أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات خليجيات مغاربيات دين بنوك وشركات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الحكومة تبدأ بنفسها


علاء القرالة

الحكومة تبدأ بنفسها

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ

حين تتخذ الحكومة قرارا بإيقاف العمل بالقرارات السابقة التي كانت تلزم بإنهاء خدمات الموظفين الذين أمضوا 30عاما في الخدمة أو استكملوا 360 اشتراكا في الضمان الاجتماعي، فإنها لا تجري تعديلا إداريا عابرا، بل تفتح بابا لمراجعة أوسع لنهج تراكمت آثاره على واحدة من أكثر القضايا حساسية، وهي التقاعد المبكر واستدامة الضمان، فماذا يعني هذا القرار؟.

هذا القرار، في توقيته ودلالاته، يعكس إدراكا متأخرا لكنه ضروري بأن السياسات التي تدار بعقل الأرقام المجردة، دون قراءة اجتماعية واقتصادية معمقة، قد تنتج اختلالات تفوق بكلفتها ما يراد معالجته، فالتوسع "غير المنضبط" في إحالات التقاعد المبكر لم يكن يوما"مسألة فردية"تتعلق بخيارات موظفين، بل تحوّل مع الوقت لعبء هيكلي ضاغط على مؤسسة يفترض أن تكون صمام أمان للأجيال، لا خزانا يستنزف قبل أوانه.

اللافت في هذه الخطوة أنها تبدأ من داخل الجهاز الحكومي نفسه، حيث كانت بعض القرارات السابقة تدفع باتجاه إخراج خبرات تراكمت عبر عقود تحت عنوان إتاحة الفرص وتخفيف الكلف، بينما النتيجة كانت تسريع خروج الكفاءات بشكل سريع وغير منظم، "وضخ أعداد" إضافية إلى مظلة التقاعد المبكر، دون معالجة "جذور الخلل" في سوق العمل او بنية الرواتب والمسارات الوظيفية.

إيقاف العمل بهذه القرارات لا يعني "التراجع عن الإصلاح"، بل على العكس، هو إعادة توجيه له، فالإصلاح الحقيقي لا يكون بدفع الناس إلى خارج الخدمة قسرا، ولا بتحميل الضمان أعباء إضافية، و"يعيد تنظيم" العلاقة بين العمل والتقاعد وببناء مسارات مهنية مرنة توازن بين حق الموظف وحاجة المؤسسة وقدرة منظومة الحماية الاجتماعية بالاستمرار.

كما أن في هذا القرار رسالة سياسية وإدارية مهمة، تكمن في انه وحين تريد الدولة معالجة تشوه ما تكون مطالبة بأن تبدأ بنفسها، وأن تختبر سياساتها على أرض الواقع قبل تعميمها، وأن تعترف حين يتبين أن المسار السابق لم يكن موفقا الامر الذي يجعل هذه المقاربة، إن استكملت سببا لاعادة الثقة بالقرارات العامة، وتؤسس لنقاش وطني أكثر نضجا حول مستقبل التقاعد والعمل.

خلاصة القول، الخطوة الأولى أخذت، والسؤال الذي سيبقى مطروحا، هل ستترجم هذه المراجعة إلى سياسات أعمق،أم ستبقى بحدود المعالجة الجزئية؟ غير ان الأيام القادمة وحدها ستجيب، لكن الأكيد أن البداية هذه المرة جاءت من المكان الصحيح ومن الحكومة نفسها هذه المرة.

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ