يقول صديقي: إنه مجتمع غريب فعلا، يتناول أصحابه ما يُذهب العقل لتجدهم ينطقون بالحكمة حين تغيب عقولهم، وكأن الصحو لهم تسطيل، والتسطيل لهم صحو. يقول أحدهم: إن الحكومة تتعامل بمعايير مزدوجة، وليس عندها مبدأ واحد في التعامل، وهذا لا يليق بالحكومات العريقة المحترمة، فسألته عن السبب فأجاب: إنها تحارب الحشيش وتجيز الخمر، فما الفرق بينهما بالله عليك؟ قلت له: الله أعلم، لا علم عندي، فقال: يا أستاذ، هما شيء واحد، الخمر والحشيش حرام في الشريعة، وهما يضران بالقدرات العقلية، ويدمران الصحة الجسدية، فقلت: ما شاء الله، مفتي وطبيب، واستطرد قائلا: الحكومة تجرّم الحشيش وتبيح الخمر، فلماذا يا أستاذ؟ قلت: لا أدري، فقال: لأنها تأخذ الجمارك والضرائب والرسوم على الخمر، ولا تأخذ شيئا على الحشيش، يا أستاذ، فلتأخذ الحكومة ما تشاء على الحشيش، وخلينا، نحشش ونعيش. يقول صديقي: أستطيع أن أقسم أن ما قاله لم يخطر في ذهني يوما ما، ربما لأنها ليست قضيتي، ولكن تناوله للموضوع بهذا الشكل أقنعني أنه يصحو عندما يكون مسطولا.
قال صديقي: أردت استفزازهم فقلت: يا جماعة القدس ضاعت، ويجب أن نعمل لتحريرها، وبهذه الحال لن يتم ذلك أبدا، فأجاب أحدهم: يا سيدي الفاضل، إن بعض من يزعمون أنهم مقاومة هم من يزرعون الحشيش ويتاجرون به لشراء السلاح، إنهم يدمّرون الجيل، فيقدمون أفضل هدية للعدو، ثم يقولون إنهم يقاومونه، أرأيت كيف يخدمون العدو مجانا؟ المقاومة ينبغي أن تكون مؤمنة بالله ونظيفة، ولا تتقرب إلى الله بمعصيته، ثم لا يصح أن تكون بيد تجار للحشيش؛ لأنه أشدّ فتكا فينا من الأسلحة التي توجّه للعدو.
قال صديقي: إذن أنتم تعرفون أن الحشيش حرام، وأنه رجس من عمل الشيطان، فلم تتناولونه إذن؟ فأجاب أحدهم بحجة الحشاشين العظمى: إن كان حلال أدينا بنشرَبُه، وإن كان حرام أدينا بنحرَؤُه. الدستور