إن الناظر إلى الواقع العربي والاسلامي ليجد بأن أمتنا قد غرقت بشر أعمالها ولم تعمل أي شيء في سبيل صناعة مشروعها الحضاري أو الثقافي الذي يأخذها للمستقبل لتحافظ على كيانها أو تحجز لنفسها مكاناً بين الكبار وبين مشاريع المنطقة
ورغم نداءات الاستغاثة التي نطلقها كمثقفين بعيدين عن الانحياز لهذا الطرف أو ذاك ودعواتنا الدائمة لبناء المشروع الحضاري لإعادة هيبة هذه الحضارة إلا أن صناع السياسة وأرباب الإدارة العامة في دولنا ما زالوا لا يسمعون لنداءاتنا لأنهم تحت تأثير المنافقين والمتنطعين الذي يشوهون صورنا ويقلبون الحقائق لتصويرنا كأشخاص لنا اجنداتنا الخاصة وليبقوا متنعمين بترف السلطة والمكاسبوالله يشهد أن دعواتنا ما هي إلا لمصلحة الأمة وكل الناسونعود دوما إلى المربع الأول من الغوص في رمال الجهل والضياع حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه وعلى كل المستويات الشخصية والوطنية والاقليمية والحضاريةوأمام هذه الشعوب العربية المصابة بالموت السريري والشلل التام والعجز الناخر في عظام الأمة بأكملها،وأمام هذا الانغماس التام من قبل الشعوب في السعي المضني لتحصيل ضروريات الحياة وسد الرمق وتوفير لقمة العيش وتأمين ظروف الحياة في أنظمةٍ سياسيةٍ خاويةٍ على عروشها وآخر همها مواطنيهاهذا الواقع المتأزم، وهذا المخطط الكبير بحجم مؤامرةٍ عالميةٍ تقودها أيادي خفية لا يظهر منها إلا أطراف أصابعها، تدير كل السيناريوهات لمصلحة منظومة الفساد المتأصلة في بدن الأمة.أعود لأسأل أمتي فأقول:إلى متى سنبقى أمام أعداء أمتنا مهزومين وننتظر منهم كل يوم إطلاق وعودٍ جديدةٍ لهم على حساب وجودنا ومستقبلنا وعلى حساب مشروعنا الحضاري ؟!إلى متى سيبقى شطرُ كبيرٌ من أئمتنا وشيوخنا ومن يسمون أنفسهم برجال الدين منشغلون بالتكفير وإخراج بعضهم البعض من الملة، في حين لا يقوى أحدهم على التفكير ولو لمرةٍ واحدة بإطلاق نداءات الوحدة بين الشعوب وإعلان النفير العام لنصرة الإنسانية التي تبادل في غزة ودفع هذه الجموع من الشباب الثائر للمفاهمة في مشروعنا الحضاري ودفع البلاء المستطير عن إخوتنا في فلسطين والسودان والصومال وليبيا وغيرها إلى متى سنبقى منشغلون ببعضنا وعدونا الأوحد يأكلنا واحداً تلو الآخر ويسرح ويمرح في دولنا حتى عده البعض أقرب إليه من شقيقه العربي أو المسلم؟!إلى متى سنبقى في هذا التيه الذي تعدى تيه اليهود أيام سيدنا موسىعلينا أن نستيقظ من سباتنا الذي طال ومن غفوتنا التي استفحلت ومن ضياعنا المفروض علينافتعالوا إلى كلمةٍ سواءٍ بيننا لنقوم بعملية تثقيفٍ شامل مع بداية هذا العام الجديد؛ يشمل كل حياتنا، لنعيد بناء الإنسان، وبناء الأخلاقوتصحيح القيمووضع الأهداف التي تأخذنا للأمام، وتجعلنا قادرين على الوقوف بإنساننا ومقدراتنا ودولنا لتحقيق الطموح بالبقاء وتوفير الحياة الأفضل لأجيالنا القادمةدعونا نقود عملية تثقيف لوأد الجهل وقتل الجمود الكامن في مجتمعاتنا لنتوحد مع قيمنا وأهدافنا وغاياتنادعونا مع بداية هذا العام ننفض غبار اليأس والاحباط ونصرخ بأعلى صوتنا أن لا بد من تغيير حياتنا لنصبح مؤهلين لدخول المستقبلدعونا نحب بعضنا البعض ونتمنى الخير لشعوبنا ونفوت الفرصة على الحاقدين والمتملقين الساعين لتفريقنا ونقول لهم خسئتم يا شراذم البشر ويا خفافيش الظلامدعونا نقرأ خارطة المستقبل بوعي لأن الذين رسموها لم يتركوا لنا موطيء قدم فيها وبالتالي بات من الضروري أن تكون لنا الكلمة سيما ونحن لدينا كل عناصر القوة من مخزونٍ ديني وإرث حضاري وإنسان عربي شاب متقد حماسةً وينتظر من يعلق له جرس التنمية والتقدم ليبدأ مشروعه الحضاريإنني كلي ثقةً بأن كلامي سيجد الآذان الصاغية التي ستسمع وتقرر التحرر من ضعفنا الداخلي ومن صمتنا الذي صار سمة حياتنا ومن الجمود الذي زرعه الإحباط في بواطنناوكلي ثقة بأن هذه الأمة ولَّادةً ولن تبقى على هذا الحال، وكلي ثقة بأن الصبح قريبكل عام وانتم سائرون لصناعة مستقبل أمتنا العظيمةحرب يكتب: ونحن نقلب آخر صفحات عام 2025.. عام الآلام والقطيعة
مدار الساعة ـ