عندما تدار الحروب من خلف الستار فهذا لم يعد السيطرة على العالم تقليدياً عبر احتلال الأرض بل هو عبر امتلاك مفاتيح الثروة والتحكم بروح الحياة ذاتها، فالذي يجري اليوم هو ليس فوضى دولية ولا صراعات معزولة، بل مشروع كوني كامل متكامل للهيمنة على ثروات العالم، أصحابه قوى كبرى ترى في الموارد الطبيعية والغذائية وحتى التكنولوجية والرقمية وسيلة العصر في حكم وليست أدوات اقتصاد.
وهنا تحولت الثروات من وسائل ازدهار إلى سلاح سياسي، النفط والغاز، المياه والقمح، المعادن النادرة والممرات البحرية، كلها أصبحت خطوط اشتباك حقيقية، من يتحكم بها لا يحتاج إلى معارك وحروب، بل يكفيه أن يعطل الإمدادات أو يرفع الكلفة ليخضع القرار الوطني ويعيد تشكيل الاصطفافات كما يرغب، وهذا الذي أدى الى سقوط الاستعمار القديم وحل مكانه الاستعمار الذكي.ان الأزمات التي نراها في كثير من البلدان لم تعد مفاجئة مثل أزمات الغذاء، الطاقة، العملة، المديونية، انها اليوم تستخدم كأدوات ضغط سياسي، فعند تجويع الشعوب، يكسر قوام الدولة، وحين تُستنزف الخزينة، يشترى القرار بثمن بخس، وهذه هي الفوضى الاقتصادية والتي أصبحت جزء من هندسة السيطرة.اليوم وفي هذا الزمن لم تعد الثروات تقاس فقط بما تحت الأرض، بل بما فوقها من البيانات، الذكاء الاصطناعي، البنية الرقمية، منصات التواصل، فمن يسيطر على هذه الأدوات يملك القدرة على توجيه الوعي، وصناعة الرأي العام، وزعزعة الاستقرار دون طلقة واحدة إنها الهيمنة الناعمة، لكنها أشد وأخطر من الاحتلال، وها نحن نرى كثير من الحروب الأهلية والنزاعات الإقليمية ليست سوى ستار وغطاء لإعادة توزيع الثروات، تُستنزف الدول بالصراع ثم تفتح أبواب الاستثمار وإعادة الإعمار بشروط المنتصر الحقيقي وهو الذي بقي خارج النار وأدارها عن بُعد.من هنا يجب أن يكون التحرر والوقاية من الداخل في اقتصاد إنتاجي لا ريعي، أمن غذائي ومائي حقيقي، إدارة وطنية للثروات ووعي شعبي يرفض بيع السيادة باسم التنمية.الزيود يكتب: المشروع العالمي.. السيطرة على الثروات
د. خلف ياسين الزيود
نائب أردني سابق عضو المكتب السياسي لحزب عزم
الزيود يكتب: المشروع العالمي.. السيطرة على الثروات
د. خلف ياسين الزيود
نائب أردني سابق عضو المكتب السياسي لحزب عزم
نائب أردني سابق عضو المكتب السياسي لحزب عزم
مدار الساعة ـ