انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات برلمانيات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

للبیع.. وبدون وسیط

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/01/28 الساعة 23:58
حجم الخط

الرغبة لدى الأردنیین في تملك البیوت والعقارات تفوق رغبتهم لأي حیازة اخرى. جذور هذه الرغبة عائدة لقیمة ملكیة الارض واهمیتها في تحدید المكانة والوجود والى الاثر النفسي الذي احدثه فقدان الفلسطیني للارض ورغبته في التعویض عن احساسة بالفقد.

لهذه الاسباب یمضي الكثیر من الأردنیین اعمارهم في السعي لامتلاك بیت او التوفیر لشراء عقار. في القرى والمدن الأردنیة ما أن ینهي الآباء بیوتهم حتى یباشروا بالتجهیز لبناء بیوت للابناء وفي حالات كثیرة تبقى شمع البیوت المكشوفة على سطوح المنازل شاهدا على أن مشروع البناء ما یزال قائما ومستمرا. خلال العقود الخمسة الماضیة شهد الأردن تمددا حضریا وتطورا عمرانیا یفوق بدرجات كبیرة معدلات النمو الاقتصادي وامكانات الاسر المالیة
المتواضعة.

الكثیر من الانجازات الاقتصادیة التي حققتها الاسر والافراد جاءت بفضل البیع والشراء للعقار الذي ازدهر سوقه بفضل وجود تشریعات أردنیة تتیح لغیر المقیمین التملك وبعكس التشریعات الخلیجیة التي حرمت على غیر الرعایا التملك العقاري. في الأردن نشأت علاقة شراكة بین المغتربین الراغبین في التملك وابناء البلدات والقرى المحیطة بعمان ممن امتلكت عشائرهم الاراضي والعقارات فعملا معا على احداث نهضة عقاریة واسعة استمرت لعقود.

الیوم یشهد السوق العقاري الأردني تراجعا حادا وكما في العدید من القطاعات الاخرى. ارتفاع كلف الانتاج وزیادة الرسوم والضرائب دفعت البعض الى تقلیص نشاطهم او نقل اعمالهم الى بلدان اخرى. البعض الآخر فضل ان ینهي صلاته بالمكان فتملكوا بیوتا وعقارات في تركیا ومصر والمغرب وكندا وغیرها من بلدان العالم الامر الذي دفع بهم الى بیع بیوتهم وعقاراتهم في الأردن لترتفع نسب ما هو معروض عن حاجات السوق للشراء والتملك.

منذ ایام رافقت بعض الاصدقاء العرب في جولة داخل بعض احیاء عمان الغربیة. وفي ملاحظة صادمة علق احدهم قائلا ”ایش فیكم انتم عارضینها للبیع “ فسألت الصدیق عن قصده لیجیب ”طالع وشوف كل اشي عندكم للبیع“
ملاحظة صدیقنا العربي صادقة ویصعب تفسیرها فإعلانات البیع في كل مكان في الشارع وعلى صفحات الجرائد والمواقع الالكترونیة. الناس یعرضون قصورهم وبیوتهم واراضیهم للبیع اما للحاجة او كنتیجة لتغیر مكان السكن والهجرة الى بلدان عربیة وغیر عربیة.

ظاهرة البیع لا تتوقف عند حدود عمان فالیافطات والاعلانات تنتشر في شوارع واحیاء المدن الأردنیة شمالا وجنوبا اینما اتجه البصر تجد الیافطات تتدلى من الشرفات او ملصقة على جدران الشوارع ومثبتة على زوایا قطع الاراضي.

التلهف للبیع والسعي لاستمالة الزبائن المحتملین تدفع بعض الملاكین لتضمین الاعلانات اغراءات اضافیة یقع في مقدمتها امكانیة التقسیط وبدون وسطاء.

الاشارة في الاعلانات الى تغییب الوسطاء اعتراف ضمني بتفضیل الاطراف الى عقد صفقاتهم بلا سماسرة ووسطاء، فهي جهات لا تملك المال ولا العقار لكنها تتحكم في المعلومات وتوظفها لخلق نوعین من القناعات عند الاطراف. فیعتقد البائع بانه الرابح بفعل الروایة التي یعدها الوسیط والمغایرة لما قد یقدمه للمشتري.

التلوث البصري الجدید ینزع من فضائنا الجمال الذي كان احد اكثر مظاهر عمان الحدیثة واقوى عناصر الجذب التي تدعو الزوار الى التجوال في احیائها وشوارعها.

الاحجام والالوان والطریقة والاماكن التي تثبت فیها اللافتات تسرق جمال المدینة وتخلق لدى الساكن والزائر الانطباع بان المدینة معروضة للبیع.. بالقطعة والمفرق. الغد

مدار الساعة ـ نشر في 2019/01/28 الساعة 23:58