العناني في حوار عالي السقف مع جماعة عمان لحوارات المستقبل:
مدار الساعة - قال نائب رئيس الوزراء الاسبق الدكتور جواد العناني أن الإصلاح السياسي والإصلاح الاقتصادي يرتبطان ببعضهما البعض، ولا يمكن تحقيق أحدهما دون الآخر.
وأضاف العناني في حوار مع جماعة عمان لحوارات المستقبل أداره رئيس الجماعة بلال حسن التل: أنه من الصعب أن نتخيل الخيارات الاقتصادية المتاحة دون أن يكون للناس رأي واضح فيها.
وقال العنانين في الحوار الذي تابعته "مدار الساعة" إن الأردن اجتاز مرحلة بناء البنية التحتية، التي كان كل شيء فيها يعتبر إنجازاً، ودخلنا مرحلة المفاضلة في الاقتصاد، بمعنى بماذا تبدأ؟ وممن تأخذ؟ ولمن تعطي؟ وأي قطاع يجب أن يستفيد أكثر من غيره؟ وأصبحت القضية قضية مصالح وليست قضية دراسات فقط، حيث أصبح كل فرد ينظر إلى تحقيق مصلحته من أي مشروع يتم تنفيذه.
وقال العناني لقد كنا حتى ثمانينيات القرن الماضي نتحدث في الأردن عن توزيع المكاسب، لكننا وصلنا الآن إلى مرحلة خارطة توزيع المغارم في مواجهة توزيع المغانم، بمعنى من الذي يدفع،ومن الذي يتحمل،ومن الذي يسدد عجز الحكومة، فصرنا أمام صورتين متناقضتين، صورة من يدفع وصورة من يستفيد، وأيهما يجب أن يعطى الأولوية؟.
وأضاف أن الأردنيين صاروا يعوون أهمية حسن توزيع المال وإدارته، كما بدأوا يعوون بأنهم يدفعون، خاصة بعد فرض ضريبة المبيعات والكثير من الضرائب والرسوم على فواتير الخدمات كالكهرباء والمياه، لذلك دخلنا إلى مرحلة صار فيها من حق الناس الذين يدفعون أن يسألوا لماذا يدفعون، وكيف ينُفق ما يدفعونه، مما جعل قضية الفساد في غاية الأهمية، لأن المواطن يشعر أن الفاسد الذي سرق مالاً عاماً إنما سرقه من المواطن الذي يدفع، وأن هذا المال المسروق كان يجب أن ينفق على المواطن الذي دفعه.
وتحدث الدكتور العناني عن توزيع الدخل في الأردن فقال أنه في عام 2010 كان توزيع الدخل في الأردن يساوي 33% مما كان يعتبر معقولاً من حيث نسبة توزيع الثروة، وهو وضع يشبه وضع الولايات المتحدة الأمريكية في تلك السنة، أما الآن فتقديري أن نسبة توزيع الدخل في الأردن صارت سيئة، وأضاف أن المواطن الأردني ينفق 113% من دخله، أي أن إنفاقه أكثر من دخله بنسبة 13% مما يضطره إلى الاستدانة أو بيع أملاكه بما في ذلك بيته. وقال العناني أنه منذ عام 2012 صار دخل الأردني ينقص سنوياً بمعدل اثنين ونصف إلى ثلاثة بالمائة.
وقال العناني أنه للخروج من أوضاعنا الاقتصادية المتأزمة، لابد من حزمة إصلاحات أولهما أن القرار يجب أن يؤخذ بالأغلبية، التي تفرزها انتخابات صحيحة ونزيهة، تعبر عن مواقف الناس ورأيهم، وأضاف أن القضايا الكبرى التي تؤثر على مستقبل الدولة تتطلب وعياً سياسياً، وقرار سديداً يؤخذ بمشاركة كاملة من الناس حتى يتحملوا نتائج قرارهم.
ودعا الدكتور العناني إلى تعزيز جبهتنا الداخلية لمواجهة أزماتنا ومشكلاتنا مهما كانت أسبابها ومصدرها، مستذكراً مقولة "أن الاعتماد على الآخرين لا يحميك من مواطنيك أما إذا وقف معك مواطنيك فإنهم يعززون مكانتك عند الآخرين".
وأضاف أننا في الأردن بحاجة إلى إصلاح سياسي حقيقي، لأنه ليس أمامنا حلول لمشاكلنا إلا هذا السبيل، فالعلاقة بين الإصلاح السياسي والإصلاح الاقتصادي في الأردن ليست رفاهاً ذهنياً، ولا تحليلاً سياسياً، لكنها ضرورة ملحة ولا حل لنا إلا بهما.
واقترح العناني قانون أحزاب يعطي نصف مقاعد مجلس النواب لخمسة أحزاب هي التي تحصل على أعلى الأصوات، مع وجود عتبة لابد من أن تجتازها هذه الأحزاب.
كما دعا العناني إلى تغيير النهج الاقتصادي المتبع في الأردن بشكل كامل، فقد ثبت فشله، وقال أن من يدير الاقتصاد في الأردن هم محاسبون وليسوا اقتصاديين، والدينار بالنسبة للمحاسب يساوي دينار حيثما كان، بينما تختلف قيمة الدينار عند الاقتصاديين باختلاف مكانه، وأضاف أن الدينار بيد الغبي ليس كالدينار بيد الذكي، لذلك فإن الاقتصاد أعقد بكثير من أن يديره محاسب.
وقال لقد وصلنا في الأردن إلى قمة المنحنى في الضرائب أي إلى قمة التحمل، وأي زيادة تعني أنك ستنزل إلى الجهة الأخرى.
وأبدى الدكتور العناني تحفظه على الموازنة العامة للدولة التي قدمتها حكومة الرزاز وقال أنها موازنة تكيف حال، أكثر منها موازنة تعكس ما يمكن أن يحصل في الأردن.
وتساءل العناني إلى أين نحن ذاهبون، وأجاب أنه إذا لم يتم تغير النهج بسرعة فستحدث لدينا أزمة اقتصادية أكبر مما نحن فيه بكثير، مطالباً بإرسال رسالة قوية جداً إلى الأردنيين بأن الحكومة تخدم إرادتهم.
وقال أن استعادة ثقة الناس تتم من خلال إشعارهم بأنني أفكر بهمومهم الأساسية، وأهمها مشكلتا الفقر والبطالة، ولا أعتقد أن هناك مشكلة أخطر وأهم منهما أمنياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً، ولذلك لابد من إنصاف هذا الجيل قبل أن يخرج علينا بفكر ومسميات أخطر من فكر ومسميات وممارسات داعش.
وطالب العناني بوضع شروط على المستثمر الأجنبي قائلاً: إننا لسنا بحاجة إلى مستثمر يشتري أسهماً، ولكننا بحاجة إلى مستثمر يجلب لنا تكنولوجيا أو رأس مال كبير أو سوقاً أو تنظيم إداري جديد.