أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات خليجيات مغاربيات دين بنوك وشركات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الشهوان تكتب: تمكين المرأة في الأردن.. من الحماية إلى الشراكة المجتمعية الواعية


د. ريما فهد الشهوان
مستشارة وزير الأوقاف للشؤون الأسرية

الشهوان تكتب: تمكين المرأة في الأردن.. من الحماية إلى الشراكة المجتمعية الواعية

د. ريما فهد الشهوان
د. ريما فهد الشهوان
مستشارة وزير الأوقاف للشؤون الأسرية
مدار الساعة ـ

لم يعد الحديث عن تمكين المرأة في الأردن ترفًا فكريًا أو استجابة لضغط خارجي، بل أصبح ضرورة وطنية تمليها التحولات الاجتماعية، والتحديات الأسرية، ومتطلبات الأمن المجتمعي الشامل. فالمرأة الأردنية لم تكن يومًا هامشًا في بناء الدولة، بل كانت ولا تزال ركيزة في الأسرة، وشريكة في التنمية، وصمام أمان في مواجهة التفكك الاجتماعي والانحراف السلوكي.

إن التمكين الحقيقي للمرأة لا يُختزل في رفع الشعارات أو استنساخ نماذج جاهزة، بل يقوم على بناء الوعي، وتعزيز الكفاءة، وحماية الدور دون تشويهه. فتمكين المرأة لا يعني نزعها من سياقها القيمي، ولا وضعها في صراع مع الرجل، بل يعني تأهيلها لتكون فاعلًا واعيًا في أسرتها ومجتمعها، قادرة على اتخاذ القرار، ومحصنة نفسيًا وقانونيًا واجتماعيًا.

ومن خلال عملي في الشأن الأسري، أؤكد أن المرأة المُمكَّنة نفسيًا هي الأكثر قدرة على بناء أسرة مستقرة، وتربية جيل سوي، والحد من الجريمة والانحراف. فالدراسات الحديثة في علم الجريمة تؤكد أن التفكك الأسري، وضعف الدور التربوي، وغياب الدعم النفسي للأم، تشكل عوامل خطورة مباشرة على الأمن المجتمعي. وعليه، فإن تمكين المرأة هو استثمار وقائي في أمن المجتمع لا ملفًا حقوقيًا فقط.

لقد خطا الأردن خطوات مهمة في تعزيز حضور المرأة تشريعيًا ومؤسسيًا، إلا أن التحدي الحقيقي اليوم يكمن في التمكين الواعي، لا التمكين الشكلي؛ تمكين يوازن بين الحقوق والواجبات، ويُعلي من قيمة المرأة دون أن يضعها في مواجهة مع منظومتها الأسرية أو الدينية. فديننا الحنيف لم يُقصِ المرأة، بل كرّمها أمًا وبنتًا وزوجة وشريكة في المسؤولية، وجعل الاستقرار الأسري أساسًا لنهضة المجتمع.

إن أخطر ما قد يواجه ملف تمكين المرأة هو اختزاله في بعد واحد، أو توظيفه خارج سياقه الثقافي، ما يؤدي إلى نتائج عكسية، أبرزها تفكك الأسرة، وارتباك الأدوار، وخلق صراعات مجتمعية نحن في غنى عنها. فالتمكين الذي نريده في الأردن هو تمكين يعزز الكرامة، والوعي، والمسؤولية، والاتزان النفسي.

من هنا، فإن المطلوب اليوم هو مشروع وطني متكامل لتمكين المرأة، يبدأ من التعليم والتأهيل النفسي، ويمر بالتشريعات الحامية، ولا ينتهي عند تعزيز مشاركتها الاقتصادية والاجتماعية، ضمن رؤية تحترم خصوصية المجتمع الأردني وقيمه الراسخة.

ختامًا، فإن تمكين المرأة ليس معركة ضد أحد، بل هو مسار وعي ونضج مجتمعي، تشترك فيه الدولة، والمؤسسات الدينية، والإعلام، والأسرة. وعندما نُمكّن المرأة وعيًا وقيمة ودورًا، فإننا نُمكّن المجتمع بأكمله، ونؤسس لمستقبل أكثر استقرارًا وعدالة واتزانًا.

د.ريما فهد الشهوان مستشارة وزير الأوقاف للشؤون الأسرية

مدار الساعة ـ