أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

العتوم يكتب: تحولات الدولة الروسية


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: تحولات الدولة الروسية

مدار الساعة ـ

على المستوى السياسي ، و الاجتماعي ، و الثقافي ، والاقتصادي ، عبرت روسيا تحولات ،و تقلبات عديدة سجلها التاريخ ، و لازال يسجل . و أول مداميكها المرحلة القيصيرية ،و الانتقال من سلالة روريك إلى سلالة رومان ، و توسيع الرقعة الجغرافية تجاه سيبيريا بهدف الشروع ببناء الامبراطورية الروسية . ومن أجل هذا اصطدمت مع السويد ،و العثمانيين ، و بولندا مبكرا . وفي عام 1547 تقلد ايفان الرابع لقب القيصر و الدوق الأكبر لكل روسيا . و لم يكن النظام القيصري حينها عادلا مع شعوب روسيا ، على المستووين الاجتماعي و الاقتصادي على الاقل ، فكان الفقر منتشرا ،و البطالة كذلك ، و شكلا معا شرارة لتحولات كبيرة و أكبر إلى الأمام . و تحجج القياصرة وقتها بكبر حجم جغرافيا الدولة القيصرية الروسية ،و بضعف اقتصادها ، لذلك ذهبوا وفي مقدمتهم القيصر الكسندر الثاني ، وهو الذي كان ملكا لبولندا أيضا ،والدوق الأكبر لفنلندا ، إلى المجازفة ببيع إقليم ( الاسكا ) للولايات المتحدة الأمريكية عام 1867 ،و تعرض لمحاولة اغتيال عام 1880 ،و اغتيل عام 1881 ، و السبب يقرأ من عنوانه الذي تحدثنا به هنا أعلاه .و في المقابل استمعت لحديث جاء به مستشار رئيس روسيا الاتحادية - فلاديمير ميدينسكي العام الحالي 2025 ، يؤكد تأجير الاسكا لمائمة و ستون عاما ، و بأنه لم يتم بيعها ،وهو الموضوع المحتاج لتدقيق ،و تأكيده من الطرفين الروسي و الأمريكي ،و من زاوية القانون الدولي .

الإرث الثقيل للأمبراطورية الروسية دفع بإتجاه عودة المفكر و الثائر فلاديمير لينين لفكر كارل ماركس و فريدريخ انجلز و كتاب رأس المال ، بهدف نشر الاشتراكية أولا ، و الوصول لمرحلة الشيوعية المتقدمة ،و جاءت الثورة البلشفية عام 1917 فبنت الاتحاد السوفيتي طوعا الذي ضم خمس عشر دولة شرقية ،ومنها السلافية ،و القفقاسية ،و لتمكين النجاح في بناء الاشتراكية القادرة على بناء البنية التحتية الاجتماعية و الاقتصادية السوفيتية تحت مظلة الحزب الشيوعي الحاكم ، لكن الشيوعية – النظام الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي - لم تبنى ، و التي عنت المساواة أكثر، و الغاء العملة الوطنية حتى . و انهار الاتحاد السوفيتي بقرار مجلس السوفييت الأعلى 142 بوجود شكلي حزبي شيوعي ، و بناء اشتراكي واسع الانتشار .و ساهم ميخائيل غوربا تشوف في الانهيار ، وكاد بوريس يلتسين أن يكرر المشهد مع روسيا .

وقادت روسيا السوفيتية البناء السوفيتي ، و ردت على ظهور القوة النووية الأمريكية عام 1945 مع نهاية الحرب العالمية الثانية و خروجها عن منظومة الاخلاق و الأنسنة بقصف اليابان نوويا من غير وجه حق ، رغم انتهاء الحرب الثانية بفوز كاسح للسوفييت على النازية الألمانية بعد رفع العلم السوفيتي فوق الرايخ ( البرلمان ) الألماني عام 1945 ، وضم جزر الكوريل اليابانية الأصل ( كوشانير ، و إيتوروب ، و هامبوماي ، و شيكوتان ) ، بإنتاج قوة نووية مماثلة عام 1969 ، و فككت حلف (وارسو) عام 1955 رغم استمرار حلف ( الناتو) منذ عام 1949 حتى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي .و عرضت روسيا عام 2000 في بداية عهد الرئيس فلاديمير بوتين على الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون دخول ( الناتو ) للجم الحرب الباردة و سباق التسلح ، قوبل طلبها بالصمت للمحافظة على سلطة احادية القطب . و المعروف ، هو بأن الاتحاد السوفيتي سبق له و أن منع أمريكا و( الناتو) من الهبوط في أفغانستان عام 1979 ، فكيف يتوقعون أن تسمح روسيا المعاصرة في عهد الرئيس الفولاذي فلاديمير بوتين لهما بالاقتراب من حدود روسيا ، ومن أوكرانيا التي تعتبرها جارة الجنوب ، وتعتبر شرقها و جنوبها روسية الأصل، إن لم تكن كلها . وكلما استمرت الحرب الأوكرانية حسب تصريح حديث للرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشينكو ، فإن أوكرانيا ستختفي عن خارطة الأرض .

في الأدب الروسي ، عند دوستويفسكي ، و ليرمانتوف ، و قوقل تبرز الشخصية الروسية بصفتها تقبل المعاناة ، و التحدي ، و التضحية والفداء ، و البحث عن الحقيقة وما وراءها . و الحياة الاجتماعية و الاقتصادية وسط الطبقة الفقيرة المتلاحمة مع المتوسطة العاملة في المصانع ، هي محرك التغيير السياسي كما الاقتصادي . و طبقة الأوليغارج الثرية ، و الشباب الروسي الجديد، هم من نقلوا التوجه الروسي تحديدا من الاشتراكية إلى الرأسمالية و البرجوازية ،و ربما أرادت العاصمة الأوكرانية ذلك أيضا وسط ثوراتها البرتقالية الاصلاحية ، لكن الغرب اللوجستي وفي مقدمته البريطاني و الأمريكي ركب الموجه للتوجه بأوكرانيا ليس تجاه الاتحاد الأوروبي فقط ، و هو المشروع بالنسبة لروسيا ولعموم الدول المستقلة ، و لكن تجاه التحالف مع ( الناتو ) المصر على عداءه لروسيا الناهضة رغم عدم استهداف روسيا له ، و للاتحاد الأوروبي ، وهي حقيقة لا خديعة .

لقد نجح الاتحاد السوفيتي في اثبات جبروته في مواجهة الحرب الباردة و سباق التسلح ، وواجه حلف الناتو ،ومنع دخوله أفغانستان عام 1979 . و كررت روسيا – بوتين المشهد ذاته بمنع( الناتو) من الاقتراب من الحدود الروسية ، ومن اجتياح الجغرافيا الأوكرانية ، و تحديدا من القرم حيث يرابط الاسطول الروسي النووي العملاق ، ومن الدونباس – سلة اقتصاد روسيا من جهة الجنوب . و الحرب الأوكرانية برمتها في الأعوام 2014 – 2022- 2025 ، و المرشح استمراها في العام 2026 ، مؤامرة للغرب ، و الهدف التحرش بسيادة روسيا و ليس المحافظة على سيادة أوكرانيا التي منحها لها الاتحاد السوفيتي بقيادة روسيا العظمى إلى جانب تقديم القرم و الدونباس هدية لها لم تتمكن من المحافظة عليها .

وكلنا نعرف بأن الاتحاد السوفيتي بزعامة روسيا منح ربط استقلال أوكرانيا بضمانة أمنية للدول المستقلة تصدرتها اتفاقية تفكيك الاتحاد السوفيتي عام 1991 التي اشترطت الحياد ، و عدم الذهاب لتوقيع تحالفات معادية غير مشروعة، وفي مقدمتها مع ( الناتو) .وجاءت العملية العسكرية الروسية الخاصة التحريرية ، الدفاعية، الاستباقية عام 2022 ، ردة فعل على حرب افتعلها الغرب ،وزج بها نظام العاصمة ( كييف ) الذي تضرر منها كثيرا. و قدم الجانب الروسي الشهداء ،و قدم الجانب الأوكراني الغربي شهداء أكثر . و غرر الغرب بنظام زيلينسكي عبر المال الوفير ، و الاسلحة ،و الألغام ، و المسيرات ،ومنها كبيرة الحجم . و سار مشروع السلام بمحاذات الحرب عبر اتفاقية ( مينسك – النورمندي 2015 ) ، و عبر أنقرة 2022 ، و عبر اسطنبول 2025، و تم احباط كل مشاريع السلام بعد تدخل الاتحاد الأوروبي فيها مباشرة بقيادة ( بريطانيا ، و فرنسا ،و المانيا ، و بولندا ) .

الان، و بعدما فشلت محاولات الغرب الذي انفكت أمريكا سياسيا عنه في السيطرة على الوديعة المليارية الروسية التي تتجاوز المائتي مليار دولار ، بقوة القانون الروسي ، بدأ يمارس الخديعة مجددا ضد روسيا من خلال الالتفاف عليها لكي تدفع تعويضات عن حرب لم تبدأها ، و أقصد الأوكرانية ، و إلا ، فإن الاتحاد الأوروبي الذي اقترض من البنوك ( 90 مليار دولار) لأسناد حرب غرب أوكرانيا على روسيا ، سيتوجه إلى استخدام الوديعة الروسية المالية بطريقة غير شرعية تشبه الكاوبوي ،و التظاهر بأن أوروبا تمارس الشرعية ،و تدافع عن استقلال أوكرانيا ذات الوقت ، في زمن رفضت فيه شرق و جنوب أوكرانيا ، و عبر صناديق الاقتراع الانضمام لكييف العاصمة ،و رفضت انقلابها عام 2014 . دعونا نواصل متابعة المشهد الدولي من هنا .

مدار الساعة ـ