مدار الساعة- استيقظ الأردنيون اليوم على خبر انتحار رجل أربعيني في منطقة الجفر الصحراوية جنوب البلاد، وتبعه بعد ساعات وفاة فتاة متأثرة بحروق بالغة في العقبة بعد إشعالها النار في نفسها، ليأتي خبر انتحار لاجئ سوري بمخيم “الأزرق” فاتحاً باب التساؤلات حول ازدياد حالات الانتحار مؤخراً.
ومنذ مطلع الشهر الجاري، شهد الأردن تسجيل 9 حالات انتحار مختلفة في مناطق متعددة من المملكة وكان لافتا تسجيل حالات انتحار للاجئين سوريين يقيمون في الأردن، حيث أرجع مختصون أسباب ذلك لازدياد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية في البلاد التي تعاني وضعا اقتصاديا متراجعا واجتماعيا ضاغطا بفعل زيادة عدد السكان بصورة مضطردة والأزمات المحيطة ما خلف موجة نزوح لم تكن المملكة بوارد الاستعداد الجيد لها.
ودفع تزايد حالات الانتحار بشكل مسبوق خلال هذا الشهر كتابا ومحللين للفت نظر المسؤولين لضرورة الانتباه إلى الأسباب الكامنة وراء الظاهرة التي تعبر عن احتقان أمام الأحوال السيئة التي وصلت لها شرائح عديدة في المجتمع بسبب الظروف الاقتصادية بالدرجة الأولى.
تراجع الروايات السابقة أمام المعطيات الجديدة
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي محمد أبو رمان أن هناك خللاً في القراءة الرسمية لطبيعة الحوادث الجديدة التي ظهرت في المجتمع كالانتحار والسطو المسلح وإقدام شاب قبل أيام على إحراق مركبته بسبب مخالفة سير، وقال:” ظاهرة الانتحار قد تكون طبيعية، والسطو المسلّح موجود في كثير من الدول.
وأضاف ” عندما يتحوّل الانتحار خلال أعوام قليلة إلى ظاهرة في مجتمع معين، وعندما تظهر فجأة عمليات سطو مسلّح لم تكن موجودة، وظواهر غريبة مثل إحراق الباص، وانتشار الرشوة والفساد الإداري والمخدرات، كل ذلك في لحظة واحدة، مع ارتفاع معدلات البطالة والراديكالية لدى الشباب، ولا نجد وعياً عميقاً لدى المسؤولين والسياسيين، ولا مجتمعاً مدنياً حيوياً قادرا على فهم الظاهرة والتعامل معها، عند ذلك لا بد أن نتخلى عن القراءة السابقة، وأن نتذكر عنوان رواية إحسان عبدالقدوس “شيء في صدري”، بحسب آرم.
وأقدم شاب في الرمثا قبل أيام على إحراق نفسه ونقل شهود عيان عن ذويه قوله في المستشفى قبل أن يفارق الحياة أنه فعل ذلك بسبب عدم وجود فرص عمل.
وقامت الحكومة الأردنية برفع أسعار مجموعة من السلع الأساسية بنسب متفاوتة هذا الشهر رغم حملات المقاطعة الشعبية لثنيها عن المضي في هذا القرار الذي يقول خبراء اقتصاديون إنه سيزيد من معاناة المواطنين.
احتقان اجتماعي ومواجهة نيابية حكومية
وانتقلت المواجهة الشعبية مع الحكومة إلى قبة البرلمان، حيث طلب نواب بعقد جلسة لمساءلة الحكومة حول مضيها بقرارها وشهدت كلمات غير مسبوقة بحق رئيس الوزراء من قبل النائب صداح الحباشنة الذي وجه كلامه لرئيس الحكومة هاني الملقي ووصفه بـ “مصاص الدماء” وقال تحت القبة: “اتق الله في الشعب الأردني.. من استلمت الحكومة والمصايب نازلة علينا”، ولقيت كلمة الحباشنة صدى واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وأظهرت أرقام رسمية تراجعاً في أداء الاقتصاد الأردني في الأعوام الأخيرة حيث سجلت المديونية ارتفاعاً منذ عام 2011 بنسبة 80% حيث وصلت إلى نحو 35 مليار دولار، فيما ارتفعت نسبة البطالة لتسجل 15% وفقا لأرقام رسمية فيما تذهب تقديرات غير رسمية إلى أنها أعلى من تلك النسبة بكثير.
ويلفت خبراء إلى تزايد حالات الانتحار بوصفه مؤشرا على تحولات طرأت على المجتمع الأردني الذي كان من أقل الدول نسبة من حيث الأرقام المتعلقة بالانتحار، إذ لم يزيد عدد الحالات المسجلة عام 1970 عن حالة واحدة.
ويقول أستاذ علم الجريمة في جامعة مؤتة: “إن على الحكومة القيام بدراسة علمية لهذه الحالات والبحث عن حلول لخلق مناخ واقعي يتفهّم نزق المواطن، كما طالب بالالتفاف والتعاون والتوجيه للعاملين والمرؤوسين بضرورة التحلي بالصبر واحتواء نزق المواطن جراء الضغوط الحياتية والاقتصادية وغياب التكافل بين أفراد المجتمع”.
يذكر أن العام الماضي شهد117 حالة انتحار بمعدل حالة انتحار كل 3 أيام ما جعله أعلى معدل في تاريخ المملكة التي تشهد تحولات اقتصادية جعلت قاضي القضاة الأسبق أحمد هليل يوجه كلمة غير مسبوقة يطلب فيها العون من دول الخليج وهي الكلمة التي كلفته مغادرة منصبه.