مدار الساعة - كتب : عبدالحافظ الهروط
وضع جلالة الملك عبدالله الثاني محاربة الاشاعة وتوفير المعلومة في كفتي ميزان وهو يخاطب الاردنيين في مقال سلّط فيه الضوء على الساحة الاردنية التي تشهد سجالاً تجاه قضايا وطنية عديدة.
هذا السجال الدائر الذي اتخذ اشكالاً اعلامية في ادواته الحديثة والقديمة الى جانب نقاشات وحوارات رسمية وعامة، عادة ما تزداد اثارته عندما تحدث قضية ما ،فتلقى قبولاً ورفضاً في التعاطي معها، حيث يزعم كل طرف من الاطراف المتبارية انه على صواب في كل ما يدعيه.
وككل قضية تهم الوطن والمواطن،يحرص الملك ان تكون لها معالجة اما باتخاذ قرار او توجيه ملكي او من خلال لقاءات مع الحكومة والاعلاميين وعامة الناس وكذلك مخاطبة الاردنيين بكتابة مقال كما فعل أمس.
الا ان ما يثيره بعض شاغلي وسائل التواصل الاجتماعي في مثل هذه القضايا وكانت آخرها الفاجعة التي المّت بالاردنيين وذهب ضحيتها 21 طالباً وطالبة في عمر الورود وضحايا آخرين، هو ما دفع الملك لمخاطبة الجميع بلغة أكثر صرامة، وذلك بأن يتحمل كل مسؤول تقصيره او تواكله وتكاسله، لا بل يجب محاسبته.
يشدد الملك في مقاله، ان هذه الحادثة الأليمة يجب ان تكون درساً لنا وان يكون التعامل مع أي قضية بوعي وطني وبنقاش بناء، لا ان يكون قائماً على الاثارة، كما هو في بعض الظواهرالاجتماعية المقلقة على منصات التواصل الاجتماعي، وما تحمله بين حين وآخر من كراهية وذم وقدح.
وعندما يقول الملك في حادثة البحر الميت "يجب أن نفرق بين آراء انتقدت الأداء وطالبت بتحديد المسؤوليات، وهذا نابع من الحرص وهو مطلوب، وبين قلة ممن أساءوا بالشماتة والسخرية، بحق أبنائنا وبناتنا الذين فقدناهم" فإنه يؤشر الى حالة النقيض بين من يشعر بالانسانية، ومن افقدتهم السلبية الشعورالانساني وقيم المجتمع الاردني النبيل.
ولأن الحادثة غائرة في قلوب الاردنيين فإنه " يتطلب الوقوف على اوجه الخلل والتقصير ومحاسبة كل من تثبت مسؤوليته، حتى نتجنب مثل هذه الحوادث المؤلمة مستقبلا، ويستدعي أيضا نظرة فاحصة وشاملة لحجم وطبيعة التفاعل على منصات التواصل الاجتماعي" كما يقول الملك، فهذا يعني انه لن يفلت مقصّر من المحاسبة وكذلك من يعمل لغاية الاثارة.
ومما لا شك فيه، ان حالة "التوازن" في حرية التعبير المسؤولة والنقاش البناء والاطلاع على حقائق الامور في القضايا الوطنية بحيث لا تكون حكراً على المسؤولين، بمثابة تفوّيت الفرصة على منتهزي وسائل التواصل الاجتماعي وغيرهم لبث اشاعاتهم.
ولعل توجيهات الملك، للحكومة ان تعمل بشفافية، وتوفر معلومات دقيقة للمواطن وأن ترتقي لتوقعات الشعب وكذلك مسؤولية منابر الإعلام والإعلاميين، كأحد أهم روافع نظم تدفق المعلومات والتواصل، ورفع معاييرهم المهنية والالتزام بالمسؤوليات الأخلاقية وتحكيم المنطق والعقل في تقييم الأخبار والمعلومات، كل هذه التوجيهات، يمكن اعتبارها، وسيلة ردم للاشاعة، وتجسيرللفجوة بين حق توفير المعلومة، وحجبها عن الناس وعن الاعلام، مثلما هي استعادة الثقة بين المواطن والمسؤول.