الأعمال الصالحة والنوايا الطيبة لم تشفع لحكومة الرزاز عند الأردنيين؛ في غضون 100 يوم فقط تراجعت الثقة الشعبية بنحو عشرين نقطة، بعد أن سجلت عند التشكيل رقما قياسيا مقارنة مع حكومات سابقة.
لا يمكن رد هذه النتيجة المأسوية لتقاعس الحكومة عن التواصل أو التعامل مع المشكلات الملحة. رئيس الوزراء على وجه التحديد طالته في الفترة الماضية شبهة الشعبوية، لاهتمامه الشخصي بمتابعة أبسط القضايا، والهموم الفردية للمواطنين.
ظل يتواصل مع الناس عبر مختلف المنصات الإفتراضية والواقعية، ويرد على استفساراتهم. وفي الأسابيع الأولى من عمر حكومته تعامل بجدية مع القضايا العالقة التي أرقت المواطنين، ووضع خطة عمل قصيرة لحلها كملف مرضى السرطان، وتسعيرة المحروقات، وقضايا أخرى مهمة.
وفتح ملف قضية الدخان، واستجاب على الفور لطلب نيابي بالتحقيق. صحيح أن المتهم الرئيس أفلت من التوقيف، لكن معظم المتهمين أصبحوا في قبضة العدالة.
حاور وساجل الجميع، ووعد بخطة تنفيذية لمشروع النهضة، وألزم فريقه بخطط عمل مرتبطة ببرامج زمنية.
وزراء الرزاز فعلوا كل مابوسعهم لمجاراة ديناميكية الرئيس "المحبوب"، نزلوا إلى الميدان فرقا وفرادى، وتحملوا الإهانات في المحافظات.
فما الذي حصل كي تبلغ الحكومة هذه المرتبة؟
التفسير المنطقي في نظر المحللين هو قانون ضريبة الدخل، فبعد أن بانت ملامح القانون الجديد، ظهرت علامات التذمر والخبية على المواطنين، وزاد الطين بلة الانطباعات التي سادت في أوساط الرأي العام بعد جولات المحافظات غير الموفقة.
استطيع القول اليوم إن الحكومة بتلك الخطوة كانت كمن يطلق النار على قدمه، والحديث هنا يطول.
السبب الثاني الذي يمكن إضافته، هو الانطباع الخاطئ الذي ساد في الأوساط العامة عن نية الحكومة تغيير النهج في المئة يوم الأولى من عمرها. لقد خيل للناس أن ما تقوله الحكومة هو برنامج عمل قابل للتنفيذ في ثلاثة أشهر، بينما هو في الحقيقة عناوين لخطط عمل تتطلب أشهرا طويلة من العمل. هنا حدث الالتباس المدمر، ولم تنتبه له الحكومة إلا في وقت متأخر.
الرأي العام بطبعه عجول، وفي الأردن يمكن أن نضيف له صفة أخرى هي أنه متوجس سرعان ما ينقلب على نفسه، ويدير ظهره بسرعة.
هل يمكن وقف التدهور في الشعبية بعد الانتهاء من معركة القانون نهاية العام الحالي؟
الغد