انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات برلمانيات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

محطات لشحن الاكتئاب

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/26 الساعة 00:13
حجم الخط

عض الكائنات البشرية أشبه ما تكون بمحطات لشحن السلبية والاكتئاب عند الآخرين، فعند جلوسك مع أحدهم لا يكون حديثه إلا عن الأمور السلبية، في الحياة وفي الدولة، وبالطبع كونه (أبو العرّيف) الذي لا يخفى عليه شيء، حتى دبيب النمل، تجده يلقي عليك أطنانا من الأخبار والحوادث والأسرار التي تجعلك تعتقد أننا نعيش في الصومال أو أفغانستان. وإذا تأملت قليلا في أخباره وأسراره ستجد أن منبعها (الفيس بوك) وأنها ليست أكثر من شائعات يتداولها بعض مرضى النفوس أو ضعافها.
للأسف الشديد انتشرت هذه الكائنات البشرية الشاحنة للسلبية في المجتمع بشكل لم أكن –شخصيا – ألاحظه، فلا يرون إلا السواد والظلام والخراب، وكأنهم يعيشون في حالة إحباط مزمنة، ويرغبون في نقلها للآخرين، وما أشبه حال أحدهم بغراب البين الذي لا يأتي إلا بالخراب.
كنت في زيارة لعائلة مكونة من أربعة أفراد، ثلاثة منهم يعملون في شركات، ومنزلهم ملك لهم، والملك لله، ولم يسخن الكرسي الذي أجلس عليه حتى سمعت جوقة الشؤم تعزف وعلى التناوب بين الجالسين، الأحوال بالنازل، البلد خربان، هاي البلد ما بنعاش فيها، لازم نهاجر. فسألت ببراءتي المعتادة: ماذا ينقصكم؟ تأخذون ثلاثة رواتب محترمة، ولا تدفعون إيجارا لأحد، ألا تشعرون بالنعمة؟ فيجيب أحدهم: يا شيخ في أوروبا وأمريكا يدفعون لمن لا عمل له، أما نحن فنهلك حتى نحصل رواتبنا. إذن هو الكسل، وهل يفرح أحدنا أن يأخذ راتبا مقابل جلوسه في البيت بلا عمل مثل الولايا والعنايا، هل هذا شرف أن يترك الإنسان بلده، ليذهب للغرب كي ينام ويستريح ويأتيه مرتبه كالمتسول. ما أعتقده أن العمل شرف وكرامة، وخير للإنسان أن يموت في بلده وهو يعمره ويبنيه على أن يذهب ليجلس في البيت بلا شغل أو عمل طلبا للراحة.
لا أقول إن أوضاعنا ليست صعبة، لكن حبنا لبلدنا يجعلنا نتحدى الصعاب لأجلها، وهذا نوع من الجهاد في سبيل الله، وعلينا أن نعلم أنفسنا وأولادنا أن نصبر وأن نكافح وأن نجاهد لتتحسن أوضاعنا، وهذه هي معركتنا، معركة البناء والإعمار وهو الخيار الصعب، ونحن لها إن شاء الله. أما الهجرة إلى الخارج، فهروب من تلك المعركة، وفرار من الزحف نحو الإصلاح والتحسين، وميول إلى الدِّعة والراحة، وهو أسهل خيار يتخذه الإنسان.

الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/26 الساعة 00:13