عندما يخرج رجل مثل مالك حداد, عن ما عرف به من دماثة خلق, وهدوء أعصاب, وقدرة على التحمل, وصبر في معالجة المشكلات, فإن ذلك يؤشر إلى وجود مشكلة استعصى حلها, ووصلت إلى مرحلة الكي, الذي هو آخر الدواء, والمشكلة التي أغضبت مالكاً, وأخرجته عن طوره, وما عرف عنه من هدوء, ليست مشكلة شخصية, لكنها مشكلة عامة, بل ومشكلة وطنية, تحتم على كل من لديه ذرة مسؤولية وانتماء الانحياز فيها إلى موقف مالك حداد.
خلاصة المشكلة كما شرحها مالك باقتضاب من خلال صرخة أطلقها عبر مواقع التواصل, أنه وخلال الفترة الماضية, صارت رحلات شركة "جت" المنتظمة عبر الخط الصحراوي تتعرض في نقاط بعينها إلى قذف بالحجارة بصورة منتظمة, مما يؤشر إلى أن ذلك يأتي في سياق مخطط حاولت الشركة معالجته بالحسنى, ومن خلال الوسائل القانونية بما فيها لجنة السياحة في مجلس النواب, لكن ذلك كله لم ينهي المشكلة, التي نعتقد أن حلها صار واجباً وطنياً, لأسباب كثيرة أولها حماية السياحة, بكل ما تمثله من ثقل اقتصادي بالنسبة لنا بالأردن, من خلال حماية أهم أعمدة النقل السياحي في الأردن ممثلاً بشركة جت, وبذلك فإننا نحمي أيضاً صورة الأردن من التشويه في الخارج, باعتباره بلداً آمناً لا يتعرض فيه الزائر لأى نوع من أنواع المضايقات, وفي هذا المجال نستذكر تجربة الشقيقة مصر عندما استهدفتها التنظيمات الإرهابية من خلال الحافلات السياحية, مما سبب خسائر كبرى للاقتصاد المصري, ولصورة مصر كبلد سياحي, مما لا يجوز أن نسمح بحدوثه في بلدنا هذه واحدة.
أما الثانية فهي أن من واجبنا أن ندافع عن قصص النجاح في بلدنا, وأن نبرزها خاصة في هذه المرحلة التي نعيش فيها جميعاً مرحلة إحباط, لن نستطيع الخروج منه إلا بالتذكير بقصص نجاح كقصة جت, فجت ليست مجرد شركة نقليات كبرى نمت, حتى صار أسطولها يغطي الأردن وما حوله, وهذا بحد ذاته نجاح كبير,لكن جت سفير بري للأردن يرفع علمنا الوطني على امتدادات جغرافية واسعة, وهو بهذا يوازي سفيرنا الجوي أعني به الملكية الأردنية بدون خسائرها.
وفوق أن جت سفير بري للأردن, فإنها واحدة من أكثر المؤسسات الأردنية مساهمة في أدائها لدورها في المسؤولية الاجتماعية, بصورة مختلفة, فمن مساعدة المدارس والطلبة في المناطق النائية إلى مساعدة الجمعيات التي تعنى بالتربية الخاصة وغير ذلكمن المساهمات الاجتماعية, التي تجعل من شركة جت قصة نجاح أردنية يجب الدفاع عنها والاقتداء لها.
ومثلما أن جت الشركة تمثل قصة نجاح أردنية, فإن إدارة الشركة ممثلة بمالك حداد هي الأخرى قصة نجاح أردنية أيضاً, يجب الإشارة إليها للاستفادة منها, فمالك الذي وصل إلى قمة هرم هذه الشركة العملاقة, بدأ فيها من أسفل السلم لكن جهده واجتهاده ومثابرته, أوصله ذلك كله إلى قمة هرم الشركة دون واسطة أو محسوبية, وفوق ذلك فإن جِد الرجل واجتهاده قاداه أيضاً إلى تحقيق إنجازات عربية كان آخرها فوزه بالتزكية برئاسة الاتحاد العربي للنقل, مما يشكل قصة نجاح أردنية يعتز بها كل أردني ويمكن أن يقتدي بها شبابنا للخروج من حالة الإحباط التي نعيشها.
ليس كل ماذكرته فيما سبق من سطور, وحده مبررات الإسراع بحل المشكلة التي أشار إليها مالك حداد, فهناك سبب في منتهى الخطورة والأهمية, يتمثل في ضرورة عدم السماح لظاهرة البلطجة أن تمد يدها إلى الاستثمار في بلدنا,محلياً كان هذا الاستثمار أم خارجياً, ففي دولة القانون لايجوز خلق مبررات يدخل من خلالها البلطجية لفرض خاوات وأتاوات على المؤسسات الاقتصادية, فهذا خطر حقيقي يهدد أمننا الاجتماعي, مثلما يهدد أمننا الاقتصادي وقبل ذلك فإنه يبدد كل جهودنا لاستقطاب الاستثمار,لذلك فإننا نجدد مع مالك حداد ما ورد في عبارته التي ختم بها صيحته قائلاً "إيماننا برجال الأمن العام لا يزال قوياً". الرأي
Bilal.tall@yahoo.com