بقلم: الدكتور منذر جمحاوي
نشرت رئاسة الوزراء مساء أمس الثلاثاء وثيقة أولويّات عمل الحكومة للعامين المقبلين، التي أعلنها رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزّاز أمس . وتضمّنت الوثيقة تفاصيل المشاريع والبرامج التي ستعمل الحكومة على تنفيذها للأعوام 2019 - 2020، وفقاً للمحاور التي تضمّنها خطاب العرش السامي وهي: دولة القانون، ودولة الإنتاج، ودولة التكافل.
وفي ظل الظروف السياسية غير المستقرة في محيط بلدنا، نرى وجود محاولات بائسة للنيل من ترابط المجتمع الأردني وثباته والتفافه حول قيادتة الهاشمية والمس بالثوابت الدينية والتسامح والتعايش الكريم بين جميع مكونات المجتمع الاردني الذي نتغنى به أمام العالم أجمع. ونجد أيضاً وجود حالة من انعدام الثقة عند البعض بعمل الحكومات بشكل عام وعدم القناعة الكاملة بقدرتها على التصدي للتحديات التي تواجهها.
وهنا أجد لزاماً التذكير بأهمية المحافظة على هيبة وسيادة الدولة والبعد عن التشكيك والتكهن بقدرة الحكومة كجهاز تنفيذي مسؤول عن إدارة شؤون الدولة لأن ذلك يمس الهيبة المطلوبة والسيادة المصانه للدولة.
واذا ما نظرنا بصورة متمعنة لهذه التشكيكات والغمز واللمز هنا أو هناك نجد أن معظمها يفتقد المصداقية وتستند الى معلومات مغلوطة. وما يزيد الطين بله هي سرعة تناقل هذه المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بغض النظر عن مصداقيتها وصحتها، الأمر الذي يخلق ردة فعل سلبية عند العامة وحالة تجييش الغاية منها هو خلق الفتنة التي هي أشد من القتل أحياناً.
وأرى أن المسؤولية للتصدي لهذه الحالة والمحاولات البائسة هي مسؤولية جماعية قبل أن تكون مسؤولية الحكومة وحدها عملاً بقول رسول الله (ص) " أنت على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبلك". فكل منا يجب أن يعمل من أجل التصدي لهذه الحالة من انعدام الثقة والتشكيك، والعمل على زرع روح المواطنة الصالحة واحترام هيبة الدولة والثقة بقدرتها على إدارة شؤون الدولة وتحمل كافة المسؤوليات الواقعة عليها. ولعل دفة ألأمن والآمان بقيادة جلالة الملك سواء بسياسته الحكيمة التي ينتهجها للعبور بالوطن لبر الآمان في منطقة ملتهبة ، وسمعة الاردن من خلال العمل المؤسسي الذي تم ترسيخه أو وجود الكوادر ذات الخبرة العالية أو المستوى الجيد للتعليم العالي و جودة الكوادر البشرية الأردنية من المغتربين الذين يعطون الصورة المشرقة عن بلدنا لخير حميعها دافع لنا لنحافظ على هذه الانجازات .
وبالمقابل فلنتفق أن هيبة الدولة تتأتى من الحوكمة الرشيدة في إدارة أمورها، وهذا بلا شك يحتاج الى فريق متجانس من الوزراء ذو كفاءة وخبرة ووعي لأولويّات عمل الحكومة التي أعلنتها ، وسيرتهم تدل على نظافتهم من عيوب استثمار الوظيفة والعلاقة بأصحاب المصالح والأجندات الخاصة، وحريصون للعمل بمضامين اليمين الدستوري الذي يحلف أمام جلالة الملك. ولا بد عند اختيار أعضاء الفريق الحكومي من مراجعة وتدقيق السيرة الذاتية وماضي كل منهم المهني والتأكد من عدم وجود شبهات تدعو العامة للتشكيك بسلامة الاختيار. والتعامل مع ذلك بكل شفافية ومصداقية لأن ذلك سيقود الى بناء قاعدة ثقة مع أبناء هذا الوطن وبذلك نسهل ترسيخ أساس لمعنى المساهمة الايجابية نحو دولة الانتاج ودولة التكافل.
أما دولة القانون، فان هيبة الدول ومقياس تحضرها هو بمقدار احترامها لقوانينها والتزامها بها. والحقيقة أن مفهوم سيادة القانون كثيراً ومراراً ما تطرق له جلالة الملك بإعتبار أنه مؤشر أساسي للنهضة والتحضر، والطريق نحو العدالة والآمان وحفظ كرامة الانسان، وفيه تشجيع للعطاء ونبذ للظلم وتحقيق للتكافل. وبسيادة القانون تكون الفرص متكافئة والتنافس شريف، والشعور بالمواطنة المتحضرة والتغني بها تكون هي النتيجة.
وأخيراً أقول إن الخدمة العامة فيها مسؤولية كبيرة ومن يتم اختيارهم لها هم على دراية كاملة بأنها تكليف وليس تشريف وهو خدمة وطن من خلال ما يحملوه من خبرات للمساهمة في إدارة شؤون الوطن ولا بد من عدم الحكم عليهم بسرعة بل اعطائهم الفرصة لبيان قدراتهم في العمل العام لتحقيق برنامج الحكومة وفقاً للمحاور التي تضمّنها خطاب العرش السامي، ولا بد من تقييم أدائهم أولاً بأول ولا بد من محاسبتهم عند التقصير من خلال السلطات الرقابية المنصوص عليها دستورياً . أما العامة فلا بد من التذكير بأن منصات العمل الديموقراطي في بلدنا موجودة لنقل أفكارهم ومطالبهم ومشاريعهم ممثلة باللجان المحلية ثم البلدية ثم اللامركزية ثم النيابية بالاضافة الى المنابر الاعلامية المسؤولة وغيرها من المؤسسات الرقابية والجميع يخاف على الوطن ويعمل لمصلحة بناء الوطن. فليُعطوا الفرصة ولنحترم هيبة الدولة.
حفظ الله وطننا من كل مكروه ، وحمى الله مليكنا المفدى وأطال في عمره.