول "الجرائم الجنسية ضد النساء- المادة 308 من قانون العقوبات الأردني نموذجاً". للوقوف على التأثيرات القانونية والإجتماعية والنفسية والصحية، الإيجابية منها والسلبية على النساء والفتيات من جهة وعلى الأسرة والمجتمع من جهة اخرى.
وبناءاً على نتائج هذه الدراسة البحثية، تم تشكيل التحالف المدني الأردني لإلغاء المادة 308، والذي يضم أكثر من 106 هيئات ومنظمات وجمعيات من مختلف محافظات المملكة، وتؤكد على أن عدد أعضاء التحالف في تزايد مستمر وأن الباب مفتوح للإنضمام الى عضويته.
وبسؤال عينة الدراسة عن تأييدهم لحملة بشأن المادة 308 من قانون العقوبات الأردني ، فقد أيد ذلك 70.8% وعارضه 13.5%. ونتيجة ذلك فإن تقريباً ثلاثة من كل أربعة أشخاص يؤيدون تنفيذ حملة تتعلق بالمادة 308 مما يشير الى أن غالبية المجتمع الأردني مع إلغائها.
من جهة ثانية فقد أكدت توصيات وملاحظات اللجان الدولية على إلتزامات الأردن بموجب الإتفاقيات الدولية التي صادق عليها على ضرورة إلغاء نص المادة 308 من قانون العقوبات، فقد أعربت لجنة القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة عام 2012 عند مناقشتها التقرير الدوري الخامس المقدم من الأردن عن قلقها إزاء الأحكام التمييزية المتبقية في قانون العقوبات الأردني مثل المواد97 و 98 و 99 و 308.
وفي أكتوبر من عام 2013 قدم الأردن تقرير الإستعراض الدوري الشامل الثاني الى لجنة حقوق الإنسان، وقد أيد الأردن بعد النظر في جميع التوصيات المقدمة من دول مختلفة وعددها 126 توصية من بينها 46 توصية تتعلق بتعزيز وحماية حقوق النساء والفتيات وهو ما يشكل حوالي 36% من مجمل التوصيات. وقد أيد الأردن عدداً من التوصيات التي تتعلق بالنساء والفتيات كتعديل قانون العقوبات والتشريعات ذات الصلة لوضع حد للإفلات من العقاب وضمان حق الضحايا في العدل والتعويض ، وتعزيز التشريعات التي تحمي النساء والفتيات من الزواج القسري أو المبكر وتعزيز قانون العقوبات فيما يخص الإغتصاب لا سيما بإلغاء المادة 308 وتعزيز إنفاذ هذه التشريعات.
أما الملاحظات الختامية التي أصدرتها لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة حول التقرير الجامع للتقريرين الدوريين الرابع والخامس حول الأطفال الذي قدمه الأردن يومي 26-27/5/2014، وصدرت الملاحظات الختامية عليه بتاريخ 8/7/2014 ، فقد طالبت اللجنة وبقوة إلغاء جميع الأحكام القانونية التي تتغاضى عن الجرائم القائمة على نوع الجنس، خاصة المواد 97 و 99 و 340 و 345 مكرر من قانون العقوبات.
إن "تضامن" والتحالف المدني الأردني لإلغاء المادة 308 يطالبان الحكومة ومجلس الأمة العمل بتوصيات اللجنة الملكية ومقترحاتها، لإلغاء المادة 308 من قانون العقوبات إلغاءاً تاماً، وإضافة الفقرة الثانية لنص المادة 98 والمتعلقة بالجرائم المرتكبة بذريعة "الشرف"، إنتصاراً لسيادة القانون وإنهاءاً لسياسة الإفلات من العقاب ولتحقيق العدالة الجنائية للنساء والفتيات ولإنهاء النصوص التمييزية ضدهن في التشريعات خاصة قانون العقوبات الأردني.