كتب أشرف عصام صالح
يلحظ مرتادو دوائر وهيئات رسمية تعنى بالسياحة والاستثمار، حساسية تنتاب مسؤوليها عند الحديث معهم حول العقبة، فعند سؤالهم عن الخطط الرامية لتعزيز النمو الاقتصادي والسياحي، وتحسين مؤشراته، ترتابهم توجسات حول تداخل الصلاحيات الممنوحة لهم حول واقع المدينة، توجسات تصدُهم فيما بعد، عن تقديم ما من شأنه المساهمة إلى جانب سلطة منطقة العقبة في تعزيز التنمية الاقتصادية والسياحية في العقبة.
التعامل الرسمي مع ملفات العقبة، استثماريا وسياحيا، يشعرك وكأن العقبة إقليم إنفصالي ينفرد بدستور وقوانين خاصة لا سلطة لأحد فيه غير سلطة منطقة العقبة.
صحيح أن هناك منطقة خاصة، لها ظروف ودواعي إنشائها ومبرراتها، إلا أن هذا لا يعني أن تبقى الحكومات المتعاقبة بمعزل عن مشهد التنمية الذي تخوضه سلطة منطقة العقبة وحيدة وسط إقليم يعج بالأزمات.
إنها سلطة لمنطقة اقتصادية خاصة، لكن الظرف خاص أيضا، ويستدعي بذل الحكومة والهيئات الاقتصادية والسياحية لمزيد من التشاركية مع السلطة، فالتشاركية بشموليتها ترسخ العقبة كطوق نجاة اقتصادي في الزمن الصعب.
وتكشف سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة مؤخراً أن العقبة باتت ترفد الناتج المحلي الإجمالي بما نسبته 14 بالمئة للعام الحالي، والذي تشير الأرقام الرسمية إلى أنه بلغ حتى أيلول الماضي نحو 29.4 مليار دينار في ظل مديونية بلغت نحو 28.364 مليار، ما يعني أن العقبة رفدت الميزانية العامة للدولة نحو 4 مليارات دينار، وهي تمثل أهمية كبرى بعيّد الحاجة لرافد مالي يزيد الناتج المحلي حصانة.
خطط مستقبلية أحكمتها السلطة مؤخرا، حيث بدأت تجهز لأكبر المشاريع الاقتصادية وطنيا خلال ٧ سنوات قادمة، مشاريع تشغّل نحو 30 ألف مواطن، تحتضنهم استثمارات تصل إلى 10 مليارات دينار.
بدورها، سارعت السلطة إلى وقفة تقييمية لتجربتها الماضية، فرصدت خطة استراتيجية "العقبة 2025"، خطة قد تحقق تكاملاً اقتصادياً بين مختلف القطاعات في حال ترجمتها بالشكل المطلوب، فهي ترفع عدد المناطق الصناعية إلى 5 مناطق، إلى جانب رفع عدد المناطق الحرة من 5 مراكز إلى 10 بحلول العام ذاته.
والمتابع للاستراتيجية، يرى بأن السلطة لم تغفل عن زيادة عدد السياح 1.6 مليون سائح بحلول العام 2025، فضلاً عن زيادة معدلات إقامتهم.
الخطة الجديدة، يبدو أنها بدأت تجني ثمارها، باتفاقية لإنشاء مدينة القويرة الصناعية بكلفة إجمالية تصل إلى ما يقارب 35 مليون دينار، فيما يقدر حجم الاستثمار فيها بمليار دينار عند استقطاب المستثمرين إليها.
ما سبق؛ يؤكد بأن العقبة تشهد منهجية جديدة في بناء المنظومة الاستثمارية والسياحية تحت مظلة السلطة، منهجية تأتي إستكمالاً للخطة الاستراتيجية المستمرة لعام 2025، والمعنية بتنشيط الوضع الاقتصادي في المنطقة الخاصة لتكون بوابة للاستثمار، وأنموذجا أمثلاً لمعايير للتنمية المستدامة، لتبقى العقبة كما هي على الدوام "مربط خيلنا" في الزمن الصعب.