مدار الساعة - حازم عكروش وبشرى نيروخ- استلهم الاردنيون من قيمهم، حافزا لانقاذ عشرات الارواح في فاجعتين شهدتهما البلاد مؤخرا، وكانت خسائرهما باهظة انسانيا ووطنيا.
غداة هاتين الفاجعتين، يتصاعد الالحاح على صياغة مفهوم ادارة للازمة يستوعبه المجتمع الذي يلعب حسن تصرفه واستجابته الواعية دورا مفصليا في خفض الكلفة البشرية والمادية خلال الازمات والطوارئ.
متخصصون، حثوا الحكومة واجهزة الدولة، خلال احاديثهم لوكالة الانباء الاردنية(بترا) على صياغة مقاربة وتصور يجري تعميمهما في المجتمعات المحلية، ليصبحان جزءا من ادارة الازمات والكوارث، للحد من الخسائر البشرية والمادية، على الرغم من خلاصات دولية تقول، ان "90%من الأرواح يجري إنقاذها في حالات الطوارئ بفضل أشخاص مثلك".
الكاتب الصحفي احمد ابو خليل، القارئ المتميز للثقافة الشعبية، يرى أن هبّة المواطنين لمساعدة وانقاذ المتضررين من الحوادث والكوارث والفواجع تكون قبل وصول اجهزة الدولة التي تمتلك الادوات اللازمة للانقاذ والمساعدة على مواجهة الأزمات.
وأضاف ان الذي أجّج الراي العام اليوم هو وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن كانت الناس تتداول الحوادث والكوارث في المنطقة التي تشهدها، مشيرا الى أن الحكومات تعتقد أن ما يتم تداوله على صفحات الفيس بوك يمثل أو يشكل الراي العام، وهذا ليس بالضرورة أنعكاسا تاما لموقف الناس، بل هى تنافسات ومبارزات والشجاعة في هذه البوستات تمثيلية مجانية، وهذه القصص والجراة في نشرها جاءت بسبب انعدام الثقة بين الناس ومؤسسات الدولة.
واستدرك ابو خليل "ان الاردنيين عندما واجهوا كوارث أكبر من التي حصلت مؤخرا مثل الارهاب وأزمة الربيع العربي التي كادت ان تشكل خطرا كبيرا على البلد، أبدوا قدرا من التماسك للحفاظ على وطنهم".
ودعا ابو خليل الى بناء اعلام محترف مهني وموضوعي يوفر المعلومات الصحيحية والصادقة من موقع الحدث وقادر على التواصل مع الناس يرصد النقاط الايجابية والمزاج العام للناس، ورصد بطولاتهم وبثها ووقف الارتباك والتلكوء في بث الرسائل الاعلامية والبعد عن البحث عن ما يطلبه الجمهور اي العمل بردة الفعل .
التدريب والتعليم رئيسة قسم العلوم التربوية بجامعة البترا الدكتورة اسيل الشوارب، تعتقد ان انشاء وحدة تعليمية في رياض الأطفال بعنوان "صحتي وسلامتي" لم تكن عبثا، بل بهدف تعليم الأطفال مبادئ الرعاية الصحية والتعرف على أهم القواعد العامة للمحافظة على الصحة واستخدام الادوات بطريقة آمنة والوقاية من أسباب الاخطار بشكل عام. ولفتت الى أنه ومع دخول الطفل الصف الأول الأساسي يبدا التركيز على المواد التعليمية الاكاديمية، ويتم نسيان أهم المهارات اللازمة في القرن الحادي والعشرين اللازمة ونحتاجها لإعداد الطفل للمستقبل وعندما يصبح بالغا في حياته "رغم أننا نتعلم الكثير في المدارس، إلا أننا لا نتعلم مثل تلك المهارات بشكل مناسب أو حتى بطريقة رسمية وجدية".
ودعت الشوارب الى تعليم بعض مهارات البقاء على قيد الحياة، وحسب المرحلة العمرية مثل تعلم كيفية التعامل مع الطوارئ واطفاء الحرائق أو الاخلاء من اماكن الخطر، كما أنه من الضروري تعلم مهارات الإسعافات الأولية وتدريب الطلاب عليها ووجود إرشادات حقيقية وتوعوية للتعامل مع الأزمات الطارئة التي قد تحدث لهم في المدرسة.
وقالت ان نشر الوعي الصحي ورفع مستواه بين الطلاب والمواطنين وبث روح التعاون والمساعدة بينهم يوفر الكثير من فرص النجاة، خصوصا وأن مصادر الأخطار التي تواجه الطلبة والمواطنين كثيرة ومتعددة وبالتالي يجب توجيههم وتوعيتهم لعدم الوقوع في خطر أو التعرض للحوادث، وتدريبهم لكي يتجنبوا الإصابات جراء الازدحام أو التكدس أو اللعب بأسلوب عنيف مما يتطلب وضع خطط وبرامج طيلة أيام السنة تترجم عبر ورشات تدريبية للوعية حول بأساليب السلامة وأهميتها اكتشاف وتنمية قدرات الطلاب في مجال الأمن والسلامة وتدريبهم على الإحساس بالأخطار المختلفة، مثل الحرائق ووسائل الإنقاذ والإطفاء واستخدام وسائل الدفاع المدني المختلفة من طفايات الحريق بأنواعها والتدريب على الإسعافات الأولية والتعاون مع الجهات المختصة في عملية إخلاء المبنى في حالة الطوارئ تقييم سلامة المبنى والتأكد من توفير التجهيزات الكاملة في حالة الطوارئ والحرائق.
الانذار المبكر ..
استاذ قسم الهندسة الصناعية في الجامعة الهاشمية الدكتور هشام المومني، يرى ان "تحسن نظم الإنذار المبكر وقدرة المجتمعات المحلية على التكيف يحد من اثار الكوارث بشكل كبير، حين انه غالبا ما يملك سكان المجتع المحلي معارف ومهارات واساليب بقاء كفيلة بمساعدتهم على النهوض من عثرتهم، اذ تقول اللجنة الدولية للصليب الأحمر ان" 90%من الأرواح يجري إنقاذها في حالات الطوارئ بفضل أشخاص مثلك ".
وقال انه "مهما كانت امكانيات الدولة فانها لا تكفي احيانا لمواجهة الكارثة، ومن المهم للغاية أن يكون المجتمع جزءاً من عملية إدارة الكوارث، اذ ان نجاح اداره الكوارث (الفيضانات مثلا) يعتمد على وجود استجابة شعبية لان المجتمع يعرف نفسه وبيئته بشكل أفضل".
وأشار الى ان إسهام المتطوعين في حالات الكوارث أساسي، وله اثر كبير في تخفيف اثرها وحدتها، مما يقلل من عبء العمل على الاجهزه الرسمية التي تقدم المساعدة.
الدكتور المومني شدد على اهمية وجود انظمة لإدارة الكوارث المجتمعية للحد من مخاطرها، على ان تكون صممت شعبيا لتشمل التدخلات ، والتدابير ، والأنشطة ، والمشاريع والبرامج للحد من مخاطر الكوارث، وتقوم على احتياجاتهم وقدراتهم، ذلك ان سرعه الاستجابه اثناء وقوع الكارثه باتباع إجراءات الطوارئ يحد من الضعف ويزيد من قدرات المجموعات والمجتمعات الضعيفة على التعامل مع الخسائر أو الأضرار في الأرواح والممتلكات.
وقال ان التجارب اثبتت ان افراد المجتمع المسلح بالوعي والمعرفة العلمية والمدرب على منهجية الفعل الايجابي بتخطيط مسبق، هو الاقدر على دعم الاجهزة الرسمية اثناء وقوع الكارثة على عكس كل منهجيات ردة الفعل السلبية المبنية على الجهل والخوف وما يسمى الفزعة مع الاخذ بعين الاعتبار مراعاة القدرات المحلية لهذه المجتمعات..
وبين انه يمكن تفعيل دور المجتمع المحلي في عمليات الانقاذ بعد تحديد المناطق اكثر عرضة للكوارث وكيفية التصدي لها من خلال تعزيز التدخل المسبق قبل ال?وارث، وذلك بتحديد اماكن الأخطار المحتملة.
ورأى ان تشكيل لجان محلية متخصصة ذات ادارة مركزية لتنظيم برامج الخدمة التطوعية يساعد في تسريع الاستجابة والتنسيق مع الأجهزة المتخصصة واسناد خطط الطوارىء مبكرا والتجسير بين المجتمعين الرسمي والمحلي.
ولفت الى ان مهمات هذه اللجان التخطيط والتنظيم المسبق باتخاذ تدابير طويلة الأجل للحد من الخطر وتامين الحاجات الضرورية مثل ملاجئ الطوارئ والتشريع وتعزيز قوانين البناء السارية لمكافحة الكوارث (البناء بجانب الاوديه والسيول. الخ) وفرض عقوبات على اولئك الذين يرفضون الانصياع للقوانين وتوفير مناطق بديلة لهم.
وأشار الى أهمية الشبكات الاجتماعية ونظم المعلومات الإدارية في حالات الطوارئ والتهيؤ باستعمال جميع الطرق التكنولوجية والإنذار المبكر لمواجهة سيناريوهات لأسوأ الافتراضات والاستعداد لها. بترا