بهدف إيصال الرسالة واضحة إلى الجميع، فإن جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين لم يستخدم أية استعارات لغوية، أو فن من فنون التورية وهو يتحدث في لقاءه مع مجموعة من الكّتاب والصحفيين قائلاً: " إن سيادة القانون وترسيخ هيبة الدولة أولوية حتى نمضي إلى الأمام وهذه رسالة واضحة مني للجميع" .
ليس تكسير المدارس وإغلاق الطرق، هو المثل الوحيد الذي ضربه جلالة الملك كصورة من صور مخالفة القانون، بل أشار جلالته إلى خلل أكبر نمارسه جميعاً مسؤولين ومواطنين عندما قال جلالته " أن الجميع متفق على ضرورة محاربة الفساد والواسطة والمحسوبية، وأهمية تطبيق سيادة القانون لكن عندما يتعارض تطبيق القانون مع مصالح البعض أو يطال أقرباء لهم لا يتم احترام القانون" وبقوله هذا فإن جلالة الملك وضع أصبعه على مرض اجتماعي مزمن أصاب مجتمعنا، يتمثل في الفصام النكد بين ما نقول وما نفعل، وبين ما نرفع من شعارات وما نمارس على الأرض من أعمال، فكلنا نتحدث عن الإصلاح لكن بعيداً عن مصالحنا، وكلنا نتحدث عن محاربة الفساد دون أن ينال ذلك شيئاً من مكتسباتنا، تماماً مثلما نهاجم جميعاً الواسطة والمحسوبية، لكننا جميعاً نمارسها، لذلك فإن مسؤولية تطبيق التوجيهات الملكية لا تقع على عاتق الأجهزة المعنية فحسب، فجزء منها يقع على القوى الحية في مجتمعنا، بأن تنشر في مجتمعنا ثقافة تجعل من الواسطة والمحسوبية رذيلة اجتماعية مرفوضة، مهما كان نوعها وكائناً من كان مصدرها، بل لابد من أن نتجاوز مرحلة نشر ثقافة رفض الواسطة والمحسوبية إلى مرحلة بناء مجموعات الضغط الرافضة لهذا الداء الذي أفسد إدارتنا العامة، وألحق الضرر بالكثيرين من أبناء الوطن عندما أخل بمبدأ تكافؤ الفرص.
وبعد فقد مارس جلالة الملك دوره الدستوري وأصدر توجيهاته، وظل على الجميع ترجمة هذه التوجيهات، وفي الطليعة المسؤولين الذين عليهم تأدية مهامهم وواجباتهم بتفاني وشفافية من أجل خدمة الوطن، وليبرهنوا أن رسالة الملك وصلتهم فصدعو بالأمر الملكي. الرأي