هل يمكن أن يتخيل إنسان مستوى الألم عند الطفلة «ميرا» البالغة من العمر 3 سنوات بعد إصابتها بحروق في جسدها بنسبة 90 %، وهي تبحث وذووها عن سرير في مستشفى لمدة أيام دون جدوى، وعندما وصلت قصتها عبر الإعلام أوعز رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بعلاجها في المدينة الطبية على نفقة الحكومة، لكن «ميرا» ماتت.
هل نحتاج الى «إيعاز» من رئيس الوزراء أو وزير الصحة أو مسؤول حكومي لعلاج طفلة تعرضت للحرق، أليست هذه حالة «طارئة» تستوجب استنفار كادر أي مستشفى تصل اليه لعلاجها، والا كيف تكون الحالة الطارئة التي تستوجب توفر سرير لاستقبالها، هناك خلل واضح وهناك من هو مسؤول عنه، مثل حالة «ميرا» تستنفر الانسانية جمعاء، وليس مجرد كادر طبي.
أحزنني جدا خبر وفاة «ميرا» بعد تلقيها العلاج «بإيعاز»، حيث تناقلت وسائل إعلام ان «الإيعاز» جاء بعد أن رفض مستشفى البشير استقبال الحالة، وهو ما يستوجب التحقيق في الأمر، وهل حقيقي أن سبب رفض استقبال حالة «ميرا» الطارئة جدا «عدم وجود سرير»، فاذا كان هذه السبب فلماذا وجدت المستشفى أصلا؟.
قد اتفهم لو أن الطفلة «ميرا» قد تلقت العلاج أولا، وذووها اشتكوا لاحقا من قيمة فاتورة العلاج، لكن ما حصل في هذا الأمر يضرب الإنسانية بتفاصيلها، فهناك تهرب من تقديم العلاج وهو أمر غير مقبول في الأردن تحت أي سبب وخاصة في هذه الحالات المؤلمة، ويجب أن يتم اتخاذ إجراءات تكفل عدم تكرار مثل هذه القضية، وعدم انتظار «الإيعاز» للقيام بدورنا الإنساني والواجب المهني للطبيب والمستشفى.
التأخير تسبب في رحيل «ميرا» ولم ينفعها «الإيعاز»، وكلنا نتحمل المسؤولية عن آلامها وهي تنتظر العلاج، فكان من واجبنا على الأٌقل أن نخفف آلامها قبل ان يختارها الله لجواره، وان لا نخضعها لسلسلة من الاخفاقات في القطاع الطبي الذي ما فتئنا نتحدث عن ضرورة اصلاحه، وما تزال مثل هذه الحالات تتكرر كل يوم.
وفي ذات يوم الإعلان عن وفاة «ميرا» التي قضت بسبب الفقر والحاجة وبحثها وأسرتها عن «الدفء»، تظهر قضية «لجين» ابنة الستة أعوام التي يطالب ذووها باستمرار علاجها من حروق أصابتها بعد قيام والدها بإشعال شمعة قرب مدفأة الكاز بسبب انقطاع الكهرباء عن منزلهم منذ 3 شهور جراء عدم تسديد الفواتير المتراكمة، فهل يجب أن تنتظر «لجين» أيضا، «الإيعاز» لإنقاذها مما ألم بها من مأساة بجانب الفقر.
كل المستشفيات أردنية، وبنيت بعرق وكدّ الأردنيين على مدى عقود من تأسيس الدولة، فلماذا لا يستطيع الأردني تلقي العلاج في أي مستشفى في حال عدم توفره في أخرى دون حاجته الى «إيعاز»، و»لجين» لا تحتاج الى من يرسلها للعلاج في الخارج، وانما تنتظر استقبالها في مستشفى أردني محلي يتوفر فيه العلاج لحالتها، فلماذا كل هذه المماطلات والإجراءات البيروقراطية العقيمة، فيكفينا ألم رحيل «ميرا». الدستور