مدار الساعة- في مراجعة سريعة لكتاب وكاتبات الأعمدة في أربع صحف يومية أردنية، وهي الرأي والدستور والغد والسبيل، تبين بأن عدد كاتبات الأعمدة 8 نساء من مجموع 86 كاتباً وكاتبة وبنسبة 9.3%. علماً بأن الأسماء تم الحصول عليها من المواقع الرسمية للصحف، وهي لا تعكس العدد الكامل بالتأكيد، ولكنها تعطي صورة عن مدى مشاركة النساء في إبداء الرأي وطرح الأفكار من خلال الصحف اليومية.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أنه وبحسب الصحيفة، فإننا نجد بأن من بين 20 كاتباً في صحيفة الغد هنالك سيدتين (10%)، ومن بين 23 كاتباً في جريدة الدستور هنالك سيدتين أيضاً (8.6%)، ومن بين 28 كاتباً في جريدة الرأي هنالك 3 نساء (10.7%)، وأخيراً من بين 15 كاتباً في جريدة السبيل هنالك كاتبة واحدة (6.6%).
وتؤكد "تضامن" على أن للإعلام دور فاعل ومؤثر في حماية حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق النساء بشكل خاص والتصدي لأي إنتهاك لهذه الحقوق، وقد ساهم العديد من الكتاب والكاتبات من خلال طرح الآراء والتفاعلات والتغطيات والحملات الإعلامية المتميزة في إحداث التغيير الإيجابي وإسماع صوت النساء وإبراز دورهن في المجالات السياسية ، الإجتماعية ، الإقتصادية والثقافية ، وإشراكهن وإدماجهن في مجتمعهن ، وفي التصدي لعدم المساوة وللعنف الواقع عليهن ومنع التمييز ضدهن.
إلا أنه يلاحظ بإن النهج الإيجابي الذي تتبعه العديد من وسائل الإعلام لا يقع ضمن سياسات وإستراتيجيات إعلامية واضحة المعالم والأهداف تعمل لصالح النساء، وإنما في سياق تغطية "المناسبة" أو "الحدث" التي سرعان ما تفقد زخمها بعد إنتهائها. فلا بد من إتباع إستراتيجية إعلامية تعمل على تغيير الصورة النمطية للنساء، وإبراز دورهن وأهميته في صياغة مستقبلهن ومستقبل أسرهن ومجتمعهن.
كما تبرز ضرورة الإهتمام الإعلامي بحقوق النساء والرجوع اليهن بمختلف القضايا التي تهم مجتمعهن كخبيرات وصاحبات رأي، منعاً لحدوث تغييب إعلامي لآراء وخبرات نصف المجتمع، حيث لا يختلف إثنان على أن الأردن يزخر بالخبرات النسائية في مختلف المجالات من عالمات وأكاديميات وطبيبات ومهندسات ومحاميات وقاضيات ودبلوماسيات وبرلمانيات ووزيرات وإعلاميات وفنانات وشاعرات وكاتبات وصاحبات أعمال وعاملات وناشطات بالعمل الإجتماعي وحقوق الإنسان ، ونساء عديدات يرأسن أسرهن ، فهن في كل مجال وفي كل مكان.
وتؤكد "تضامن" على أن الإعلام بوسعه فعل الكثير من أجل الوصول الى تغطية إعلامية تراعي النوع الاجتماعي، مع أنه يمكن الوصول الى قائدات الرأي العام والخبيرات بكل سهولة من خلال توسيع قائمة إتصالات الإعلام لتشملهن ولأخذ آرائهن بالتحليل والنقد أسوة بالرجال حتى ولو كن لا يتمتعن بالطابع الرسمي.
وتشير "تضامن" الى أن دليل "أين النساء؟" والصادر عن الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، وضع أسس يمكن من خلالها للإعلاميين / الإعلاميات ردم الفجوة بين الجنسين عند إجراء التغطية الإعلامية ، فمثلاً عند مقابلة أو أخذ رأي القادة السياسيين وهم في الغالب رجال يمكن أخذ رأي أو مقابلة قائدات سياسيات من برلمانيات وعضوات أحزاب ووزيرات ويمكن الوصول اليهن والى غيرهن من خلال المنظمات النسائية ، كما ويمكن التساؤل عن الصور التي تظهر بها أدوار النساء ، هل يظهر الرجال والنساء بصور نمطية كتلك التي تشير الى الرجال كسياسيين والنساء دوماً في أدوار داعمة أو ضحايا؟ ، أو حول كيفية تغطية الإنتهاكات وكيفية تصوير الضحايا ، أهي حالات فردية أم أسلوب ممنهج.
وتؤكد "تضامن" على حقيقة أن النساء والرجال معاً يصيغون المستقبل ، وأن كل محاولات التهميش والإقصاء للنساء، وعدم إبراز دورهن ومساهماتهن وتضحياتهن في ظل الإصلاحات الديمقراطية لا بل والتنكر لمكتسباتهن ، لا يمكن التصدي لها بدون وجود إعلام قوي ومنصف يعمل لصالح النساء.