فارس من فرسان البادية ووفي من رجالات الأردن
مدار الساعة - كتب عبد الله اليماني - نرتشف فنجال قهوة مع الآتي من البادية الشمالية، حيث الحجارة البازلتية والصحراء الجميلة والشمس الساطعة التي تلوح الإنسان والشجر والحجر.
فارس متألق صاحب علامة فارقة فيها تعلم من صعوبة حياتها العزيمة والإصرار لكي يبلغ المراد.. انه صاحب المعالي المهندس الشيخ سعد هايل عوده السرور المساعيد واحد من أبناء البادية الشمالية الذين شقوا طريقهم بعزيمة وإصرار وانفتاح. مقتديا بوالده المغفور له بإذن الله الشيخ هايل عوده السرور شيخ مشايخ أهل الجبل، في تعلم حرفية النضال والتضحية وصنع الوئام وإصلاح ذات البين.
نحن أمام شخصية وطنية أردنية وفارس من فرسان المساعيد الأفذاذ، ولد في مدينة رائعة المكان والجمال الساحر، (أم الجمال) . ذات الدور الحضاري التاريخي الهام في العصور الماضية. الرابضة في وسط الصحراء والشامخة شموخ أهل الولاء والإخلاص. منبت الشجاعة، والرجولة والفروسية والإقدام، التي سطر فرسانها فوق خيولهم وجمالهم وسيوفهم تاريخ مجد ماض تليد زاهي بالانتصارات.
فارسنا عشق أرضها وسماءها ونجومها وقمرها وأهلها. وخط على حجارتها وبين كنسها تطلعاته المستقبلية لمشوار حياته.. هناك عاش معاناة صعوبة الحياة وقسوتها، وترعرع ونمى هوايته فارسا ركب الخيل والجمال، وشق عتمة الليالي . ومن هنا اكتسب الصفات والخصال الحميدة . وكل خطوة من خطواته هندسية مسافتها متر تقريبا . ولا يضعها إلا في مكانها الصحيح بعد أن يتأكد إلى ( أين يتجه ) . و( يقيس خطواته قبل أن يغوص ). وهو ذكي محترف يتقن عمله جيدا. وان أراد القيام بعمل ما ، وهو مقتنع به توكل على الله، . انه (واثق الخطوة يمشي ملكا).
ولأنه وجه بني عشيرة المساعيد، فانه يتولى المهام الصعبة والمواقف الثابتة والصلبة، ولا يتراجع عن اتخاذها. وخصاله النبيلة الحميدة كثيرة وأعماله الخيرة وسيرته العطرة تشفع له عند ذكر اسمه. فتكون حاضرة نيابة عنه في كل المجالس. أي أنها تسبق اسمه. وعند هبوب رياح مسمومة نحو الوطن يقف لها سدا منيعا مقدما مصالح الأردن على مصالحه الشخصية، فالوطن عنده أغلى شيء، فإذا كان الوطن امناً ومستقراً نعم أبناؤه بالأمن والأمان.
وحينما تشده الذكريات إلى أيام طفولته الجميلة التي لا تنسى. يتوجه أبو هايل العاشق للام الكبيرة التي درج على ربوعها أولى خطواته والسعادة تغمره إلى (أم الجمال). لان لها مكانة كبيرة في قلبه ووجدانه، حيث عمل على تطويع ما يكن من أحلام وأمانٍ إلى تطلعات أنجزها على ارض الواقع. نقش حروف أحلامه وآماله المستقبلية على حجارتها. وان شده الحنين تراه يركب صهوة جواده. متوجها إلى حيث تهفو الروح : (الديره طلبت أهلها) . فكم هو مشتاق إلى رؤية الأهل والعزوة والعشيرة في البادية. في (أم الجمال)، هناك يستعيد شريط الذكريات الجميلة. وهو يتجول في ناظريه (أرضها وحجارتها وأهلها ) والمكان الذي تفتحت فيه عيناه. وأبواب المجد شرعت له . والأهل الذين يرحبون بقدومه "يا هلا ( أبو هايل) هلا ، بـ(سعدنا). يصطفون كبيرهم وصغيرهم لتحيته ومصافحته. ولا يجلسون إلا بعد أن يجلس . ولسان حالهم لا يتوقف عن الترحيب بقدومه. وأن تحدث يصغون لما سيقوله (( شيخهم )) . لأنهم بأشد الشوق لسماع حديثة . كلامه درر وله ألف معنى ومغزى . وأينما ينظر ويشير بأصابعه يوجهون أنظارهم . فربما هناك أمر ما ، يريد انجازه لهم . أو يعرض عليهم قضية هامة تخصهم . فتكون استجابتهم فورية (لبيك آبا هايل) . هذا (سعد) إن تكلم صفقوا له. فكلامه يدخل الوجدان من دون استئذان.
وأتى فوزه لعلاقاته الوطيدة والطيبة وحسن تعامله الأخوي مع زملائه النواب، ممن يضعون مصلحة الأردن فوق أي اعتبار. وكان يخاطبهم بـ(زملائي النواب) . فضلا عن ابتعاده عن المراوغة أو الوعود الكاذبة أو حلفان الإيمان أو عرض الإغراءات . والقبض على الشوارب . اللهم سوى الكواليس التي كانت سيدة الموقف آنذاك . ويشهد له بأنه أدار الجلسات بكل حرفية وأريحية . ولم يكن قمعيا فكان يعطي كل نائب حقه في إبداء رأيه. وقد راعى جميع التوازنات التي حكمت عمل المجلس . وجراء قدرته على تحمل جميع الأعباء . فقد قام بدور محوري وهام وحيوي وأساسي في مواجهة الأعاصير والعواصف التي عاشها الأردن.
وحقق إنجازات نوعية على الصعيدين ، محليا كان يشدد على وجوب أن يعيش المواطن حياة حرة كريمة فلذلك لمس الجميع حركة تنموية واقتصادية وثقافية واجتماعية شاملة زاهرة . وخارجيا تغلب على المعوقات والتحديات التي واجهت الوطن . وخلال فترة تولية رئاسة مجلس ، النواب الثاني عشر جرى توقيع اتفاقية السلام مع العدو الصهيوني . وكأن لسان حاله يقول : ( من يفرط في القدس كمن يفرط في الأردن ). وأمام هذه الريح وقف بكل شجاعة ومسؤولية . بفراسته وحنكته وصبره التي يمتاز فيها أبناء البادية. فأوصل السفينة إلى بر الأمان.
ومن المسلم به أن الإنسان قد يواجه في حياته بعض المعضلات. وجواد الفارس قد يتعرض إلى (كبوة) . والحرب لا يخوضها إلا الشجعان . أما ( الأعداء ) فالهزيمة مصيرهم . ومن عادة الشيوخ والحكماء أنهم يتجاوزونها ، لان الجود ، سيأتي في قادم الأيام ، فلهذا لا ينظرون إلى الخلف . والأمثال العربية لم تترك شيئاً إلا وقالته ، فقالت :أن الذي (( يمشي على رجليه لا تحلف عليه )) . فلا فرق بين الذي يمشي أو كالذي يقفز على رجليه مثالاً (الكنغر). كما انه يكره زمرة المتآمرين على الآخرين .
ويتحلى معالي الشيخ بالعديد من الممنوعات أبرزها أن باب منزلة العامر مفتوح ب ( التهلي ) وكذلك مكتبة ( الخاص ) الواقع مابين (المدينة المنورة ومكة). وهو يجيب على الاتصالات بنفسه وهاتفه لا يغلقه . ويا (هلا بأخوي ) دائما على لسانه، عكس الذين يتهربون من الرد، وخادمتهم ترد ( بابا مش هون).
واعتاد المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه القيام بزيارات إلى مضارب عشائر المساعيد خاصة وأهل الجبل عامة في البادية الشمالية . وعلى رأس مستقبلي جلالته المرحوم شيخ عشائر المساعيد الشيخ هايل السرور . ولم تتوقف الزيارات في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني حفظة الله ورعاه . لهم ، حيث يكون على رأس مستقبلي جلالته شيخ عشائر المساعيد معالي الشيخ سعد . وآخرها زيارة صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير حسين بن عبد الله رعاه الله . إلى معالي الشيخ سعد هايل السرور . وتعتبر الزيارات الملكية تكريما إلى عشائر المساعيد في أم الجمال خاصة وأهل الجبل عامة . وقد أدخلت الفرح والسرور في نفوسهم . وهم يرون ملوك بني هاشم بينهم يطمئنون عليهم ويبادلونهم الحب والوفاء .
واليوم أبناء البادية قد اضأووا مشاعل الانجازات. وتركوا حياة البداوة (الترحال) و( الغزو والاحتراب) . وشمروا عن سواعدهم وشيدوا بنيان مجتمعات مدنية متحضرة بنوها ب (المودة والإخوة والتحاب).
ومنذ تسعينيات القرن الماضي شهدت البادية ، نقلات نوعية في شتى المجالات كافة. من افتتاح المدارس وأقامت المراكز الصحية ، وشق الطرقات، وتوفير الخدمات كافة . فلذلك توجهوا إلى الاستقرار . وصنعوا نهضة تنموية شاملة لباديتهم. وسابقوا الزمن في التطور والعمران . وأصبحت أراضيهم ( واحات غناء ، وارفة الظلال، مزارع وأعناب . ورزقهم يأتيهم من كل مكان. فأقيمت المشاريع الزراعية والاستثمارية والإنتاجية وواصل شباب البادية تلقي تعليمهم في جميع المراحل. وانخرطوا في الوظائف العسكرية وأجهزة الدولة المختلفة.
ويضيف الحصان لقد كانت أم الجمال ممرا للحج الشامي الداخلي المتصل بوادي السرحان من جهة الجنوب ومن الشمال ، طريق تراجانوس القادم من الباعج وطرق فرعية مع أم القطين عبر عمره وعميره . ويشير الحصان أن الحجر الذي عثر عليه وجد عليه اسم ( مقبل ابن برجس ابن مقبل ابن سالم ابن نمر ابن عرب ابن رسل المساعيد . وهذا يؤكد إلى أن المساعيد قد استوطنوا في البادية الأردنية . قبل 700 عام ميلادي . في وادي سلمى شمال الصفاوي ( الحرة الأردنية ) . وهم من أهل الجبل (حوران والحرة والحماد الشامية ). ولهذا فان عشيرة المساعيد واحدة من القبائل العربية ذات الانتشار الواسع.
هذا صاحب المعالي الشيخ سعد هايل عوده السرور الشخصية الأردنية الهامة واحد الرجال الأوفياء المحنكين .الذي يدخل (السرور بكل سرور) إلى قلب كل مأسور . فيا سعد من كان (سعد ) عونا له. الذي وضع له في كل مواقع المسؤولية بصمات وإسهامات كبيرة تحدثك عن نفسها بان سعد قد زرعها . هذا الذي يربأ بنفسه السلوك المهين، من بيع وشراء للذمم للوصول إلى المبتغى.
(معالي سعد) قصة وفاء وبذل وعطاء وشهامة ورجولة وقمر أضاء فضاء سماء الأردن عبر مسيرته البرلمانية والحكومية. دون حروفها بالجد والاجتهاد والمثابرة والإخلاص .هذا فارس من فرسان المساعيد الذين نشأوا على الفروسية والنضال والتضحيات الجسام .
اللهم هذا ( سعد) . فاجعله يا رب سعيدا ترضى عنه ، أينما حل وارتحل.