على الرغم من صغر حجمها وقلة مواردها، أثبتت الأردن على مر السنوات أنها دولة من "فولاذ"، حيث نجحت في تأكيد قوتها السياسية والاقتصادية والأمنية في عالم مليء بالتحديات. فعلى الرغم من الاضطرابات والحروب التي تكتنف المنطقة، حافظت الأردن على استقرار داخلي جعلها محط اهتمام العديد من المستثمرين، الذين يعدون من بين الأكثر حرصًا على تأمين استثماراتهم في بيئات مستقرة.
آخر الأرقام المتاحة تدل على أن الاستثمار الأجنبي في الأردن شهد نموًا كبيرًا بنسبة 27.7% في الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، حيث بلغت تدفقات الاستثمار نحو 1.525 مليار دولار، مقارنة بـ 1.194 مليار دولار في نفس الفترة من عام 2024. ويعكس هذا النمو المتسارع مدى ثقة المستثمرين في قوة الاقتصاد الأردني واستقراره.الدول العربية تشكل غالبية هذه الاستثمارات، حيث استحوذت على 62% من إجمالي التدفقات، وفي مقدمتها دول الخليج العربي التي تصدرتها المملكة العربية السعودية، تليها الكويت والإمارات. كما برز العراق كمستثمر رئيسي في المملكة، ما يعكس تنوع الشركاء العرب.من حيث القطاعات، استحوذ قطاع "المالية والتأمين" على الحصة الأكبر من الاستثمارات بنسبة 34.4%، تلاه قطاع الصناعات التحويلية بنسبة 10.7%. كما شهد قطاع العقارات نشاطًا ملحوظًا، حيث استقطب نحو 202.8 مليون دولار من الاستثمارات، ما يمثل 13.3% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية.هذه الأرقام تؤكد أن الأردن ليست مجرد دولة صغيرة في قلب منطقة ملتهبة، بل هي دولة تنعم بالاستقرار الاقتصادي والسياسي، مما يجعلها وجهة مفضلة للمستثمرين. فالاستثمار في الأردن هو شهادة على قوته الداخلية، وقدرته على تجاوز التحديات العالمية والمحلية. وبينما يعاني العديد من جيرانها من أزمات مستمرة، تظل الأردن ثابتة على صعيد الاستثمارات والتعاون الدولي، مما يعكس بوضوح مكانتها القوية بين دول المنطقة.خلاصة القول، قوة الدول لا تقاس بالشعارات ولا بحجم الجغرافيا، بل بقدرتها على "كسب الثقة" في أصعب الظروف وهنا الأردن قدم دليله الأوضح بلغة يفهمها الجميع، وهي لغة الاستثمار، فصاحب المال، كما يقال، جبان، ولا يغامر إلا حيث يجد دولة مستقرة، واقتصادا متماسكا، ونظاما قادرا على حماية المستقبل قبل الحاضر، وفي إقليم مضطرب وعالم متقلب، ثابتا، صلبا، ودولة من فولاذ، تثبت قوتها بهدوء في صفوف الكبار لا بالضجيج، بل بالأرقام.الأردن.. دولة فولاذية
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ