ةمدار الساعة - كتب د هايل ودعان الدعجة
اللافت في اللقاءات الملكية الاخيرة ، انها جرت في معظمها مع الوسط الاعلامي بشكل مكثف ومتكرر . مما يؤشر الى الاهمية التي يوليها جلالة الملك عبد الله الثاني لهذا القطاع الهام في تأدية دوره ورسالته في تحصين الجبهة الداخلية ، بالمعلومات والحقائق الكفيلة بحمايتها من الاشاعات والاخبار المفبركة ، في ظل حالة الانفلات المعلوماتي التي يشهدها مجتمعنا الاردني ، وصلت حد الفوضى التي اخذت تضرب في كافة اتجاهات الدولة الاردنية ومفاصلها ، مستهدفة المكونات والمؤسسات المجتمعية المختلفة ، بالاتهامات والاساءات غير المسبوقة وغير المعهودة في تاريخ المملكة ، دون ان تستثني احدا من شرورها وفتنها ، حتى انها تجاوزت الخطوط الحمراء ، وطالت الرموز والمؤسسات والاجهزة الوطنية . بما يعكس حالة العتب والغضب وعدم الرضا الملكية من المستوى الذي وصلت اليه الامور وتفاقمها ، لدرجة الاستقواء والتنمر على بعضنا البعض وعلى الدولة . حيث طالب جلالة الملك باتخاذ الاجراءات الحازمة والصارمة ، وتطبيق القانون على الجميع بحزم دون استثناء او محاباة او تردد ، مشيرا الى ان سيادة القانون وهيبة الدولة اولوية ، ولا يوجد احد اكبر من البلد ومصلحته ، التي هي فوق كل اعتبار . ما برر استخدام جلالة الملك لغة خطابية قوية وبليغة في تعبيراتها ومفرداتها في لقائه الاعلامي الاثنين الماضي ، انطوت على رسائل ملكية صارمة وحازمة ، لكل من يهمه الامر في المشهد الوطني ، بضرورة وضع حد لهذه الاساءات والافتراءات ، التي تستهدف جبهتنا الداخلية ونسيجنا المجتمعي وكل ما هو جميل ومشهود لبلدنا التفرد به من هوية وحضور وخصال وقيم اجتماعية حميدة وصورة مشرقة في كل المجالات التي تشكل في مجملها الخصوصية الاردنية ، التي باتت حديث العالم ، وحظيت بتقديره واحترامه على وقع حكمة القيادة الهاشمية ووعي المواطن الاردني وحرفية اجهزتنا الامنية والعسكرية في التعاطي المسؤول مع الاحداث والتحديات ، التي طالما ضربت المنطقة ، وانعكست بارتداداتها وتداعياتها السلبية على بلدنا ، خاصة في السنوات الاخيرة .
ان التحدي الابرز الذي يواجه الاردن في هذه المرحلة الحرجة والحساسة ، التي تشهد انعطافات ( سياسية واقتصادية ) حادة وخطيرة ، يتمثل في وسائل التواصل الاجتماعي ، التي لا تخضع لضوابط ومعايير اعلامية مهنية ، تضبط حركتها المعلوماتية والاخبارية . الامر الذي يجعلها ويحولها الى نقاط ضعف ، كفيلة باحداث اختراقات وثغرات داخلية ، قد تتخذ شكل الاشاعات او التأويلات التي تنخر في جسم الوطن ، وتجعله عرضه لتمرير الاجندات المغرضة ، التي تستهدف الداخل الاردني بالفتن والفوضى . بحيث يتحول بعض المواطنين الى اداة بيد مروجي هذه الاجندات المسمومة عبر هذا الفضاء الاعلامي الواسع والمفتوح على كل الاحتمالات الممكنة والمتوقعة من نشر المعلومات والاخبار المتدفقة من خلاله ، وفقا للغاية المراد تحقيقها من وراء ذلك . وكون التحدي الذي يواجه الاردن هو تحد اعلامي ومعلوماتي ، فان خير من يتصدى له هو الوسط الاعلامي من خلال تواصله وانفتاحه وتنسيقه مع مؤسسات الدولة المختلفة من اجل الحصول على المعلومة الصحيحة والمطلوبة وتقديمها وتوفيرها للمواطنين بموضوعية وشفافية ، حيث ان الاشاعة تتغذي على غياب مثل هذه المعلومة . في تأكيد على دور الاعلام في التصدي للاشاعات وخطاب الكراهية ووضع حد للممارسات السلبية التي يرفضها المجتمع .
ان المسؤولية الوطنية تحتم على مطبخ القرار الاعلامي الاردني ، التعامل بمهنية وجرأة وبحس وطني عال مع الاحداث والتحديات المختلفة ، التي تقتضي حضورا اعلاميا فاعلا ومسؤولا وفي الوقت المناسب ، لاعتماده مرجعية اعلامية موثوقة ، كفيلة بكسب ثقة المواطن . وان لا تترك عند وقوع الاحداث المختلفة ، فراغا اعلاميا ، يمكن ان تستغله او تملأه مصادر اعلامية اخرى ( دخيلة ) تنفيذا لاجنداتها المغرضة في شحن الوضع الداخلي بالفتن والتوترات .
في اشارة الى اهمية دور الجهات الرسمية المعنية في ايجاد مناعة وطنية وتحصين المواطنين من خطر الاشاعات ، للحيلولة دون حدوث ثغرات في جدار ترابطهم وتماسكهم . فاذا كانت المسؤولية في تتبع مصادر الاشاعات ومروجيها تقع على عاتق الاجهزة الامنية ، فان مسؤولية التنبيه والتحذير من مخاطرها تقع على عاتق وسائل الاعلام من خلال التواصل والاتصال المباشر بالمواطنين وتوعيتهم وتثقيفهم عبر تزويدهم بالحقائق والوقائع الكفيلة بتفنيد الاشاعة وتكذيبها وكشف زيفها . فمن المهم جدا ان يكون النسق الاعلامي ( كما النسق الامني ) جزءا من المنظومة المجتمعية من خلال دور الاعلام في تنمية الحس الوطني وتقوية المناعة الوطنية من خطر الاشاعة من البوابة المعلوماتية التي من شأنها تعزيز معرفة المواطن وشعوره بالامان والطمأنينة عبر تزويده بالمعلومث من مصادر موثوقة ، لوضعه بصورة ما يجري حوله من احداث ، حتى لا يكون صيدا سهلا لمروجي الاشاعات .