أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الزعبي يكتب: على خط النار بين إسرائيل وإيران.. الإقليم يدفع ثمن سياسة التصعيد


محمد علي الزعبي

الزعبي يكتب: على خط النار بين إسرائيل وإيران.. الإقليم يدفع ثمن سياسة التصعيد

مدار الساعة ـ

يقف الإقليم اليوم على خط نار مفتوح، لا تُشعله الصدفة ولا تحكمه ردود الأفعال، بل تُديره سياسات مدروسة تتقاطع فيها حسابات القوة مع منطق فرض الأمر الواقع، فالمواجهة بين إسرائيل وإيران لم تعد صراع نفوذ تقليديًا، بل تحوّلت إلى أداة لإعادة إنتاج التوتر، وإبقاء الشرق الأوسط في حالة استنفار دائم، في مشهد يقترب تدريجيًا من حافة حرب إقليمية واسعة قد لا يُحسن أحد السيطرة على مآلاتها.

السياسة الإسرائيلية في هذه المرحلة تقوم على مبدأ واضح، منع أي توازن إقليمي جديد، ولو كان ثمن ذلك إشعال المنطقة بأكملها، تل أبيب لا ترى في إيران خطرًا نوويًا فقط، بل ترى فيها عنوانًا لإعادة ترتيب الإقليم خارج معادلة التفوق المطلق، لذلك تدفع باتجاه تصعيد متدرّج، وتوسيع دوائر الاشتباك، وإغلاق كل نافذة قد تُفضي إلى تهدئة سياسية أو تفاهمات دولية تُخفف من حدة الصراع.

ما عُرض على الولايات المتحدة من خطط إسرائيلية لا يهدف إلى “الردع” كما يُروَّج، بل إلى فرض واقع أمني جديد يقوم على استدامة التوتر، واستباق أي مسار دبلوماسي قد يُعيد إيران إلى المشهد الدولي بوصفها لاعبًا معترفًا به، إسرائيل تدرك أن الحرب الشاملة قد تكون مكلفة، لكنها تراهن على أن التهديد الدائم بالحرب، ورفع الجاهزية، وتحريك الجبهات، سيُجبر الجميع على البقاء داخل قواعد لعبتها الأمنية.

إيران، من جهتها، لا تتعامل مع التصعيد الإسرائيلي بوصفه مجرد رسائل، بل كخطة احتواء وعدوان سياسي طويل الأمد، لذلك تتحرك بمنطق الردع المتبادل، وتُمسك بخيوط نفوذ إقليمي متشابكة، تُستخدم لإرسال إشارات تحذير لا لإشعال الحرب، لكن خطورة المرحلة تكمن في أن هذا التوازن الهش قد ينهار في أي لحظة، مع حادثة غير محسوبة، أو ضربة تتجاوز الخطوط الحمراء، فتتحول المواجهة من إدارة توتر إلى حرب إقليمية مفتوحة.

الخليج العربي يقف في قلب هذا المشهد القابل للاشتعال،

فإلى جانب التهديدات الخارجية، تعاني البيئة الخليجية من تباينات سياسية وتوترات صامتة في المواقف والرؤى، خصوصًا في كيفية التعامل مع إيران، ومستوى التنسيق الأمني، وطبيعة العلاقة مع الولايات المتحدة وإسرائيل،، هذه التباينات تفتح ثغرات خطيرة في جدار الأمن الإقليمي، وتُسهِم ولو دون قصد في تسهيل مهمة من يسعى إلى جرّ المنطقة نحو صدام واسع.

القلق الخليجي اليوم ليس افتراضيًا، إنه قلق مرتبط بأمن الطاقة، والممرات البحرية، والاستقرار الاقتصادي، واحتمال تحوّل الخليج من منطقة توازن إلى ساحة مواجهة، وفي حال اندلاع حرب إقليمية، لن تكون حدودها جغرافية، بل ستطال الأسواق، والملاحة، والتحالفات، وربما البُنى الداخلية للدول نفسها.

الولايات المتحدة، ورغم محاولاتها الظهور كوسيط ضابط للإيقاع، تبدو واقعة تحت ضغط إسرائيلي متزايد، يدفعها إلى تبنّي سياسات تُراكم التوتر بدل احتوائه، هذا التردد الأمريكي، بين منع الحرب وعدم فرض السلام، يترك الإقليم معلقًا في منطقة رمادية، حيث يصبح الانفجار مسألة توقيت لا قرار.

المرحلة المقبلة، بكل وضوح، هي أخطر مراحل الصراع منذ سنوات، فمؤشرات التصعيد، وارتفاع منسوب الجاهزية العسكرية، واتساع ساحات الاحتكاك، كلها تنذر بأن المنطقة تقف أمام مفترق حاسم،، إما كبح جماح السياسات التي تتغذى على التوتر، أو الانزلاق إلى حرب إقليمية ستدفع ثمنها الشعوب قبل الجيوش.

في هذا المشهد، لم يعد الصمت فضيلة، ولا الحياد ضمانة، فالتاريخ علّمنا أن الحروب الكبرى لا تبدأ بضربة واحدة، بل بسلسلة قرارات خاطئة، يتوهم أصحابها أنهم قادرون على التحكم بالنار… حتى تخرج عن السيطرة.

مدار الساعة ـ