أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

نقد مشروع.. وتشكيك غير منصف


مكرم الطراونة

نقد مشروع.. وتشكيك غير منصف

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ

نقاش جمعني بأحد الأطباء المهمين، اختصر فيه حال المستشفيات في الأردن، وحجم الأخطاء الطبية مقارنة بدول العالم أجمع بقوله "نقد مشروع، وتشكيك غير منصف، والتصنيف الدولي لا يجامل أحدا".

استوقفتني الجُملة، وتساءلت: "ما نسبة الأخطاء الطبية في مستشفياتنا، وما تأثير تسويقها على أنها سمة عامة على وضع القطاع الصحي الأردني، والانطباع الذي سينعكس سلبا محليا وعربيا، وإلى أي مدى نحن منصفون؟".

في سياسة التقييم لأي قطاع، فإن الأحكام لا تعتمد بناء على تجربة فردية، أو انطباع عابر، بقدر اعتمادها على مؤشرات موثوقة، خصوصا تلك المتعلقة بتصنيفات دولية لا تحابي أو تجامل، فهي تصنيفات علمية، من شأنها منح أي دولة الاعتمادية التي تساعد في تطوير السياحة العلاجية، وهو ما تميز به الأردن طيلة عقود طويلة. للعام السادس على التوالي تحصد الخدمات الصحية في الأردن المركز الثالث عربيا، و45 عالميا.

لكن هل هذا يعني عدم وجود أخطاء أو مشاكل في قطاعنا الصحي. بالتأكيد لا، فهناك الكثير من المشاكل والتحديات، كالضغط الكبير على المنشآت الصحية، وتباعد المواعيد، وتجارب سلبية يعيشها بعض المراجعين، وعدم وضوح آليات حماية المريض من الأخطاء الطبية، والتفاوت الواضح بين المستشفيات من حيث عدد المراجعين، وعدد العمليات ونسبة الإنجاز، وهذا يعود لسوء التوزيع وضعف الرقابة على المستشفيات الحكومية، البالغ عددها 32 مستشفى حكوميا، ومستشفى رقميا افتراضيا.

رغم كل هذه التحديات التي يقع أغلبها في المستشفيات، فإن الخدمات الصحية تتمتع بتصنيف دولي متقدم، وفق مؤشرات جودة النظام الصحي، وسرعة الحصول على الرعاية الصحية، وسهولة الوصول للخدمات الصحية، والتكلفة مقارنة بالجودة، وتوفر الأجهزة الطبية الحديثة، والمهارات المهنية للعاملين الصحيين، والرضا عن النظام الصحي.

المؤشران الأخيران هما ما أود الحديث عنهما، حيث تخرج بين الحين والآخر أصوات اعتراض محدودة، تحاول تعميم تجارب فردية على واقع وطني كامل، متجاهلين أن النقد المشروع يكتسب قيمته حين يستند إلى أرقام وسياق عام، لا حين يستخدم للتشكيك في منجزات مثبتة بشهادات دولية، فما إن تشهد مستشفياتنا خطأ طبيا معينا، حتى تخرج الأصوات لتعميم ذلك على واقع القطاع الصحي برمته، ويصبح وجبة للحديث والتأويل والتضخيم.

في الأردن، تعد موازنة وزارة الصحة التحدي الأكبر، ولكنها لم تشكل يوما عائقا كبيرا، حيث بلغ حجم الإنفاق للوزارة في موازنة العام الماضي 770 مليون دينار، فيما ارتفعت بقانون السنة المالية 2026 لتصل إلى 785 مليون دينار، منها 714 مليونا نفقات جارية جلّها رواتب ونفقات تشغيلية، ورغم ذلك فتكلفة تلقي العلاج للمواطن في المستشفيات الحكومية ليست مرتفعة.

في أيلول الماضي، أطلق وزير الصحة الدكتور إبراهيم البدور السياسة والإستراتيجية الوطنية للجودة وسلامة المرضى

2024-2030، والتي تهدف لتعزيز جودة الرعاية الصحية وضمان سلامة المرضى والحد من الأخطاء الطبية والمضاعفات، وتعزيز ثقة المجتمع بالنظام الصحي، بما يسهم في تحقيق التغطية الصحية الشاملة وأهداف التنمية المستدامة.

بالتأكيد نطالب بقوانين وتشريعات تضمن الرعاية الصحية الآمنة، ولا يمكن قبول حدوث الأخطاء الطبية مهما كان حجمها، لكن أن نجعل منها رواية على كل لسان، وكأننا نقول لمن يؤمن بتميز مستشفياتنا وأطبائنا ويقصدنا لتلقي العلاج من الخارج: لا تحضر، فحياتك في خطر، وهو أمر من شأنه أن يضر بالسياحة العلاجية وبسمعة الأردن الطبية. الأردن يحتاج منا لأن نكون أكثر حكمة في التعاطي مع القطاعات الحيوية.

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ