أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جاهات واعراس جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

العتوم يكتب: الأوكرانية – حرب العجائب


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: الأوكرانية – حرب العجائب

مدار الساعة ـ

يتسرع من يعتقد بأنني كاتب و محلل بإمكاني الأنحياز و التخندق في صف طرف محارب ضد الطرف الأخر المدافع ، أو بالعكس ، وكما أكتب و أقول دائما الحرب الأوكرانية شيوعا ليست حربنا نحن العرب ، و لدينا ما يكفينا بوجود إسرائيل الاحتلالية ، الاستيطانية ، الاستعمارية ، النازية . وجلست أمس السبت 27 كانون الأول 2025 و أنا أشاهد ولفترة طويلة برنامج مسرحي ساخر سابق للفنان الكوميدي فلاديمير زيلنسكي ضمن فعاليات ( كي . في . إن ) و منطقة 95 ، – رئيس أوكرانيا ، أو غرب أوكرانيا المنتهية ولايته منذ عام 2024 في زمن الحرب ، و هو المنتخب عام 2019 ولا يعترف بإنتهاء ولايته بسبب الأحكام العرفية المتعلقة بالحرب ، و تطالبه روسيا و أمريكا بإجراء استفتاء شعبي بضمانات روسية و دولية ،و هو الجاري الان . وعندما قدم إلى السلطة في ( كييف ) العاصمة وعد بسلام مع روسيا الاتحادية جارة التاريخ إلى جانب اتحاد الدول المستقلة . وواجبي المهني الإعلامي الموضوعي و غير المحايد انصاف الجانب الذي فرضت عليه الحرب مثل روسيا ، و اظهار الجانب الذي ورط في الحرب مثل الأوكراني الذي يمثل العاصمة ( كييف ) و أوحاول انقاذه .

لا يصدق الناس في عالمنا العربي حتى الساعة من بدأ الحرب الأوكرانية – الروسية و بالعكس الروسية – الأوكرانية في الأعوام 2014 / 2022 وحتى الان ؟ . و السؤال العريض الذي يطرح وسطها ، هو ، هل كان من الممكن تفاديها بالكامل ؟ و هل من الممكن ايقافها الان و ليس غدا ؟ لقد سجل التاريخ المعاصر بأن الثورات البرتقالية الأوكرانية الاصلاحية تم اختراقها من قبل الغرب اللوجستي و السياسي ، و كذلك انقلاب ( كييف ) الدموي عام 2014 ، خاصة من قبل بريطانيا – باريس جونسون ، و أمريكا – جو بايدن . وتم من قبلهما قنص التيار البنديري المتطرف العائدة جذوره لأتون الحرب العالمية الثانية ، لجدهم بانديرا المحارب في صف النازية الالمانية . و هدف الغرب الأمريكي بطبيعة الحال ليس حماية استقلال أوكرانيا الذي منح لها من قبل الاتحاد السوفيتي بعد قرار تفكيكه رقم 142 / عام 1991 واعترفت الأمم المتحدة به بعد تقديم روسيا بالذات للقرم و الدونباس هديه لها شريطة التزام الحياد و عدم التجذيف تجاه أحلاف معادية مثل ( الناتو ) و ليس تجاه الاتحاد الأوروبي المسموح به و غير الضار،ووفق اتفاقية واضحة . و بالمناسبة وكما أكتب لقد سبق لروسيا – بوتين أن عرضت دخول ( الناتو ) عام 2000 لردم الحرب الباردة و سباق التسلح و قوبل بالصمت ، بينما هدف الحرب الأوكرانية من قبل الغرب ،و خاصة الاتحاد الأوروبي الان هو تصعيد الحرب الباردة و سباق التسلح مع روسيا الناهضة ،و هو المكشوف .

لقد أرادت روسيا لجارتها أوكرانيا التي تجمعها بها الحدود ،و الجغرافيا ، و الديموغرافيا ،و الاقتصاد ، و الموقع الاستراتيجي الهام الاستقرارو التقدم التنموي ، لكن النظام الأوكراني الذي نقل ولايته عبر صناديق الاقتراع من بيترو باراشينكا إلى فلاديمير زيلينسكي ، اختار التطرف ،و ادارة الظهر بالكامل لروسيا ، و سمح للغرب الأمريكي العبث بأوارقه السياسية ،و الدينية ، و اللغوية ،وحتى الاجتماعية ، و أرادوا لأوكرانيا أن تشبه أفغانستان عام 1979 ، و شجعوها على تدمير علاقتها التاريخية مع روسيا ، و على الغاء حضور اللغة الروسية الهامة بالنسبة للأوكران مثل الروس ، وعلى فصل زعامة الدين المسيحي الأرثوذكسي عن قاعدته الدينية في أوكرانيا ، و أفسدوا العلاقات الاجتماعية الأوكرانية – الروسية التي عرفت بتماسكها على الدوام . و أفشلوا اتفاقية ( مينسك – النورمندي عام 2015 ) الداعية لسلام روسي – أوكراني دائم ، و بمشاركة ( روسيا ، و أوكرانيا ، و بيلاروسيا ، و فرنسا ، و بريطانيا ، و ألمانيا ) ،و كذلك ما تعلق بسلام ( أنقرة ) عام 2022، و ( اسطنبول ) عام 2025 ، و استبدلوا السلام العادل الممكن بحرب خاسرة للجانب الأوكراني الغربي و لعموم الغرب . و هي حقيقة لا دعاية مؤقتة .

ووقفت صناديق الاقتراع في ( القرم و الدونباس ) بالمرصاد للعابثين بأمن أوكرانيا لصالح الانضمام لروسيا و لدستورها ، و رفض التعامل مع نظام ( كييف ) ، و توجهه القسري بقبول نتيجة انقلاب عام 2014 ،و بضم شرق و جنوب أوكرانيا بنفس الطريقة و عبر وقوع خسائر بشرية كبيرة ،و تشريد غيرهم . واتضح للرأي العام العالمي بأن الغرب ، و تحديدا ( الناتو ) ، هو من بدأ الحرب ،و حرك نيرانها ، و دعمها ، و أبقاها ولا تزال مستمرة . و تساءل العامة من الناس ، و لازالوا يتساءلون ، لماذا لم تتمكن روسيا من حسم الحرب بسرعة و هي الممتدة منذ أكثر من ثلاث سنوات ؟ وإجابات موسكو – بوتين ،و كذلك واشنطن – ترامب على السؤال هذا ، بأنه كان بالأمكان الأنتهاء من الحرب في غضون أسابيع قليلة ، لكن فانتازيا الاتحاد الأوروبي قررت ديمومة الحرب و اعاقة السلام قدر المستطاع لغايات الحرب الباردة و سباق التسلح . و المفاجأة التي حصلت في المقابل ، و منذ جلسات المملكة العربية السعودية ، و في موسكو بين روسيا و أمريكا ، غيرت بوصلة الحرب تجاه امكانية توقيع سلام روسي – أوكراني بعد ظهور الشرعية الأوكرانية عبر استفتاء شعبي أوكراني تقبل به روسيا ، و تقدم له وقتا كافيا من وقف اطلاق النار .

من عجائب الحرب الأوكرانية ، هو اعتبار روسيا – بوتين لها بأنها تتمتع بطابع خاص لا يؤذي الأوكران الاشقاء للروس ،و لا حتى النظام الأوكرانيا ، و لا زيلينسكي نفسه . و تقدم روسيا ذاتها على أنها ليست إسرائيل المعروفة بعدوانيتها و احتلالها. و حركت روسيا وبقرار رئاسي جماعي العملية الروسية الخاصة الدفاعية ، الإستباقة ، على أنها تحريرية لا احتلالية ، و هو واقع . و تصنف العاصمة ( كييف ) موسكو على أنها احتلالية عدوانية ، و تقصف المدن الروسية بالمسيرات الغربية الصنع التي تتصدى لها روسيا بقوة . و هو التصنيف المعتمد في الاتحاد الأوروبي الحاسد للنهوض الروسي ، و العامل على مدار الساعة من أجل نخر البناء الروسي ،ومنه التكنولوجي المتقدم بتسارع كبير ، خاصة على مستوى السلاح ، و الصناعات العسكرية النووية ، و السلمية كذلك .

الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشينكا ، التي تتمركز بلاده في واجهة روسيا من جهة الغرب ، طرح سؤالا هاما على زيلينسكي و نظامه السياسي ، وهو لماذا الأقدام على افاقة الدب الروسي النائم ، في وقت قدمت روسيا لأوكرانيا كامل التسهيلات في القرم و الدونباس ، و على مستوى الاقتصاد ، و مادة الغاز الهامة بالنسبة لشتاء أوكرانيا و اقتصادها ؟ و لماذا العبث بالمكون السياسي الأوكراني بعدما كان صديقا لروسيا و لمنظومة الدول المستقلة على الدوام ؟ وماذا كسبت أوكرانيا بعد ذلك ، وحتى الان ؟ و هو السؤال نفسه الذي يطرحه الرئيس فلاديمير بوتين ، عندما يقول بأن أوكرانيا تحارب روسيا بسلاح غربي ، و تقدم جنودها للموت في الحرب ،من دون الأخذ بعين الاعتبار لكرامتهم ، بينما هم يدافعون ليس عن مصالح أوكرانيا و إنما عن مصالح الغرب .

الورقة الأخيرة في الحرب الأوكرانية حسمتها روسيا حاليا برفض التعامل مع مقترحات الاتحاد الأوروبي حول الحرب ، و هو الذي يتخذ دورا غير عادل . و تصر على بقاء الحوار السياسي من أجل الوصول لسلام دائم و عادل مع أوكرانيا بأن يبقى مع الولايات المتحدة الأمريكية فقط . و الأمل يبقى معقودا ليس على انتصار روسيا الحتمي في الحرب ، و هي التي لم تبدأها فقط ، و إنما على نجاح توجه تعددية الأقطاب الذي تقوده روسيا بمشاركة أمريكية إلى جانب الصين ، و الهند ، و كوريا الشمالية ، و شرق ، و جنوب العالم . دعونا نراقب المشهد الدولي من هنا.

مدار الساعة ـ