مدار الساعة - تحت عنوان "اكذوبة طويلة الامد" كتب الوزير الأسبق محمد داودية مقالا في يومية الدستور، جاء فيه:
كانت الحكومات الأردنية سياسية بالكامل ويحب أن تعود سياسية بالكامل. واما التكنوقراط فهو خبرة ومعرفة يمكن شراؤه بالكامل.
ومع احترامي لقدرات التكنوقراط الأردني، التي هي قدرات وطنية تساهم في رفد القطاع الخاص الأردني بحاجته من مستلزمات تطوره وتقدمه ومبادراته، قدرات نعتز بها ونعتبرها جزءا من الموجودات الوطنية التي تحصلت نتيجة دراسة وبحث وتجربة ناجحة واسعة في القطاع الخاص.
إلا ان تجربة القطاع العام الأردني واحتياجاته ومشكلاته وادواته وإدارته، تختلف كبير اختلاف عن تجربة القطاع الخاص.
و في كل الأحوال والتجارب والدول، فإن إدارة الشركات تختلف عن إدارة الأوطان !!.
الأمناء والمدراء العامون الأردنيون هم عقل الدولة الاردنية التكنوقراطي الفني. الذين تحصلت لديهم الخبرة والتجربة ومعرفة أدق تفاصيل القطاعات الحكومية التي يعملون فيها.
لقد لحق بالأمناء والمدراء العامين الأردنيين ظلم كبير، عندما تم «تخطريهم» والقفز على تجاربهم، وتنصيب من هم اقل خبرة ووعيا وحنكة على رقابهم.
ورئيس الحكومة الذي يحتاج الى التكنوقراط، عليه بهم فهاهم الأمناء العامون امامه. هم بيت الخبرة والتجربة والحنكة والمعرفة. و آخر وأبرز حالة، هي حالة عز الدين كناكرية وزير المالية الحالي، الذي أمضى نحو 8 سنوات امينا عاما لوزارة المالية، عرف خلالها دقائق الوزارة وتفاصيلها من الباب للمحراب. وها هو الآن وزير مالية ناجح جدا، لانه يعرف كل ملف، في كل وزارة من وزارات الدولة وهيئاتها.
والتكنوقراط يا سادة يا كرام لا يعرفون البلاد و لا العباد. التكنوقراط لا يتحركون وفق خريطة طريق وبرامج وطنية.
وهاهنا نماذج: السيدة سيلفي جولار وزيرة دفاع فرنسا محامية في الاتحاد الأوروبي. و17 وزيرة دفاع في العالم لا يفرقن بين المسدس والبندقية. بعضهن طبيبات وبعضهن عضوات مجالس بلدية.
وكنت الاحظ ان الوزراء التكنوقراط لا يناقشون ولا يقترحون ولا يتدخلون. وليس لاغلبهم عمق او افق سياسي.
والمأساة التي حصلت هي ان الأمناء والمدراء العامين، مركونون معطلون موضوعون على الرف. كلما جاء وزير حسبهم على الذي قبله. يجيء «ابو العريف» منفوخا. يجيء معلما لا طالبا المعرفة والرأي والمشورة. الا من رحم ربنا.
والمأساة الثانية هي ان الأمناء والمدراء العامين -باستثناءات محدودة- موضوعون تحت السيف والنطع.
حياتهم الوظيفية معلقة بكلمة من شفتي الوزير. مما يجعلهم في حالة «تطييب» وموافقة وخوف مستمرة.
وهكذا بدل ان تتاح لكفاءات الوطن المتميزة فرص التعبير عن الخبرة والكفاءة، يتم حصارها وارهابها وقمعها وكبتها.